- معتز خليل
فجر يوم السبت الموافق الثالث من يونيو وقعت حادثة وصفها الكثير من المراقبون بالمروعة في منطقة الحدود المصرية الإسرائيلية، وهو الحادث الذي أسفر عن مصرع عدد من العسكريين الإسرائيليين والإعلان عن حالة استنفار عسكرية قصوى في عموم المناطق الحدودية الإسرائيلية مع مصر.
ما الذي يجري؟
الصحف المصرية بمختلف توجهاتها حرصت على عدم الحديث عن هذه القضية، مكتفية بوضع بعض من الأخبار الصغيرة التي تحاول دعم الرواية المصرية الرسمية والعسكرية، وهي الرواية التي تقوم على أن ما جرى نجم عن مطاردة أحد عناصر الجيش المصري لمهربين في منطقة الحدود، غير أن هناك بعض من النقاط الغير مفهومة التي دفعت بالجندي إلى الاشتباك مع عدد من العسكريين الإسرائيليين، وهو ما أسفر عن مقتل ٣ عسكريين إسرائيليين.
وصباح اليوم تم إرسال بعض من النتائج المبدئية بشأن التحقيق الذي قام بها الجيش الإسرائيلي حول الحادث، وهي النتائج التي كام ملخصها ما يلي: في فجر يوم السبت الموافق الثالث من مايو قام فرد أمن مصري بعملية كان مخطط لها مسبقا، وهو ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين قرب الحدود المصرية الفلسطينية .
وقال التحقيق المبدئي ما يلي: إن الجندي المصري الذي نفذ هجوم الحدود المصرية سار حتى مسافة خمسة كيلومترات من موقعه، ومن ثم تسلق أحد المرتفعات الصخرية ووصل إلى السياج، وكان على ظهره حقيبة بها معدات وستة مخازن ذخيرة وسكاكين كوماندوز، بأحد السكاكين قطع القفل الذي غلق به فتحة السياج، ودخل إسرائيل واقترب من موقع الجنود دون أن يتم التعرف عليه وفتح النار.
وقد عرف الجندي المصري كيفية الوصول إلى تلك النقطة ويبدو أنه خطط لمسار التسلل وعرف موقع الجنود الذي يبعد حوالي 150 مترًا عن باب الطوارئ في السياج.
وقد وقع إطلاق النار الأول بعد السادسة صباحًا، وكان آخر اتصال بالجنود بعد الساعة الرابعة فجرًا، ووصل رئيس الوحدة لتغيير المناوبة قبل الساعة التاسعة واكتشف الصورة.
تم التعرف على وجود الجندي المصري على عمق حوالي كيلومتر ونصف في داخل " واتخذ من الحجارة الكبيرة ساتراً لنفسه.
وفي المواجهة الأولى بعد الساعة 11:00 بدأ إطلاق النار الذي نفذه وأصابه ضابط السرية من مسافة 200 متر، وفي المواجهة الثانية هاجمه الجيش الإسرائيلي وقتله.
الجندي المصري- حسب تحقيق الجيش - كان مستعدا لتنفيذ الهجوم بخطة مسبقة تضمنت السير مسافة 5 كيلومترات من الأراضي المصرية من موقعه، وتسلق الجرف وصل بدقة إلى فتحة السياج بمسافة 150 مترا
وبتحليل ما قاله التحقيق المبدئي الإسرائيلي يمكن الانتباه إلى ما يلي :
1- إن العملية كان مخططًا لها في السابق وهو ما يفرض إمكانية وجود عناصر عسكرية مسلحة مصرية أخرى كانت تعرف ما الذي ينوي هذا المجند القيام به .
2- التحقيق الإسرائيلي يشير إلى آن حقيبة الجندي كان بها معدات وستة مخازن ذخيرة وسكاكين كوماندوز ، وبالتالي هيا يفرض بعض من التساؤلات ومنها :
أ- كيف حصل الجندي على هذه الذخيرة الكاملة معه والمفترض بحسب القواعد العسكرية المصرية إن الجندي لا يحصل على هذه الكمية من الذخائر إلا باتفاق وتعليمات من القيادة العليا؟
ب- هل عرفت قيادات الموقع الحدودي بأمر هذه الأسلحة التي معه؟
3- هناك إخفاق في عمل جهاز المخابرات العسكرية المصري، والذي يفحص نفسيا واستخباراتيا الجنود ممن يخدمون على الحدود ، حتى لا يتم التورط في عمليات أمنية مثل التي وقعت بالأمس .
4- البارز وراء كل هذا هو وجود طرح إسرائيلي الآن يشير إلى توجس إسرائيل من إمكانية وجود عناصر تتبع تنظيم داعش آو الجماعات الإرهابية في أروقة الجيش المصري، وهو ما تجلى مع هذه العملية التي قام بها المجند المصري والسؤال الآن....كم جندي مصري حاليًا مقتنع بما قام به الجندي بل ويؤيده بل ويناصره؟ .
5- هناك الآن حالة من القلق الإسرائيلي من الجندي المصري الواقف عبر الحدود ، وما هو الضامن من أن يقوم آخرون بمثل ما قام به هذا الجندي.....خاصة وأن اختيار العسكريين ممن يخدمون عبر الحدود يمثل أهمية ويتم بانتقائية من المفترض إنها متميزة؟
6- هناك تحقيقات تتم الآن في القيادة الحدودية التي خرج منها هذا الجندي المصري، ويبدو أن هناك اقتناعا مصريا وتسليما بوجود خلل واضح في عمل هذه الوحدة، بل واعتبار أن إسرائيل عدو ويجب قتل عسكرييها، وهو ما حصل للجندي الذي يبدو أن قياداته كانت تعرف سلوكه ومطلعه عليه .
7- ترك عسكري كاره لإسرائيل وراغب في قتل جنودها عبر الحدود المصرية الإسرائيلية مزودًا بالأسلحة هو خطأ استراتيجي دقيق، وهناك في الجيش المصري من يعرف ذلك تماما.
القيادات الأمنية
عموما بات من الواضح إن قيادات العمل الاستخباراتي في "إسرائيل "تنظر وبقلق لما يجري عبر الحدود في إسرائيل ، حيث ينظرون بقلق لعدم اكتراث المصريين بما حدث على الحدود، وخاصة وأن الرواية المصرية تخالف التحقيق الذي عرضه الجيش الإسرائيلي والذي يشير إلى أن الجندي المصري قصد تنفيذ هذا الحدث عن نية مبيته.
وتقول سمدار بيري محررة الشؤون العربية في صحيفة يديعوت أحرونوت إن ما يقلق الإسرائيليين أكثر حاليا هو تجاهل الرئيس المصري الحديث عن الحدث حتى إنه لم ينبس ببنت شفه حوله، حيث كان مشغولاً بلقاء زوجة بايدن، و ما زاد من قلقهم حجم التفاعل العام سواء المصري أو العربي مع ما قام به الجندي المصري .
سمدار بيري الكاتبة في يديعوت احرونوت اعتبرت ما سلف ذكره ليس صدفة، وحاولت بطريقة او بأخرى ربط الامور ببعضها واستحضار تطور العلاقة بين مصر وإيران الى المشهد، وكيف ستسير "إسرائيل" مستقبلاً ضمن هذا المشهد وخاصة بعد افتتاح السفارات المتبادلة بين القاهرة وطهران مستقبلاً.
تقديرات إستراتيجية
غير آن ما يجري سيكون له الكثير من التداعيات الاستراتيجية اللافتة، ومنها مثلا إن إسرائيل وبغض النظر عن موقفها الحالي من مصر ستطالب بتعويض عن مقتل عسكريها ، خاصة وآن الجندي القاتل هو من العناصر النظامية التي تعمل في الجيش ، وبالتالي فإن قيامه بهذه العملية جاء وهو في مهمة عمل رسمية، وهو ما يعقد الموقف ضد مصر.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت