- بقلم رئيس المجلس التشريعي بالإنابة د. أحمد بحر
انتظر الكثيرون سقوط أردوغان ليؤسسوا مسارا جديدا ودولة جديدة تتنكر للقيم والمبادئ، وتتماهى مع الغرب ومشاريعه العنصرية في إزهاق روح الانتماء الديني والقيمي في نفوس أبناء الشعب التركي العظيم، فخاب أملهم وبار سعيهم وتلقوا الصفعة الأعنف التي أعادتهم إلى وعيهم، وأكدت لهم حقيقة الشعب التركي الوفيّ وانحيازه لرسالة الحق وللنهج الصادق الذي يعبّر عن قيم وثوابت الأمة.
لكن دوّى انتصار تركيا حين فاز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة بعد معركة انتخابية حامية الوطيس حاولت فيها الإدارة الأمريكية وعموم أوروبا وحلفاؤهم إسقاط الزعيم التركي الذي تمسك بالقيم الدينية والأخلاقية، ولم يتخلَّ عن واجباته تجاه أمته ومحيطه العربي والإسلامي، وشكّل سدا منيعا أمام محاولات اختراق الثقافة والقيم الأصيلة التي كرّسها حزب العدالة والتنمية على مدار عقدين من الزمن.
نتقدم باسم شعبنا الفلسطيني بخالص التهاني والتبريكات من الشّعب التركي الشّقيق بمناسبة انجاز هذا العرس الديمقراطي ونجاح الانتخابات الرئاسيّة والبرلمانيّة، ونخص بالتهنئة الرئيس رجب طيّب أردوغان، آملين مواصلة الجمهورية التركية بقيادته مواقفها التاريخية الأصيلة في نصرة قضايا الأمة العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وإن تركيا في عهد اردوغان يعيد لدى الوجدان الفلسطيني الخلافة العثمانية، والدور المهم والمركزي لتركيا في دعم واسناد القدس والقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، لاسيما أنها صنعت تحالفات واستراتيجيات عمل مع معظم القوى المؤثرة في العالم، وأعادت تركيا إلى امجادها السابقة في لعب دور المحور في الكثير من القضايا الدولية.
كما أن الدعم التركي لغزة قائم منذ الولاية الأولى لتولي اردوغان الحكم، وليس عنا ببعيد سفينة مرمرة التي قدم فيها الشعب التركي الشقيق الشهداء لتختلط مع دماء شعينا الفلسطيني دفاعا عن القدس وفلسطين.
ونعلم أن هذا الدعم نابع من فهم ووعي تركي بقيادة اردوغان بأهمية القضية الفلسطيني والقدس في القلب منها، وهذا ما يدعونا للتفاؤل بنصرة قضينا الفلسطينية والعمل الجاد على كافة المستويات لتحرير القدس من دنس الاحتلال الصهيوني.
وسبق فوز اردوغان في تركيا، انتصارات متوالية في جامعتي النجاح وبيرزيت، للحركة الإسلامية التي ترفع شعار المقاومة ونبذ التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتتبنى نهجا وطنيا يدعو إلى خدمة الصالح العام وتدشين الشراكة الوطنية بين المجموع الوطني العام، على مستوى المعاهد والجامعات، والنقابات، والبلديات والسلطات المحلية، ومؤسسات النظام السياسي، اليوم انتصر نهج الشهداء والجرحى والأسرى، نهج المقاومة الباسلة، انتصر بجدارة واستحقاق، وقدّم نموذجا وطنيا فريدا.
ما جرى في جامعتي بيرزيت والنجاح بالضفة يفسر، بما لا يدع مجالا للشك، سبب خشية وتخوّف السلطة الفلسطينية وحركة فتح من إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني، تحاشيا للخسارة والنتائج المتوقعة للعملية الديمقراطية التي تحمل انحياز الشارع والمجتمع الفلسطيني لنهج المقاومة ومواجهة الاحتلال.
وختاما.. فإننا إذ نؤكد أن فوز الكتلة الإسلامية في الانتخابات الطلابية والنقابية يشكل امتدادا لفوزها سابقا في انتخابات المجلس التشريعي عام 2006، وما حققه هذا الانتصار من آثار إيجابية واسعة على المستوى الوطني والاجتماعي، فإننا نتطلع في الوقت نفسه إلى أن يكون فوز الرئيس أردوغان المظفر فاتحة لمرحلة جديدة تنشر خلالها الدبلوماسية التركية أشرعتها الطيبة في عموم المنطقة، بما يهيئ مستقبلا أفضل للشعب التركي الشقيق، ودعما أقوى للقضية الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني خلال المرحلة المقبلة.
ومن فوز إلى فوز، ومن نصر إلى نصر بإذن الله.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت