ديوان " نداء من القلب" للشاعرة دولت الجنيدي في اليوم السابع

بقلم: ديمة السمان

غلاف ديوان نداء من القلب.jpg

ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية ديوان "نداء من القلب" للشاعرة دولت الجنيدي.

يقع الديوان الصادر عام 2023 في سبعين صفحة من القطع الصغير، ويضم تسع عشرة قصيدة بين الفصحى واللهجة المحكية.

افتتحت الأمسية مديرة النّدوة ديمة جمعة السّمان، فقالت:

بداية، نبارك للشاعرة دولت الجنيدي باكورة اصداراتها: ديوان "نداء من القلب".

 نداء انطلق من القلب إلى القلب... فأصاب الهدف.

" نداء من القلب" ديوان ضم تسع عشرة قصيدة جمعتها الشاعرة الثمانينية دولت الجنيدي في أول إصدار لها، يقع في سبعين صفحة من القطع الصغير.

كان الاهداء يحمل كل معاني الحمد والشكر لخالق الخلق.. وإلى جميع من يحب الشعر ويقدره، وإلى كل حبّة تراب من ثرى فلسطين الحبيبة محور حياتنا.

 أهدته لروحَي من أوصى الله بهما الرحمة: إلى الوالدين.. ولم تنس من علّمها الحرف، إذ خصت معلمي اللغة العربية تحديدا بإهداء خاص، فهم من جعلها تحبّ اللغة وتبدع بصياغة الحرف.

وإلى الزوج الشاعر د. عز الدين أبو ميزر أيضا، إذ كانت له الحصة الكبرى، فهو شريك العمر.. وهو من كان يتلو عليها أشعاره، ويأخذ برأيها، وهو من كان يصحح لها الأخطاء عندما تعرض عليه قصائدها.

كما خصت الأبناء والأحفاد الذين تمحورت معظم قصائدها حولهم. فهم الروح.. وهم القلب، وهم العائلة.

وإلى ندوة اليوم السابع وجهت الشاعرة شكرها، إذ لقيت التشجيع على الاستمرار في الكتابة وعلى نشر ديوانها الأول.

  بعد أن طفح القلب بالحب.. وطفحت المشاعر بذكريات عاشتها العائلة..  تتأرجح بين الفرح.. والقلق.. تحرّرت القصائد تعبّر عن مكنون ما في القلب.

حمل عنوان الديوان أوّل قصيدة كتبتها عام 1973. إذ تأجّجت المشاعر أثناء حرب تشرين، فخرجت القصيدة تحمل كل معاني الأمل والرجا، بأن يمنّ الله على شعبنا العربي بالنَصر. تخاطب العليّ القدير، وكأنّه بوح خرج من القلب، يصف الواقع، ويأمل بجديد مغاير، ترتد فيه الكرامة لشعبنا العربي الأبيّ.

فجاء العنوان: " نداء من القلب"، وتبعته قصيدتان باللهجة المحكية الجميلة، وهي كلمات خرجت أيضا من القلب، وبعدها جاءت تباعا قصائد باللغة الفصحى، جميعها تعرّفنا على أسماء أفراد الأسرة من الزوج: الدكتور الشاعر عز الدين أبو ميزر، إلى الأبناء، ثم الأحفاد الثلاثة عشر.

كلٌّ له شخصيته، وطباعه التي تميّزه، وصفتها الجنيدي بعيون الجدة التي لا ترى سوى الحسن في أحفادها، وبقلب الأم الحنون التي تفرح لمناسبات أبنائها وأحفادها السعيدة، وتقلق عليهم حين تعرضهم لأيّ حدث يتسبب لهم بالأذى.

قصائد جاءت بلغة جميلة بسيطة لا تعقيد فيها. خصت بها كل حفيد باسمه، لتكون هديّة من الجدّة، وذكرى جميلة يحتفظون بها مدى العمر.

أحببت أحفادها من القصائد. كما أحببت قصيدة بزوغ الفجر التي رأيت بها الأمل يطلّ من بين الحروف برأسه، يفرض نفسه رغم كلّ الأسى.

بوركت الشاعرة الجنيدي، إذ نجحت في إذابة مشاعرها داخل حبر دواتها، فخرجت الحروف دافئة، تحمل معاني المحبّة والوفاء والفخر والأمل الذي لن يخبو، طالما لا زال القلب ينبض بالمحبة والكرامة والكبرياء.  

وقال عبد الله دعيس:

"نداء من القلب" عنوان ديوان دولت الجنيدي وعنوان قصيدتها الأولى التي تناجي فيها ربّها وكلّها ثقة بالنّصر مهما تلاحقت الهزائم، فلا نرى في القصيدة إنكسارا إلا لله، ولا نرى يأسا رغم قسوة الهزيمة، ولا نرى حزنا رغم قتامة الحدث، فلا نجد إلا الحبّ والفرح والأمل والفخر. وهكذا تمضي الشّاعرة في جميع قصائد الديوان، والتي تختلف عن القصيدة الأولى في مضمونها ولكنها تلتقي معها في الفرح والأمل والفخر ومناجاة الخالق، فكان الديوان جميعه "نداء من القلب".

وإذا علمنا أنّ الشّاعرة سيدة جاوزت الثّامين من عمرها الذي سخّرته لتنشئة عائلتها ورعايتهم، فلا نستغرب أنّ جلّ قصائدها تتحدّث عنهم، تُعرّف بهم وتصفهم بأحسن الصّفات، وتصف لحظات السّعادة في حياتهم وما حقّقوا من منجزات؛ فما هذا الإنجاز إلا بعض من عطائها، فهي التي وضعت هذه البذرة في التّراب وسقتها حبّا ورعاية حتّى أثمرت وأينعت، فحقّ لها أن تختال بهم وبما حقّقوا من المراتب، فما هي إلا عطاء يدها وثمرة جهدها.

ويلاحظ القارئ لقصائد دولت الجنيدي أنها في كلّ قصائدها تحكي البهجة ولا تلتفت إلى الحزن، وتبرز الجانب الإيجابي لكلّ شخص ولكلّ حدث ولا تذكر الجانب السّلبيّ أبدا، فهي ترسم صورة جميلة لكل شيء وكلّ حدث، فحين تكلّمت عن الهزيمة أحالتها إلى نصر قريب، وحين ذكرت حادثة أليمة حصلت لابنها في البحر ركّزت على بطولة أبنائه وتفانيهم في إنقاذه وعلى الفرح بنجاتهم من الغرق، ولم تذكر لهفة الأمّ وخوفها.

استطاعت الشّاعرة أن ترسم لوحات واضحة جليّة لأفراد عائلتها جميعهم، وكأنّ القارئ لقصائدها ينظر إليهم ويعيش معهم لحظات نجاحهم وتفوّقهم، فقد وصفتهم فأحسنت الوصف، وعدّدت هواياتهم، وإنجازاتهم، وما يصبون إليه ويطمحون لتحقيقه، أو ترجوه هي لهم.

وتسود في الديوان مشاعر الفرح والبهجة والفخر: الفخر بالزوج والأبناء والعائلة والوطن وبالقدس محلّ إقامتها، وبالخليل بلد مولدها. وتنساب القصائد على لسان الشاعرة بعفويّة وبساطة شديدة، بأسلوب مباشر قصصيّ، فهي تحكي اللحظة كما تشعر بها وتصف الحدث كما هو دون تنميق، فهي ترسم صورة واضحة لما ترمي إليه دون أن تلجأ إلى الرّمز والتّصوير الفنيّ الذي هو من سمات الشّعر وخصائصه، فهي تحكي مشاعرها بلغة بسيطة ولكنها تلمس القلب بموسيقاها ووزنها وعباراتها الشّعريّة. ولا يخلو الديوان من بعض الصّور الشعرية اللطيفة، تأمّل قولها مخاطبة حفيدتها:

وزرعتِ درب العاشقين محبّة     وكأنّ قلبكِ للجمال كمالُ

وتأمّل قولها في قصيدتها التي وجهتها لزوجها في عيد مولده الثّامنين، وحي بحقّ أجمل قصائد الديوان وأصدقها عاطفة وأعذبها لفظا وتصويرا:

نشدتُك الله يا شمس الأصيل قفي     فبعدُ عندي مواويل أغنّيها

وبعض حاجات نفس أرقبها      قبل المغيب لعلّ الله يقضيها

حمرُ الظلال لقاع الأفق رانية     فأبعد القاع عن مهوى مراسيها

فإن كان زهير سئم الحياة لمّا بلغ الثمانين وقال:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش        ثمانين حولا لا أبا لك يسأم

فإنّ دولت الجنيدي بدأت عند الثمانين حياة جديدة، رأتها تتجدّد في أبنائها وأحفادها، فصنعت من فرحهم فرحا لها ومن نجاحهم نجاحا لها، وكتبت ونشرت بعد أن بلغت الثّمانين، فكلّ التحيّة والتّقدير لها أمّا وجدّة وشاعرة.

وقالت فاطمة كيوان:

هذا المنجز الذي نحن بصدده هو اول اصدار للشاعرة الراقية دولت الجنيدي، المولودة بالخليل والقاطنة بالقدس. وهو نصوص شعرية غنائية بعضها تماوج بها قلب الشاعرة الجدة مع ذكرى ميلاد كل حفيد من الاحفاد الثلاثة ، او انجازاتهم ففاضت بها قريحتها توكيدا على ان العائلة والاحفاد هم من يصنعون لنا الحياة بكامل أدوارها، بما فيها من انتصارات او العكس انتكاسات فترتبط بهم أرواحنا ليسكنوها.

والمثل الاغريقي يقول : (ابنك ولدته مرة وحفيدك ولدته مرتين ) . وما أغلى من الولد الا ولد الولد، فهم بهجة القلوب والامل المنشود، رجال الغد وكنز الاهل والاجداد.

افتتحت الشاعرة الكتاب باهدائها إياه للوالدين اللذان ساندا أبناءهم بالتعليم، في حين كان ذلك قليلا في تلك الحقبة الزمنية ثم للمعلمين وللزوج الداعم والكتاب الزملاء الداعمين ولمحبي الشعر ولثرى الوطن عامة ولابنائها واحفادها الثلاثة عشر.

عنوان الكتاب ( نداء من القلب )، وهو مفتاح النص وحاضر بقوة في جميع الاشعار تقريبا .. وفي القصيدة التي تحمل العنوان تحديدا تنادي الشاعرة أسود فلسطين المقاومين الذين هم امل الناس وتدعوهم للثبات والتمسك بثرى الوطن وليكن هو العشق الابدي.

حاكت وغزلت شاعرتنا قصائدها جميعها بلغة وجدانية مفعمة بالاحاسيس والمشاعر.. مشاعر الحب والأمومة والامل والفرح والاعتزاز فجاءت بسيطة وشاعرية واحيانا مغناة ، قريبة من القلب مرسلة للعائلة والاحفاد، تلامس كينونتهم وشخوصهم كل بذاته وخصائصه . فرح باعياد الميلاد والإنجازات في شتى مراحل العمر منها التخرج مثل قصيدتها ليارا ( ص 67) في حفل تخرجها ومنها الفوز بالمسابقات .. فجاء الشعر وجداني واقعي وجاءت الصياغة بسيطة وجميلة، بعيدة عن التكلف والمحسنات اللفظية. اخذتنا معها لنحتفي والشاعرة بأوقات الفرح ، فرحة النجاح والانتصار . ففرحنا بانتصار علاء الدين وحصوله على حزام التايكواندو، مهارته بالسباحة ولعبة التنس وصولاته وجولاته.. وكذالك الحفيد حسين الذي سار على درب الإباء والجد بالعلم ودرس موضوع طب الاسنان ليكمل مسيرة الجد والاب والعائلة وتخرجه بنجاح.

 مشاعر الشموخ والاعتزاز تطفح في قلب الشاعرة فتخرج أعذب الكلمات.

 لم تفرق الكاتبة بين الصبي والبنت فجاءت نصوصها للجنسين بنفس الروح معبأة بالشجن والحب، فلا فرق بين ناتلي والحسين، ولم تنس أيضا ان ترسل باقة ورد وكلمات مفعمة بالشكر والحب سويا لرفيق دربها وداعمها وسندها زوجها في يوم ميلاده، وهو الطبيب المحب الشاعر المرهف الذي لطالما اسمعها اشعاره وتغنى بحبها كزوجة وأم لاطفاله. جاء ذلك بقصيدة شاعرية.. وفاءً منها لجهوده ومساندته ولتبقى كلماتها شاهدة على هذا الوفاء وهذا الحب الراسخ في القلب والوجدان.

وفي ابتهالاتها تحدثنا عن همها الأكبر وهو وجع الناس فتراها تتمنى ان تزرع البسمة على شفاه الحزانى وتطبب جراح المكلومين وهذا من منطلق الايمان بالعطاء وهو السرّ للسعادة ومحبة الله.

وفي النهاية شأن شاعرتنا كشان جميع مثقفينا وأدبائنا ممن يحملون همّ الوطن عامّة والقدس خاصة. فنراها تتأثر بالاحداث وتنثر احزانها اشعارا على الورق، فكتبت عن مجزرة الحرم الابراهيمي في الخليل مسقط رأسها، وقتل الأبرياء ساعات الصلاة. ولكنها رغم الألم تذكر دائما ان أبناء الوطن باقون على العهد مدافعين عن ثراه، وتؤمن ان لا بد ان يأتي اليوم ويبزغ الفجر ويعود الامل للاوطان، فيلتقي الاقصى وجامع الجزار (64ص) ولا يبقى فوق أرضنا لا غاصب ولا ظالم ولا غدار. وسيأتي قوم تنحني امامهم الصخور، وينهزم اهل العهر الفاسدون وسيفتحون الامل للمستقبل لانه كما تدين تدان 66ص

 . وأخيرا : الزمان في الكتاب ليس محدد فلكل قصيدة زمانها وخصوصيتها.

اللغة : سلسة وجميلة وجاءت بالفصحى وخلت من المحسنات اللفظية ..قريبة من قلب القارئ وفهمه. لا يسعنا بالنهاية الا ان نتمنى للشاعرة دوام العافية والسعادة في ظل العائلة والاحفاد والمزيد من الإنجازات.

وقالت د. روز اليوسف شعبان: يقع الديوان في سبعين صفحة، وقد أهدته الأديبة دولت إلى روح والديها اللذين لهما الفضل في تعليمها، وإلى زوجها وأولادها وأحفادها، وإلى ندوة اليوم السابع ومديرتها الروائية ديمة السمان، وإلى الكاتب الكبير جميل السلحوت وإبراهيم جوهر، كما أهدته لكل محبي الشعر وكلّ حفنة تراب من الوطن الغالي.

غالبية النصوص في هذا الديوان كتبتها الأديبة دولت لأحفادها ، قصيدة أهدتها لزوجها، وقصيدة كتبتها في ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي، وقصيدة ابتهالات وبزوغ فجر جديد.

أما قصيدة نداء من القلب والتي أسمت الديوان باسمها واستهلته بها، فقد  ناجت فيها الله وطلبت منه العون والنصر على الأعداء.

استوقفتني في هذا الديوان قصيدتان، الأولى أهدتها لزوجها  في عيد ميلاده الثمانين والثانية لحفيدتها سارة.

أما قصيدتها لزوجها الشاعر الدكتور عزّ الدين أبو ميزر فقد وجدت بها، استعارات جميلة، ومشاعر جياشة . تقول فيها:" نشدتك اللهَ يا شمسَ الأصيل قفي

فبعدُ عندي مواويل أغنّيها

شريكَ روحي يا شمسَ النهار ويا

بدر الدجى في ليالي العتم يضويها

أميس مثل عروس دائما تيهًا

جعلت كلّ حياتي مرتعا خصبا

وجنّةً من طيوبٍ كنتَ تنثرها

وأنهرا تحتها كم كنت تجريها

 

في هذه القصيدة نجد الاستعارات  والتشبيهات الجميلة التالية: يا شمس الأصيل قفي. ويا بدر الدجى،  أميس مثل عروس، وجنّة من طيوب كنت تنثرها،  كذلك استخدمت الكاتبة تعابير مجازيّة مثل: جعلت كل حياتي مرتعا خصبا، وجنّة من طيوب، وأنهرا كنت تجريها.

أما قصيدتها لحفيدتها سارة، فقد حفلت بالتشبيهات الجميلة، تقول:

الشمس أنتِ إذا النهار بدا لنا

وإذا اختفتْ فالبدر في الليلات

يا رفّة الأطيار في أعشاشها

فرحا وترقص أروع الرقصات

وتبتسم الأزهار في أكمامها

فتمدّنا بالطيب والنفحات

وتمايل الأغصان تسبق ظلها

رقص العذارى فوق مسك فتاتِ

في هذه القصيدة نجد الاستعارة التالية: الشمس أنت وهو وصف بليغ، ك1لك نجد التأنيس مثل: تبتسم الأزهار، ترقص ، تمايل الأغصان، رقص العذارى.

تميزت لغة النصوص في الديوان  بالبساطة تخللتها بعض التعابير الشاعريّة والاستعارات والمجاز، وسادتها المشاعر الصادقة تجاه أحفادها وأهل بيتها.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

بمشاعر الأم،الجدّة، والزوجة، تسبر الشّاعرة المقدسية، التي تجاوزت الثمانين من عمرها عواطفها فوق جسد الأوراق؛ لتعبّر عن مدى ارتباطها وعلاقتها بالعائلة. جمعت قصائدها التي اجتمعت مضمونها في مدح الأحفاد، والأبناء، والزوج، وقصائد قليلة ذات مضمون وطني في كتاب شعري أسمته"نداء من القلب".

العنوان"نداء من القلب"يحمل عنوان إحدى قصائد الكتاب،وهومرتبط أيضا بمضمون القصائد عامّة،"نداء من القلب" فيه مشاعر الرّجاء والصلاة لحفظ العائلة والوطن.

تميزت القصائد بمديح لأبناء العائلة،في ذكر خصالهم  مواهبهم من الذكور والإناث على حدّ سواء، وحثهم على التحلي بالحكمة والسير على خطى الآباء،وقد طغت الابتهالات والدّعاء في بعض القصائد، فتشعر وأنت تقرأ القصيدة كأنك أمام صلاة رجاء كما في نهاية "يوم مولده".

تميزت القصائد بلغة سهلة،ومفردات بسيطة،وقد استخدمت الأسلوب السّردي القصصي كقصيدة "١٣عام وحادث البحر" وأسلوب الوصف كما في قصيدة"إلى حفيدتي نتالي"، وقد جاءت القصائد" إلى زوجي الدكتور عزّالدّين أبوميزر"وقصيدة "١٣ عام وحادث البحر" و "إلى حفيدتي نتالي" و"حفيدي بشار" بأسلوب جميل من حيث قوّة الصور الشعرية،وجمالها مقارنة مع بعض القصائد التي كانت الصور فيها ضعيفة، واللغة قريبة للعامية،احتوى الكتاب على قصيدتين بالعامية فيهما مشاعر الجدّة تجاه الأحفاد، وتحثهم على حبّ الوطن،والكفّ عن الغربة.

استخدمت الشاعرة الجنيدي التّكرارفي قصائدها،خاصة في مديح العائلة الطبية. "فأنت من عائلة ميولها طبية" و "أبوك الطبيب فخر الرّجال" و"أبوك في الطب مشهود به وله".

استخدمت تكرار المفردات في ذات القصيدة "نداء من القلب" مثل: العدا،انتصار،الندا، وتكرار الأفعال مثل: أشدنا، صار

وقالت نزهة الرملاوي:

بلغة جزلة جميلة، أباحت الشاعرة عمّن حرّك أحاسيسها ومشاعرها، وجعلها تكتب بعفوية وصدق ما جال بخاطرها، فحظي أولادها وأحفادها الثلاثة عشر وزوجها بنصيب الأسد من القصائد، قصائد تجلّت بها روح الأمومة وحنان الجدّة.

أهدت الشاعرة باكورة أعمالها إلى أبنائها وأحفادها وزوجها، ومن يحبّ الشّعر ويقدره، والى كلّ حبّة تراب في ثرى فلسطين.

قصائد جميلة البوح، واضحة الأفكار، متأججة بمشاعر الحبّ والفخر والاعتزاز والألفة بين أفراد الأسرة. توهجت في القصائد عواطف الشاعرة وأمومتها، وذلك من خلال مدح عائلتها، وفرحتها بقدومهم وأعياد ميلادهم، وفخرها بإنجازاتهم العلمية، وحصولهم على شهادات أكاديمية عليا، وعلى شهادات تميّز بالسّباحة والسكواتش وكرة القدم وغيرها من المواهب والهوايات.

 استذكرت الشاعرة الكثير من محاسن أحفادها كبرّ الوالدين والطيبة والكرم والاحترام، وأكثرت من وصف شخصياتهم المتسمة بالحسن والجمال، وسموّ علمهم، وصفاء قلوبهم وما يتسمون به من الطيبة والحبّ والصّدق والأدب وسموّ الأخلاق. تميّزت جمل الكتاب بالحركة والفرح، فالحناجر صادحة والزّهر قد ملأ الفيافي، والسّعد أقبل ضاحكا، وأكثرت من جمل التّشبيه في معظم قصائدها فقد شبّهت حفيدها بشّار بالنّور والنّار في آن واحد، وأنه سلس ينقاد اذا كان راضيا، وتيّار يسحق من يقف في طريقه إن كان غاضبا، من هنا ندرك أن الجدة رأته بعين متفحصة متابعة، فقد رسمت له صورة واضحة تصف شخصيته المتقلبة، فهو عصبيّ المزاج، وفي الوقت ذاته يقوم بإسعاد من حوله حين يكون سعيدا. من الملاحظ أنّ الجدة أتقنت وصف كلّ حفيد بما يليق به من صفات، وما يحمله من سلوكيات، فقد وصفت حفيدها محمّد بالطّيبة والإقدام، وأنه سريع الحركة والهمّة، لا يضمر الشّر لأحد، يحبّ اللمة ولا يظلم أحدا، وأشارت أن هوايته هي اقتناء الحيوانات الأليفة والاعتناء بها. وتطرقت الى وصف وجوه أحفادها وألوان عيونهم، فكانت المُفاخرة بإنجازاتهم، وعقولهم الراجحة، وعزّتهم وطهرهم. تميّزت القصائد بابتهالات وأدعية للشاعرة، توّجهت فيها إلى الله أن يعطيها الخير، ويحفظ لها عقلها ودينها ويبقيها على البرّ والرّضى، ويمدّ أحفادها وأبنائها بالصّلاح وأن يقيهم كلّ شرّ وأذيّة.

يتبيّن لقارئ الديوان أنّ الشاعرة لم تكتب إلا قصائد معدودة خارج النّطاق العائلي، فكتبت ابتهالات ونداء من القلب في العام ١٩٧٣، وكأن بالشاعرة تأملت نصرا وخيرا برجوع الأرض إلى أصحابها الذين رووها بدمائهم، ومؤكدة أنهم لم يفرطوا بها، ووصفتهم بالأسود الذين يُقتدى بهم، وقد طلبت من الله في قصيدتها النّصر والسّؤدد لهم؛ حتى يتمّ تحرير البلاد.

 تأثرت الشاعرة بحدوث المجزرة التي ارتكبت بحقّ الركع السجود في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل التي ولدت وترعرعت فيها، وأشارت إلى قتلهم بدم بارد من قبل من وُصف بالمعتوه حتى لا يُدينه المجتمع الدوليّ. تطرقت في قصيدتها إلى تخاذل الزّعماء الذين ضيّعوا البلاد من أجل احتفاظهم بمناصبهم، وتؤكد فيها أن أهل فلسطين سيبقون على العهد يقاتلون بصدورهم العارية حتى تحريرها. في قصيدتها الرابعة المعنونة (بزوغ الفجر) كتبت عن الأحرار الذين يُدافعون عن وطنهم وقدسهم، وإن دلّ ذلك يدلّ على انتماء الشاعرة ووفائها لوطنها وحثّها للدفاع عنه.

وقالت نزهة أبو غوش:

سمّت الشّاعرة الجنيدي ديوانها ب" نداء القلب". عند قراءتنا للدّيوان، نجد فعلا بأنّ ما كتبته من قصائد نابعة من صميم القلب؛ حيث أن العاطفة قد غلبت عليها بشكل ملحوظ، وهي العاطفة الجيّاشة تجاه الأحفاد؛ في يوم ميلاد، أو نجاح أو تخرّج...

استخدمت الشّاعرة الأسلوب الخطابي في مدح الحفيد في بغض القصائد:

" يارا الحبيبة أنت يا أحلى الصّبايا..." " تمارا يا حلوة يا نوّارة" " أحمد يا حمادة"

أخذت القصائد الطّابع الدّيني والتّوجّه إلى الله تعالى في الدّعاء:

" للبحر ساروا قبيل العيد ترقبهم...عناية السّرمديّ الواحد الأزلي" " مهما حمدناك يا ربّي نظلّ على...آيات لطفك تنجينا من الزّلل"

هناك في بعض القصائد الّتي تحمل الأسلوب السّردي الّذي يشدّ القارئ، فهي بمثابة قصّة شعريّة مشوّقة"

" مضى علاء يشقّ الأرض مستبقا...ما قد أخاف الوالد الوجل

نادى عليه وموج البحر يقذفه...إلى قضاء قضاه الله في الأزل"

بدت على القصائد روح التّفاؤل والفرح والأمل ألّتي تبعث على البهجة والفرح.

" نشدتك الله يا شمس الأصيل.. فعندي مواويل أغنّيها"

" لا تركنوا ففي غد...فسوف يأتي آخرون...أمامهم كلّ الصّخور تنحني"

في قصائد الجنيدي نجد الشّعور بالانتماء واضحا للوطن ولمسقط رأسها، مدينة خليل الرّحمن، نجد هنا صدق المشاعر والمحبّة لهذه المدينة؛ كذلك أظهرت الشاعرة أهميّة المساجد في فلسطين عامّة:

" ما أحيلى الخليل مسقط رأسي... وأحيلى غد لأجمل أمس.

لقد برز في بعض القصائد الأسلوب النّقدي الّذي ينمّ عن الغضب على من تخلّى عن قضّية فلسطين:

 زعماء قد ضيّعوا كلّ حقّ...وأضاعوا البلاد من أجل كرسي"

في قصيدة ابتهالات، أظهرت الشّاعرة مدى تقرّبها من الله تعالى، وأنّ رضاه هو بالغ أمنياتها. يشعر القارئ بأنّ القصيدة ذات نفحات ايمانيّة نابعة من قلب مؤمن بقضاء الله وعطائه.

لغة الشّاعرة لغة سلسة رقيقة بسيطة يستسيغها القارئ؛ استخدمت الشاعرة التشابيه البلاغيّة، وقد استعانت بالطّبيعة: الشّمس والبدر والأزهار والطّيور...

" شريك روحي يا شمس النّهار ويا.. بدر الدّجى في ليالي العتم يضويها"

نلحظ أنّ هناك بعض التفاوت في مستوى القصائد، ربّما بتأثير الزّمن؛ لأنّ الشّاعرة أرّخت موعد كتابة كلّ قصيدة.

أمّا بالنسبة للقصيدتين باللغة العاميّة، أرى أنّهما لا تنسجمان وباقي القصائد النثريّة ذات الشعر الحديث.

وقالت رفيقة عثمان أبو غوش:

  كُتيّب الشعر، من القطع الصّغير، أوراقه ذات جودة عالية، وصورة الغلاف، مرسوم عليها بعض الزهرات الحمراء لعصا الرّاعي، وكذلك كتابة العنوان ملوّنة باللّون الأحمر والأسود، والخلفيّة يسودها اللّون الرّمادي؛ ومن المُلفت للإنتباه، لم يُذكر اسم دار النّشر، ولا اسم مُصمّم الغلاف.

  احتوى الكُتيّب على تسع عشر قصيدة، ما بين الشّعر النثري الحُر، باللّهجة العاميّة؛ والقصائد الموزونة والمُقفّاة. "نداء من القلب" هو عنوان يحمل في طيّاته العاطفة المُتأجّجة، عبّرت عنها الشّاعرة، نحو حبّها لأسرتها القريبة، من الزّوج، والأبنات، والأبناء، وكذلك الأحفاد.

  دافع الحب القوي في قلب الشّاعرة، دفعها لتخطّ قصائدها العاطفيّة، بقلم متدفّق بالمحبة، والابتهالات إلى الله؛ ودعواتها لكلّ فرد من أسرتها بالتّوفيق والسّداد في حياتهم، ومستقبلهم.

  لم تُوفّر الشّاعرة مناسبة سعيدة إلّا ونظمت فيها عبارات الحب؛ مثل: مناسبات، ولادة حفيد جديد، أو ذكرى ميلاد أحد من أسرتها، أو تخرّج أبنائها، وأحفادها. وذكرى ميلاد زوجها أيضًا.

  من خلال القصائد، يستشفّ القارئ نفحات من الإيمان القوي، ونداءات من القلب، مفعمًا بالدّعاء، وذكر الله، والرّسول في معظم القصائد. كما ورد صفحة 14 " إن شاء الله رشيد بيكبر"، كذلك صفحة 15  "إن شاء الله تعيشي يا تمارا"، صفحة 62 " وبحفظ من ربّي يبقى .. وعليه هو يسبغ نعمته"؛ كذلك قصيدة " ابتهالات" صفحة 52 " وهل لي سواه واسع الرّحمات.. وأشكره شكر المُقرّ بفضله... فتزداد من أفضاله حسناتي... وإنّ رضاه غاية النّفس والهوى.. وحبّي لربّي غاية الغايات." هذه القصيدة كلّها متوشّحة بالأدعية، والمناجاة إلى الله.

  ساد الحس الوطني والغيرة على المكان والإنسان الفلسطيني، في معظم القصائد، ولم تنسّ الوطن، والعودة إليه بعد الغربة، والأماكن المقدّسة، الّتي حظيت باهتمام كبير من الشّاعرة مثل المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي في الخليل مسقط رأس الشّاعرة دولت الجنيدي كما ورد صفحة 44 في قصيدة " في ذكرى مذبحة باروخ غولدشتاين للمصلّين في الحرم الإبراهيمي" قائلة: " صادرته إسرائيل في يوم نحسِ .... المُصلّون فيه قد قتلتهم .. بدمٍ بارد ومن غير حسّ". كذلك صفحة 64 " ويلتقي مسجدنا الأقصى .. بجامع الجزّار". كما دعت الشّاعرة للعودة للوطن بعد غياب مهما طال كما ذكرت صفحة 18 " يا تاتا بحلف يمين .. على وطننا راجعين .. ونعيش إن شاء الله بقربكم .. في وطننا أحلى سنين.. ونزرع على أرض بلادنا فل وياسمين".

ذكرت الشّاعرة حول حماية الأقصى، وعدم الاهتمام بنجدته من قِبل زعماء الدّول العربيّة، ونعتتهم بالمطبّعين كما ورد صفحة 64 " والقوم ها هنا لاهون ... غايتهم أن يملأؤوا البطون... في غيّهم وفي الضّلال يعمهون .. من عهرهم مع العدا يُطبّعون... ولا يرفّ جفنهم أو يخجلون."

  استخدمت الشّاعرة تناصًّا دينيًّا لفعل يعمهون، هذا الفعل ورد في سورة البقرة (15)، قال الله عزّ وجل: "الله يستهزئ بهم ويمدّهم وهم لا يعمهون" معنى يعمهون: يتردّدون ويتحيّرون. ذكرت كلمة يعمهون خمس مرّات في القرآن الكريم ( الموقع الإلكتروني).

  لا شكّ بأنّ لغة الكتيّب اتّسمت باللّغة الرّصينة والسّلسة، ذات صفة لحنيّة يسودها التّنغيم والإيقاع والنبر؛ خاصّةً القصائد في نهاية الكتيّب، تتّصف بالقوّة، على غرار القصائد المذكورة في بداية الكتيّب، والّتي عبّرت عنها شاعرتنا باللّهجة العاميّة، على سجيّتها، دون الاهتمام بالوزن واللّغة الفصحى. يلاحظ القارئ مدى التغيير في تطوّر القصائد وفق مراحل مختلفة من الزّمن، من البدايات ولغاية النهاية.

    راقت لي قصيدة صفحة 39 بعنوان: "إلى زوجي عز الدّين أبو ميزر في عيد ميلاده الثّمانين"؛ والّتي عبّرت فيها شاعرتنا عن مشاعرها بصدق وحب وتفانٍ، لزوجها وأسرتها المُحبّة قائلةً: " يا ابن الثّمانين من عمرٍ قطْفْتَ به... أحلى الرّياحين هامت في مغانيها"، "أشعر حبّك لي في الصّدر أوسمةٌ .. وتاج على رأسي أعلّيها"، " وأنت يا زوجي الغالي وتاجهم... وأنت جوهرتي والله يحميها.".

   تعتبر هذه القصيدة غزليّة جميلة من زوجة لزوجها، الّذي ساندها ودعمها في إصدار كتيّب الشّعر الجديد، لكونه شاعر متمكّن أيضًا. كما ذكرت الشّاعرة بكلمة إهدائها لزوجها قائلةً: " إلى زوجي الحبيب الدّكتور والشّاعر عز الدّين أبو ميزر الّذي زادني حبًّا في الشّعر، وهويتلو عليّ أشعاره أثناء تأليفها ويأخذ برأيي في أشياء كثيرة، وهو الأعلم منّي..".

  خلاصة القول: "نداء من القلب" كتيّب الشعر، والوليد الأوّل للشاعرة الفلسطينيّة دولت الجنيدي، ينبض بالعاطفة القويّة، وبالحياة، والحب، والحنان والعطاء، من قلب مؤمن وصادق، هذا الكُتيّب يبشّر بولادة شاعرة مقدسيّة فلسطينيّة جديدة، وأبارك لها هذا الإصدار.

اتمنّى للشّاعرة دولت الجنيدي، المزيد من العطاء والإبداع.

وقال عبد المجيد جابر:

محتوى الديوان

استهلت الشاعرة قصائد ديوانها بقصيدة "نداء من القلب" وهي أجمل قصائده وهي قصيدة وطنية، وفي الديوان قصائد وطنية أخرى. وهناك قصائد اجتماعية وابتهالات للأبناء والأحفاد والزوج، وأحسنت الشاعرة صنعا باختياره للعنوان، فالعنوان شيفرة دالة على المحتوى، وهي عتبة من عتبت الكتاب، وما يجمع قصائده صدق العاطفة المنبعث من القلب..

العواطف

صادقة وجيّاشة؛ فلا غرابة في ذلك، فهي تحب الوطن وتتغنى به، كما أنها متعلقة بأبنائها وأحفادها ومحبة لزوجها رفيق دربها، وتتسم القصائد بالصدق الفني.  

الأساليب الفنية

الأساليب الفنية التي وظّفتها الشاعرة، ونلحظها بجلاء في قصيدتها "نداء من القلب":

1.وظفت الشاعرة الصور الشعرية والصور الفنية المشرقة.

2.استخدمت الشاعرة في نصوصها مختلف الانزياحات: كالانزياح الاستدلالي والانزياح التركيبي... وهذا يولد الإثارة والدهشة في نفس المتلقي، ولا يسمح لنا الوقت في التمثيل على كل نوع.

3.راوحت الشاعرة قي نصوصها بين الأسلوب الخبري، الذي يُظهر مدلول الذات والأسلوب الإنشائي، وغالباً ما يكون غرض الأسلوب الخبري تقرير المعنى وتوضيحه؛ لأنه يعرض حقائق، وهذا له تأثيره في العقل مع ما تفهمه من معنى الأبيات.

أمّا غرض الأسلوب الإنشائي؛ فغالباً ما يكون غرضه الإقناع وإثارة ذهن المخاطب.

وتجمع الشاعرة في قصائدها بين الأسلوب الخبري والأسلوب الإنشائي؛ لتجعل المتلقي يشاركها أفكارها ومشاعرها، ولتثير ذهنه وانتباهه ولتبعد عنه الملل.

وقال المحامي حسن عبادي:

بدايةً؛ أعترف بأنّي من عشّاق سماع الشعر، وأضعف الإيمان قراءته ورقيّاً، ولكن وجدتني هذه المرّة أقرأ ديوان شعريّ بنسخته الإلكترونية، للمرّة الأولى، وهذا بسبب تحيّزي لصاحبته، زميلتي في ندوة اليوم السابع، الكاتبة دولت الجنيدي، ولأسلوبه وموضوعاته (لا أتنازل عن "حقّي" بنسخة ورقيّة موقّعة).

كتبت دولت أحاسيسها من القلب، بلغة انسيابيّة دون تكلّف، وكأنّي بها تكتبها بمناسبات عزيزة لتلقيها في لمّة عائليّة أو لتسمعها لعزيز على روحها وقلبها وبعيداً عنها، لسبب أو لآخر، ولكنهّا رسالة عليها أن تبرقها لصاحبها البعيد عن العين وقريب إلى القلب، إلى حين لقاء.

جات معايداتها لأحبّتها صادقة ومعبّرة، من القلب إلى القلب، وكأنّها تلقيها على مسامع من تحب وهو في حضنها؛ فأبرقت شِعرها لأحفادها تمارا، وأنس في صقيع كندا، ورشيد، وعلاء، وسارة، ونتالي، ومحمد وزوجها الغالي عز الدين، في أعياد ميلادهم بلغة جزلة غنائيّة وعفويّة جميلة.

اهتمت دولت بأن تبارك لأحبّتها بتخرّجهم ولتعبّر لها عن فخرها واعتزازها بنجاحاتهم وتحصيلهم، متخيّلة نفسها تلقي في حفل التخريج لتعبّر عن سعادتها؛ فتبارك لميرال، ومهدي وبشّار وعز الدين ويارا وحسين، لتصف كلّ شاردة وواردة رأتها فيهم وهم يكبرون أمام عينيها ولا تنسى الكلمة الحلوة والموعظة والنصيحة لهم ولزملائهم.

رسمت دولت بحروفها العذبة شخصيّة كلّ من أهدته تلك الحروف، وكأني بها تسلّط العدسة البانوراميّة على مزاياه، كما تراها هي، أو كما تودّ أن تراها.

كتبت خلال خمسة عقود حتّى تخمّرت كتابتها وأتتها الجرأة، التي تُحسد عليها، لتصدرها في كتاب، كتاب من نوع آخر يصوّر مشهديّة عائليّة، سيرة ومسيرة، يُحتذى بها وعبرة لشعبنا المتميّز المعطاء.

 

تناولت كذلك ألمها بما تمر به القدس من محاولات استلاب وتهويد (قصيدة نداء من القلب) فجاءت صرخة مدوية، ولكنها متأخرّة خمسون عام، وحبّذا لو قرعت جدار الخزان وأسمعت قرعها ودقّت ناقوس الخطر مذّاك، وكذلك ذكرى مجزرة الحرم الإبراهيمي اللئيمة والمؤلمة والجرح الدامي مذّاك.

راقت لي قصيدة حادث البحر لابنها عادل وأولاده علاء ونتالي عام 2017، ووجعها وألمها وحرقتها وبزوغ الأمل.

وكذلك تفاؤلها رغم قتامة الموقف والحالة التي نمر بها ورغم ذلك من رحم المعاناة تولد العزيمة والأمل كما تغنّت في قصيدة "بزوغ الفجر" في آخر الديوان.

 ملاحظة لا بدّ منها؛ حبّذا لو التزمت بالتسلسل الزمني في ترتيب قصائد الديوان، لمتابعة المرحلة والتغيّرات، ولمتابعة تطوّر كتابتها وأسلوبها، لما له من أهميّة.

وقالت رائدة أبو صوي:

فور استلام الديوان لفتت نظري كثيرا صورة الغلاف واختيار العنوان، وجدت فيهما حياة.

 الغلاف الذي تطل علينا من غلافه شقائق النعمان النابضة بالفرح رغم الالم . هذه النبتة التي تنبت في تلال وسهول وجبال بلادنا والتي يقال ان سبب تسميتها بشقائق النعمان انها نبتت على قبر (النعمان بن المنذر) أشهر ملوك الحيرة عندما داسته الفيلة؛ لانه رفض الخضوع لملك الفرس بتسليم نساء العرب . فكانت معركة (ذي قار) ولهذا نسبت اليه .

اختيار صورة الغلاف والعنوان موفق جدا . اما المحتوى وجدتني امام قصائد مديح وفخر من جدة الى احفادها وابنائها وزوجها احفادها الثلاثة عشر.

ديوان شعر نداء من القلب يشبه كتاب الى ولدي الذي الفه احمد امين، ولكن القصائد هنا للاحفاد والأولاد والزوج بنسخة 2023

 جميل جدا ان يكون للاحفاد ارث ادبي ولفتة مميزة للشاعرة دولت الجندي.

 اصدار هذا الديوان سلام داخلي يشع من خلال الكلمات المنتقاة بعناية فائقة. كيف لا وزوجها الدكتور الشاعر الكبير عز الدين ابو ميزر مدقق للديوان بالاشتراك مع الاديب الكبير جميل السلحوت والاستاذ الكاتب محمد موسى عويسات. اشارت الشاعرة الى الفضل الكبير لندوة اليوم السابع الأدبية الثقافية العريقة في تنمية موهبتها الشعرية واشارت الى مؤسسي الندوة مديرتها الروائية ديمة السمان والكاتب الكبير جميل السلحوت والكاتب الكبير ابراهيم جوهر. فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله .

أنظر للمستقبل وأشاهد تمارا وهي تقرأ القصيدة الخاصة بها والفرحة تغمر قلبها بهذه الهدية المميزة من جدتها دولت .

قصيدة احمد تصلح ان تكون مغناة فيها موسيقى وتناغم جميل احمد يا حماده يا ميدو المؤثر في قصيدة احمد ظهور نداء من القلب واضح بالاماني بان يعود الى ارض الوطن كالعديد من ابناء شعبنا.

الشاعرة تظهر مقدار شوقها لاحمد ابن ابنتها سحر في كندا في عيد ميلاده الأول.

جميل جدا الإشارة الى تاريخ كل قصيدة.

 كتبت قصيدة لرشيد ابن سها، وكتبت عن حادث البحر الذي تعرض له علاء ونتالي حفيدا الشاعرة.

قصيدة حادث البحر مؤثرة جدا وتظهر ان البحر غدار ولولا لطف الله سبحانه وتعالى الذي انقذ علاء ونتالي. كتبت لحفيدتها ميرال قصيدة جميلة، وكتبت لحفيدها مهدي.

 كانت المصداقية واضحة جدا في قصائد الشاعرة عندما تحدثت عن مهدي ابن ابنتها سحر . مهدي تخصص اقتصاد . وذكرت صفاته: النقاء والتواضع وبر الوالدين والوفاء، كما دعت له من القلب ان يقيه سفاهة السفهاء

واظهرت ان لكل امرئ نصيب من اسمه.

 في قصيدة بشار . يوجد حكمة . عندما كتبت عن بشار . سلس القياد إذا رضيت وسلسلا . وإذا غضبت فيعكس التيار . وإذا صحوت من المنام على رضى ترضى الحياة وتنشد الاطيار . وإذا غضبت فغضبة مضربة وإذا سررت فيسعد السمار . جميلة هذه الأبيات.

قصيدة حفيدها حسين تؤكد أن الجينات لها دور كبير في نقل الصفات الوراثية من الاجداد والاخوال للاحفاد. عائلة الشاعرة غالبيتهم اطباء اسنان كالجد الدكتور الشاعر الكبير عز الدين أبو ميزر.

الرياضة كان لها حضور أيضا في الديوان. حفيدها علاء الدين والرياضة المفضلة لديه السكواش وتنس الطاولة والتايكواندو والسباحة.

احفادها جميعهم تمارا و احمد ورشيد وعلاء ونتالي وميرال ومهدي وبشار وحسين وعلاء الدين وعز الدين وساره ومحمد ويارا محظوظون بوجود الجدة الشاعرة دولت الجنيدي.

 وكما يقول المثل: ما اغلى من الولد الا ولد الولد .

قصيدة الشاعرة الخاصة بزوجها الدكتور الشاعر عز الدين ابو ميزر تظهر قوة المحبة بينهما، ظهرت في الأبيات التالية: حبك لي في الصدر أوسمة وتاج عز على رأسي أعليها أهديتني من ثمار الحب أربعة أركان عز لنا والله باريها . فهذه سحر آي الجمال بها وما رأيت لها في الخلق تشبيها.

ديوان ممتع . استمتعت بقراءته. الف مبارك للشاعرة المقدسية دولت الجنيدي هذا الإصدار الجميل.

وقالت هيا السيّد:

ابدعت شاعرتنا دولت الجندي في ديوانها: نداء من القلب، فكان نداءاً فعلاً من الصميم.

 تلونت قصائدها بين الحب والوطن والامومة ومشاعر الجدة الحنونة. لم تنس جذورها، فكتبت عن خليل الرحمن. شممت عطر الوطن من قصيدتها، تغزلت في حبيبها الثمانيني ، وكتبت لاحفادها اجمل الكلمات. حتى في قصيدة حادثة البحر رأينا الامل. ديوانها غنيّ بالامل، وكان فعلاً نداء من القلب.

دام ابداعك يا ام الكلمة. حفظ الله جميع احبابك، وهنيئا لهم وجودك في حياتهم.

وكتب عز الدين أبو ميزر:

لست أدري والله ما عساني أقول في قراءتي لديوان زوجتي التي أحب، ورفيقة عمري، وأم أبنائي الذين أعشق، والتي كانت العون لي ولا تزال بعد الله، هي الأم والاخت والزوجة والرفيقة والصديقة والحبيبة والإنسانة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وما يتفتق عنه الذهن من تعابير، أجدها كلها لا تعبر أبدا عما أكنه لها من اشياء يعجز قلمي الثري والسيال عن اعطائها حقها من الوصف الصادق الأمين.

قد أقول ويقول البعض معي إنها شهادة مجروحة، والصدق يبقى هو الصدق ولا يتغير ولا يتلون، ويُحَبّ أكان سليما أو مجروحا ويبقى حيا ولو طوى صاحبه تراب القبر ومرت عليه الأيام والسنون. وكيف اتكلم عن أحاسيس أنا عشتها بكاملها ما كتب عنها وما لم يكتب، لغفلة الذهن او لعجز القلم. وعن مفاهيم وأفكار زرعناها سوية في بستان حياتنا، أربع سنابل، واربع ورود، وأربع أشجار اثمرت أحلى الثمار، وفاحت من ورودها أطيب العطور، وسنابل اعطت حتي هذه اللحظة ثلاثة عشر حفيدا وحفيدة. وكيف اصف خيالا كله أمنيات معجونة بالصدق والمحبة والإيمان الصادق بتحقيقها. ولو جمعت قصائدي التي قلتها فيها لعجز المقام عن حمل ما فيها . ويكفيني بضعة سطور من قصيدة بعنوان : حبيبتي لتغنيني عن كل شيء قد أقوله عن هذا الديوان القليل في عدد صفحاته المليء بالمشاعر والأحاسيس التي تفوق الوصف. وهي في نظري أميرة مؤمّرة حَبيبتي أميرَةٌ مُؤَمّرَهْ أعشَقُهَا....أعبُدُهَا .... وَكُلّ مَا ذَكَرْتُهُ مِنهَا نَسِيتُ أكْثَرَهْ وَكيفَ لِيْ أنْ أذْكُرَهْ وَكُلُّهُ مِلْءُ يَدِي وَفِي فَمِي وَنَاظِرِي لَا أمَلًا أشتَاقُهُ ولَا مُنًى مُنْتَظَرَهْ أحلَى مِنَ السُّكَّرَهْ أَجَلْ ...وَكُلّ كُلّ سُكَّرَهْ.

وكتبت اسمهان خلايلة:

انتهيت من قراءة هذا الديوان اللطيف الخفيف وزنا الدسم كمٌا . للعزيزة الشاعرة دولت التقدير هلى هديتها المعتقة  التي تنضح حبا .

في مقدمة ندائها النابع من القلب تشكر زوجها د. عز الدين ابو ميزر على دعمه وتدقيقه للديوان وتشير إلى عودتها للكتابة وقد بدأتها عام ١٩٧٣ حين استفزتها أحداث الوضع العرلي عامة والفلسطيني خاصة وقد منينا الانفس بالنصر والحرية. نفحتنا الحرب بالعزة والأمل وما لبث الأمل ان اجتث وتم وأد جنينه الا ان الفلسطيني بقي الصامد كعادته في وجه رياح وعواصف الاحتلال والخذلان .

كتبت الشاعرة قصيدتها نداء من القلب عن العمال العرب وعملهم في بناء  المستوطنات على أرض وطنهم المنهوب تجبرهم الحاجة والفقر والعوز الى هذا .

اللهم أجرت الكثيرين منا

قلبُ ندائي يوم الندا

الهي نصرتَ بأس عدانا

فهبنا انتصارا عليهم غدا

ثم تتوالى القصائد للأحفاد لتمارا ، لأحمد الذي طبٌق السنة في كندا :

أحمد يا حمادة يا ميدو

يا حبيب التيتة وسيدو

إن شاء الله تعيش،وتكبر .

وعيدك كل سنة نعيدو

كلمات رقيقة بسيطة يمكن تلحينها لتكون اغنية رائعة .

لرشيد الحفيد في يوم عيده :

لما أطل على الدنا فينا رشيد

يا روعة فينا تجلى حسنها

وتسرد الشاعرة حكاية تجربة مع البحر خاضتها عائلة  الابن  حيث نزلوا ثلاثتهم البحر ولم يرهبوه ، لكنه البحر شيمته الغدر بيدَ ان الخير تغلب وانتصر وتم انقاذ ثلاثتهم من غرق محقق ، كل هذا برعاية الله تعالى ورحمته .

 

مهما حمدناك يا ربي

نظل على آيات لطفك تنجينا من الزلل .

شعر اشبه بركعة سجود الشكر لله .

ايمان وثقة بالخالق وقدرته على تخليص عباده من الكرب والخطر ، روح صافية ونفس مطمئنة هي الشاعرة دولت .

ثم بعد القصائد اليدة للأحفاد تأتي القصيدة الجميلة ، الجريئة تحمل الحب والغزل وتشد أواصر الرحمة مع الشريك د. عز الدين :

فداك روحي بطيب النفس ابذلها

يا ابن الثمانين من عمر قطفت به أحلى الرياحين

أشعار حبك لي في الصدر أوسمة وتاج عز على رأسي أعليها

أهديتني من ثمار الحب أربعةً.

حب ، طيبة ، واواصر أسرية وثيقة العرى، دولت شاعرة وأم وزوجة تمتلئ بالانتماء الى محيطها الأسري الصغير ثم الأوسع وهو الوطن المثخن بالجراح فكتبت عن مجزرة غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي عام ١٩٩٤ ونراها تعتب بحزن على الزعماء الذين أنقذوا كراسيهم فقدموا فلسطين ثمنا وتركوا شعبنا نهبة وفرائس للذئاب أمثال غولدشتاين العنصري المأفون .

لكننا شعب يمضي قدما .

تختتم الشاعرة:

لسوف يأتي آخرون

أمامهم كل ابصخور تتثني

وكل اهل العهر يوما سيُخذلون ويفتحون البحر من أعماقه ويخرجون .

تؤمن الشاعرة بأن كنوز النصر آتية :

كلٌ الكنوز التي بغفلة من الزمان  

قد خبأها في كهفه  قارون.

تحيتي للشاعرة دولت جنيدي ولجرأتها اقتحام عالم النشر وأتحفتنا بكنوز مخبأة . محبتي لهذا السلام المخيم على النفس والحرف والعطاء رغم كل المواجع رأت التبشير والتفاؤل .

ننتظر المزيد من هذا الحرف الرصين الذي نبرته الدفء والاحتواء .

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة: 8-6-2023 من ديمة جمعة السمان.