ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الخاص بالسودان جزء من المشكلة وليس جزء من الحل

بقلم: رائد فوزي

Ra'ed Fawzi I. Ihmoud.jpg
  • بقلم: رائد فوزي احمود
  • باحث ومدير عام معهد العالم الثالث للبحوث والدراسات

في تقرير سابق تحدثنا عن كون ممثل البعثة الدولية الخاصة في السودان، بيرتس فولكر، اصبح جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل؛ وقد اكد ذلك تطورات الاحداث خلال الأيام الماضية في اعقاب سريان الهدنة التي توصلت لها السعودية والولايات المتحدة الاثنين الماضي والتي شهدت اختراقات بين الفينة والأخرى مع تحميل الطرفين مسؤولية الاختراق وهو ما رفضته القوات المسلحة التي اتهمت المبعوث الدولي بعدم نزاهته في تحديد الطرف الذي خرق الهدنة في بعض المناطق؛ وقد تفاقم الامر بصورة ملحوظة بين القوات المسلحة او المكون العسكري وبين البعثة الدولية، مع احاطة فولكر الأخيرة في مجلس الامن حول الاوضاع في السودان التي اتهم فيها الطرفين في تعمد خرق الالتزامات التي جاءت باتفاق الهدنة بدون ان يشير بصورة واضحة الى خروقات كانت القوات الدعم السريع قامت بها.

يشار الى ان الأخيرة متحالفة او تحالفت مع شريحة واسعة من القوى المدنية التي يمثلها المجلس المركزي من قوى الحرية والتغيير وهي قوى يثار حولها شكوك عديدة نظرا لحالة الصمت التي اعترت أطرافها في رفض توجيه الاتهام لقوى الدعم السريع مع تحميل الجيش وقواته المسلحة المسؤولية إزاء تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد قبل الانفجار اشتعال الاحداث الأخيرة في الخامس عشر من نيسان الماضي.

موقف فولكر يعكس اهتمامه منذ البداية نحو نقل السلطة الى المدنيين باي ثمن ممكن؛ حيث كان ذلك جوهر مقاربته للازمة السودانية منذ تسلم شؤون البعثة؛ إذ حرص على ممارسة شتى أنواع الضغوط على القوى المسلحة والحركات العسكرية المؤتلفة معها، لغاية نقل السلطة الى حكومة مدنية حتى بدون ادنى اكتراث الى طبيعة وبرامج هذه القوى المدنية ومدى تمثيلهم للشعب السوداني ومصالحه؛ وهو ما اثار حفيظة ليس فقط الجيش السوداني بل والحركات المسلحة التي اثرت منذ الازمة الأخيرة الى اتخاذ موقف وسط بدون التورط بالأعمال الحربية نظرا لحساسية المناطق القبلية التي ينتشرون فيها واليت تضم مختلف القبائل التي تشكل عماد وعناصر القوى المسلحة ومنها الدعم السريع، وعليه اثروا أي الفصائل المسلحة عدم الانزياح الى أحد طرفي الصراع مع ميل الى تفهم موقف القوات المسلحة، إذ أنهم اشتكوا مرارا من تأثير اطراف خارجية في إدارة كفة الصراع في السودان وخصوصا خلال مرحلة التفاوض التي انتهت او كادت تنتهي نحو الوصول الى اتفاق اطار سياسي ينقل الجميع الى مرحلة انتقالية تنتهي الى انتخابات عامة في البلاد.

كما ان قوى مدنية أخرى كالميثاق الوطني، وجدوا ان حراك المبعوث الدولي ويونامنتس عموما لم يكن نزيها بتحميل العسكر جزء او كامل مشاكل السودان او الانغلاق السياسي الذي جرى في اعقاب الانقلاب على حكومة نظام الإنقاذ السابق مع انزياح بدون قيود تذكر نحو القوى المدنية التي لم تأتي حتى عبر الانتخاب وجلها كان يقيم في الخارج؛ حيث لوحظ خلال فترة مفاوضات التوصل لاتفاق الاطار السياسي الأخير ان المبعوث الدولي كان يطمح الى نقل السلطة للمدنيين باي ثمن كان حتى لو كان هناك اعتراض كبير ليس فقط من الجيش بل ومن قوى مدنية وجدت بحراك المبعوث الدولي تهميشا وابعادا لها.

الانتقادات الأخيرة للمبعوث الدولي للسودان من جانب القوات المسلحة رفضها أطراف خارجية عديدة منها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الذي أعاد تأكيد دعمه لمبعوثه إزاء الانتقادات حيث أشار الجمعة 26 ايار، ان "ثقته الكاملة" في الممثل الأممي إلى السودان فولكر بيرتس، وذلك رداً على طلب رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان باختيار مبعوث جديد بدلاً من بيرتس. وعبر جوتيريش، حسبما ورد في بيان صادر عن الأمم المتحدة، عن "شعوره بالصدمة"، إزاء طلب رئيس مجلس السيادة السوداني.

في سياق متصل أكد مصدر دبلوماسي بالأمم المتحدة في تصريحات صحفية أن غوتيريش تلقى رسالة من بعثة السودان تطالب باستبدال الممثل الأممي. كما قال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إن غوتيريش "مصدوم" من رسالة البرهان، وإنه فخور بالعمل الذي يقوم به ممثله الخاص للسودان ويعيد التأكيد على ثقته الكاملة به.

وطالب عبد الفتاح البرهان القائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية ورئيس مجلس السيادة في رسالة موجهة للأمين العام للأمم المتحدة باستبدال المبعوث الأممي للسودان فولكر بيرتس؛ لأنه يشكل مصدر انعكاسات سلبية تجاه الأمم المتحدة، ولا يساعد بتنفيذ تفويض يونيتامس.

وقال مصدر دبلوماسي سوداني بان السودان طلب من الأمين العام للأمم المتحدة إبعاد ممثله بالسودان فولكر بيرتس لأنه قدم انطباعا سلبيا عن دور المنظمة الدولية وحيادها، وفقا لوسائل الإعلام السودانية. وأضاف البرهان في رسالة للأمين العام الأممي: بيرتس مارس التضليل في تقاريره بزعمه أن هناك إجماعا حول الاتفاق الإطاري، وما كان لحميدتي أن يتمرد لو لم يجد إشارات تشجيع من أطراف بينها بيرتس، ونطلب اختيار بديل لبيرتس حفاظا على العلاقة بين الأمم المتحدة والسودان.

عمان-الأردن

[email protected]

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت