حرب المخابرات الأمريكية ضد العالم والروس يقاتلون.

بقلم: محمد احمد الروسان

محمد احمد الروسان
  • *كتب: المحامي محمد احمد الروسان*
  • *عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

الاختباء في تنورة السي أي ايه ومايكل اي كوريلا.

حرب المخابرات الأمريكية ضد العالم والروس يقاتلون.

 

في خطوات تصعيدية متفاقمة ومستمرة، لحرب المخابرات في العالم – حرب العملاء والعمليات القذرة، قامت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الحكم، في واشنطن دي سي، امّا عبر الفيل – الحزب الجمهوري، وامّا عبر الحمار – الحزب الديمقراطي، ببناء قواعد اتصالات جديدة، في الكثير من مناطق العالم، في دول الحلفاء والأصدقاء، وعلى تخوم دول الخصوم وتخوم دول الأعداء، وعزّزت وسمّنت مؤخراً، قاعدة اتصالات عسكرية مهمة، بنتها منذ سنوات، وسوف يكون تركيزها الأساسي، على منطقة الشرق الأوسط، والقارة الآسيوية.

التجسس الالكتروني، على منطقة الشرق الأوسط، الذي تقوم به هذه القاعدة القديمة الجديدة، لن يكون من أي منطقة في الشرق الأوسط أو الشرق الأدنى، أو جنوب أوروبا، أو شرق افريقيا، بل هو حاصل، من منطقة، لا يتوقعها أحد: انّها استراليا، باعتبارها المكان المناسب لتلك القاعدة، التي أنشأتها واشنطن منذ سنوات، وذلك لعدة اعتبارات: انّ وجود هذه القاعدة في استراليا، جعلها بمأمن عن أي هجمات، أو عمليات تجسس مضادة، تعترض الإشارات التي تقوم بشنها أو استقبالها هذه القاعدة، وانّ استقبال وإرسال الموجات الكهرومغناطيسية، في القارة الآسيوية، يكون أفضل منه في بقية أنحاء العالم، وذلك بسبب انخفاض معدلات التشويش، بجانب موقع استراليا الفلكي على كوكب الأرض، يعتبر من الأماكن المثالية للارتباط بالأقمار الصناعية، وان وجود القاعدة في استراليا، أتاح في الماضي، ويتيح الان ومستقبلاً، متابعة أنشطة تجسسية، تغطي جنوب شرق آسيا، وأيضاً منطقة الشرق الأقصى، بما في ذلك كوريا الشمالية، والصين.

لقد تم بناء هذه القاعدة التجسسية، في منطقة غيرالدتون الاسترالية، ويكون ارتباط هذه القاعدة، معتمداً على البيانات الاستخبارية، التي يقوم ببث إشاراتها، جيل جديد من الأقمار الصناعية المخصّصة لأغراض التجسس، ولا تقوم هذه القاعدة، بتزويد البنتاغون، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ووكالة الأمن القومي الأمريكي فحسب وفقط، بل تقوم أيضاً وبعمق، بتقديم خدمات البث المباشر للقوات الأمريكية الموجودة في منطقة الشرق الأوسط، ولن يكون هذا البث إلى القواعد الأمريكية، أو مراكز قيادة القيادة الوسطى الأمريكية، وإنما للوحدات العسكرية المتحركة، وعلى سبيل المثال: فإنّ قائد سرية الميدان، يحصل على المعلومات الميدانية، بشكل مباشر، ويستطيع أن يرى التفاصيل الميدانية، على شاشات البلازما الموضوعة على سيارة الهامفي.

وتقوم هذه القاعدة الأمريكية، والتي تم تعزيزها وإعادة بنائها، باعتراض والتقاط، كل الاتصالات، التي تتم بوساطة أجهزة الموبايل العادي والذكي، وذلك في المنطقة الممتدة من استراليا وحتى السويد والنرويج في شمال أوروبا، وموريتانيا والسنغال في غرب افريقيا.

وفي المعلومات: إن تعزيزات منشآت القاعدة القديمة الجديدة، سوف تعزز السيطرة الأمريكية على الأقمار الصناعية، وذلك عن طريق القيام، بعمليات اعتراض البث القادم إلى كوكب الأرض، من الأقمار الصناعية، وأيضاً القدرة على تشويش أنشطة الأقمار الصناعية(المعادية)لأمريكا.

وما قبل المواجهة الروسية الأطلسية الحالية، والتصعيد المتفاقم على طول خطوط العلاقات الأمريكية الصينية، تقوم وبعمق وكالة الأمن القومي الأمريكي، بالتعاون مع البنتاغون، ووكالة ناسا الفضائية، بإرسال جيل جديد من الأقمار الصناعية، الأكثر تطوراً إلى الفضاء الخارجي، وقد تقرر أن يكون العدد المبدئي لهذه الأقمار خمسة، منها قمران صناعيان لمنطقة الشرق الأوسط وحدها، والأقمار الثلاثة الأخرى لبقية مناطق العالم، وقد تم تحديد الغلاف الجوي الخارجي المواجه للمحيط الهندي، باعتباره النقطة المناسبة لتموضع أقمار الشرق الأوسط(الروس على علم بكل التفاصيل، ويعملون بالاتجاه المضاد لهذه الأقمار، وتقنياً أيضاً وعبر الفضاء بأقمار مضادة)، وذلك لأن التمركز في هذه النقطة سوف يتيح رصد ومراقبة، كل المنطقة الممتدة من أفغانستان وحتى المغرب العربي.

وتقول معلومات متقاطعة: تم تطوير صيغة جديدة لشبكة إيشيلون الالكترونية، ذات القدرة الفائقة، في تخديم الأنشطة الاستخبارية الالكترونية والكهرومغناطيسية، وسوف تمكّن صيغة إيشيلون الجديدة، هذه القاعدة الأمريكية، من اعتراض الانترنيت، البريد الالكتروني، ماكينات الفاكس، التليفونات، البث الراديوي، وأيضاً اختراق كل أجهزة الاتصال، والبث الموجودة داخل السفارات، في المنطقة الممتدة من استراليا وحتى موريتانيا والسويد.

وفي نطاق وتقنية عملها: تستطيع هذه القاعدة تغطية 55 ألف موقع عسكري في الدقيقة الواحدة، بالمعلومات الضرورية، لا بل: إنّ نظام تقنية القاعدة هذه، يتيح لها القدرة على معالجة 3 مليون اتصال الكتروني، في الدقيقة الواحدة، وذلك بفضل استخدامات، نظام معالجة كمبيوترية تطلق عليه تسمية القاموس(Dictionary)والذي يختار أوتوماتيكياً الكلمات المفتاحية، والبيانات والتواريخ، والأماكن، والموضوعات من قاعدة البيانات التي تشمل قدراً هائلاً من المعلومات السياسية، الاقتصادية، الأمنية، الجغرافية... وغير ذلك.

القاعدة لم ولن تركز حصراً على مجالات الأمن والدفاع والسياسة، بل تقوم بدور كبير، في تعزيز وإسناد عمليات التجسس الاقتصادي، وعلى غرار اعتراض اتصالات السفارات والبعثات الدبلوماسية، فإن القاعدة تقوم باعتراض اتصالات الشركات، والمؤسسات والمنشآت الاقتصادية، وقد أكدت بعض التسريبات المقصودة، والواردة من العاصمة الأمريكية، بأنّ وزارة الخزانة الأمريكية، يكون لها نصيب كبير في المعلومات الاستخبارية، التي تقوم القاعدة بتجميعها وفهرستها أوتوماتيكياً.

إنّ هذه القاعدة ذات العمل التجسسي الالكتروني، تمثل واحدة من أهم أدوات الحرب الباردة الشاملة الجديدة، التي تقوم الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بشنها ضد كل دول العالم، والتي لا تستثني أحداً، بما في ذلك أصدقاء أمريكا، وأخلص حلفائها، ما عدا إسرائيل، المستعمرة الأمريكية في المنطقة، والتي بسبب اختراقها للأجهزة الرسمية الأمريكية، فمن الممكن أن تستغل(أيديها الخفية المتمثلة، في جماعة المحافظين الجدد، وعناصر اللوبي الإسرائيلي)وتقوم بالتجسس على أمريكا نفسها.

والسؤال القاتل والقادح هنا: لماذا تخشى واشنطن الكشف عن جواسيس إسرائيل في مؤسساتها الوطنية؟.

سأحاول الإيجابية على هذا السؤال، عبر الربط بين معلومات هنا ومعلومات هناك مع التحليل، وسرد أمثلة محددة وأقول: لقد أدمنت إسرائيل شن الحروب الخفية وغير الخفية وما زالت، وفي الوقت الذي تقوم فيه، بشن حرب معلنة ساخنة ضد سوريا، إيران، حزب الله، وحركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي وغيرهم، فإنّها تشن حرباً غير معلنة باردة، ضد العديد من الأطراف الأخرى، بما فيها أصدقائها وحلفائها على حد سواء، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، أخلص حلفاء إسرائيل، وخاصة لجهة الملف النووي الإيراني وتداعيات وعقابيل، أي اتفاق جديد و\أو تفاهمات، للعودة لاتفاق عام 2015 م، الذي هندسه وأخرجه، السيد وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الحالي.

إسرائيل: تمارس استراتيجيات مخابراتية نوعية، بالمعنى الأفقي والرأسي، لجهة التغلغل في المؤسسات الهامة للدول المستهدفة في التجسس، عبر زراعة الأيادي الخفية لها – عملاء الظل، وبعبارة أخرى، نرى أنّ انكشاف المجتمع الأمريكي، أمام تغلغل اليهود الأمريكيين، وظّفه وولّفه واستثمره الإسرائيليون، في القيام بزراعة الأيادي الخفية الإسرائيلية ورعايتها، وبهذا الخصوص: يشير تقرير استخباري دولي، تم تسريب أفكاره، فيما مضى، والذي حمل عنوان: للبيع: أسرار الغرب النووية القاتلة، إلى النقاط التالية: أكدت الأدلة الجديدة، التي عثر عليها في مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكي، وجود مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية، يتقاضى الأموال من الأطراف الأجنبية، مقابل تقديم المعلومات عن المواد والتكنولوجيا النووية المحظورة، وهنا: أعدت مديرية مكافحة التجسس، قائمة تضم أسماء عدد من كبار المسؤولين في البنتاغون(وزارة الدفاع الأمريكية)ينخرطون في معاملات، تتعلق بتقديم المعلومات العسكرية الحسّاسة للأطراف الأجنبية مقابل المال، وقد مارست الإدارات الأمريكية المتعاقبة، والتي حدثت عمليات التجسس بعهدها، ضغوطاً مكثفة على مكتب التحقيقات الفيدرالي، للتحفظ على هذه المعلومات، لأن تحويلها إلى القضاء، سيؤدي إلى الانهيار الكامل لمصداقية هذه الإدارات الأمريكية، وعلى وجه الخصوص المؤسسات التالية: البيت الأبيض، ووزارة الخارجية، ووزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية، ووكالة الأمن القومي.

لقد استطاعت أجهزة المخابرات، في عدد من الدول النامية، التغلغل في الكثير من المرافق الأوروبية والأمريكية الفائقة الحساسية، مازالت لجنة الإدارة الأمريكية، تتكتم على تقرير التحقيق في هجمات الحادي عشر من أيلول، التي شكلها الكونغرس الأمريكي، وعلى وجه الخصوص: إفادات وشهادات، سيبيل إدموند: المترجمة وخبيرة اعتراض الاتصالات والتصنت، وتقول التسريبات: بأن إفاداتها سوف تؤدي إلى إدانة إسرائيل واللوبي الإسرائيلي، ولهذه الأسباب بذل اليهودي الأمريكي زوليك، الذي عمل لفترة طويلة في منصب نائب وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، ثم استقال من منصبه غضباً بعد فوز الديمقراطيين بالأغلبية في الكونغرس في حينه، ولكن بوش عينه رئيساً للبنك الدولي خلفاً لليهودي الأمريكي وولفوفيتز، الذي أطاحت به فضيحة صديقته سحر ريتسا، وقد بذل زوليك جهداً كبيراً بمعاونة المحافظين الجدد من أجل إخفائها، هذا وقد أشارت معلومات في تقرير استخباري دولي، متقاطع مع مصادر مختلفة: إلى أنّ سيبيل إدموند، قررت تسريب إفاداتها وشهاداتها، إذا لم تتحرك الحكومة الأمريكية بالشكل المطلوب.

وعودة على بدء أقول: لقد زرع ويزرع وسيزرع، الإسرائيليون، أياديهم الخفية، في الأجهزة العسكرية والسياسية ومراكز البحوث والمؤسسات الأكاديمية، وتوجد لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، مئات الأشرطة والوثائق والتسجيلات وغيرها، من المعلومات الاستخبارية، التي تم اعتراضها، وتشير جميعها إلى أن الأيادي الخفية الإسرائيلية داخل الأجهزة الأمريكية، تعمل في كل شيء: التعامل في المواد والتكنولوجيا النووية المحظورة، إدارة شبكات غسيل الأموال، إدارة شبكات المخدرات، إدارة شبكات الدعارة، نقل المعلومات الأمنية الحساسة.

وحسب المعلومات، والتي تم تحصيلها، فانّه من عمليات المخابرات الإسرائيلية في أمريكا، كانت: استخدام أحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية، في عملية التغلغل في دائرة البحوث النووية وبالتحديد مركز: لوس الاموس النووي، الواقع في نيو مكسيكو، ونقل الأسرار المتعلقة بأنشطة المركز، حيث تخصص هذا المركز هو: أمن الردع النووي الأمريكي.

ومن جهة أخرى: فقد استطاع جهاز المخابرات الباكستاني (isi)التغلغل داخل جهاز المخابرات التركية(Milit)، وتأكد ذلك لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، عندما تبين وجود عناصر دبلوماسية استخبارية تركية، كانت ناشطة في التقاط الأسرار النووية الأمريكية، وتسليمها إلى عناصر استخبارية دبلوماسية باكستانية، داخل الولايات المتحدة، حيث الجنرال الباكستاني محمد أحمد، رئيس جهاز المخابرات الباكستانية الأسبق، كان يشرف شخصياً على إدارة شبكة الوكلاء التابعين لجهاز المخابرات التركي، وما هو أكثر خطورة، كان يتمثل في أن الجنرال الباكستاني محمد أحمد، قد ثبت لمكتب التحقيقات الفيدرالي: ارتباطه الوثيق بتنظيم القاعدة، وقيامه بإرسال التحويلات المالية، للمصري محمد عطا، قائد خلايا تنظيم القاعدة، التي نفذت هجمات الحادي عشر من أيلول، مع وجود علاقة وثيقة، بين شبكة الجنرال محمد أحمد قائد جهاز المخابرات الباكستانية الأسبق، وشبكة البروفيسور عبد القدير خان الأب الروحي والمشرف على البرنامج النووي الباكستاني في حينه ووقته.

كما توجد علاقة وثيقة بين أسامة بن لادن زعيم القاعدة، والجنرال محمد أحمد والبروفيسور عبد القدير خان، وهناك دلائل تشير إلى وجود علاقة وثيقة بين شبكة القاعدة وشبكة المخابرات الباكستانية، وشبكة عبد القدير خان، واكتشاف عناصر تعمل داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، لمصلحة شبكة الجنرال محمد أحمد السابق ذكره.

انّ قصة الدبلوماسيون الأربعة الأتراك(مثال حي ونموذجي في كيفية التوظيف والاختراق، والعمل لصالح أكثر من طرف)، الناشطون ضمن شبكة رئيس المخابرات الباكستانية الأسبق في حينه، كانت لهم روابط مع السعودية أيضاً، وقد رصد مكتب التحقيقات الفيدرالي، قيام الدبلوماسيين الأتراك الأربعة، بتسليم السعودية أسراراً عسكرية نووية، تمت سرقتها من إحدى القواعد العسكرية الجوية بولاية ألاباما، وقد تم تسليم هذه الأسرار في مدينة ديترويت، وحينها سلم أحد رجال الأعمال السعوديين، مبلغ ربع مليون دولار أمريكي للدبلوماسيين الأربعة نظير أتعابهم.

الخلاصة من هذا السرد المعلوماتي، الاستخباري والتحليلي، مع الربط وتقاطع المعلومات المتاحة، وما تم تسريبه، مع التأكيد على أمن المعلومات المسربة، بعيداً عن التظليل وحرف الانتباه، أنّه: ما هو هام وضروري، يتمثل ليس في تغلغل جهاز المخابرات الباكستانية ضد المخابرات التركية، وتنظيم القاعدة، وإنما أيضاً في تغلغل المخابرات الإسرائيلية في المخابرات الأمريكية والمخابرات التركية، على النحو الذي أتاح لها، عن طريق المخابرات الأمريكية، التغلغل في بالمخابرات الباكستانية.

لقد أصبحت هذه التغلغلات المخابراتية، في مفاصل وتمفصلات الأجهزة العالمية الأمنية، والتغلغلات المضادة لها، أشبه بـخارطة الجينوم، لجهة التعقيد والتداخل، وسوف تكشف الأشهر والسنوات المقبلة، وما تحمله من تسريبات، الكثير من المفاجآت المذهلة، التي سوف تؤدي بلا شك، إلى تغيير الكثير من الوقائع الغامضة، التي حدثت في الماضي وحتى اليوم، في منطقة الشرق الأوسط والعالم، والمواجهة الروسية الأطلسية الحالية، والملف النووي الإيراني، وفي كيفية التوصل الى الاتفاق السعودي الإيراني، الذي شكّل القشة التي تقسم ظهر البعير الأمريكي قي المنطقة بثبات، وكيف تم هندسة ذلك، عبر المخابرات الروسية والمخابرات الصينية والتظهير في بكين، حيث الشرق الأوسط(هذه المنطقة)التي تمثل بؤرة حرب إسرائيل الصامتة.

والمعلومات، هذا الأوان الشرق الأوسطي المرتبك أيضاً، تتحدث أنّ أمريكا تتجهز، لإنشاء قاعدة إقليمية جديدة، لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في لبنان، تتقاطع في عملها وأهدافها، مع تلك القاعدة التجسسية الأمريكية في استراليا، حيث لبنان يملأه العملاء من كل حدب وصوب.

بلا شك، إنّ واشنطن تتمتع بشراكة استخباراتية ممتازة مع بيروت، وتعتزم الحفاظ على وجودها وطموحاتها في لبنان وتوسيعها، إذ تعمل حالياً على بناء مجمع سفارة بمساحة 93 ألف متر مربع، على موقع بمساحة 27 هكتاراً(نحو 64 فداناً) في العاصمة، سيضم أيضاً مركزاً للفنون، ومستشفى، ومسبحاً وأبراجاً سكنية، وستضم السفارة نفسها، مركزاً لجمع البيانات، ليصبح هذا الموقع الدبلوماسي، قاعدة إقليمية جديدة للمخابرات الأمريكية.

حيث يعتبر لبنان، القريب من سوريا، التي لا تزال واشنطن ترفض تطبيع العلاقات معها، وقلب المركز الإقليمي لحزب الله، موقعاً آمناً واستراتيجياً، لنشر عملاء استخبارات حاضرين بالفعل في المنطقة، وكذلك عملاء جدد، قادمين مباشرة من الوكالات الاستخباراتية في واشنطن، وذلك بهدف  إنشاء قاعدة دائمة هناك، كما تعتزم واشنطن أيضاً الاستفادة من شراكتها الاستخباراتية الممتازة، خاصة فيما يتعلق بحزب الله، مع وحدة الاستخبارات العسكرية B2 التابعة للجيش اللبناني، وانّ تمويل الولايات المتحدة للجيش اللبناني، حيث تلقى الأخير 60 مليون دولار أخرى، في ديسمبر/كانون الأول 2022م، يصحبه ضمان محدد، يسمح لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية(DIA)، باطلاع لا محدود، على معلوماته الاستخباراتية(وهذا خرق سيادي لعمل الجيش اللبناني).

انّ بناء المجمّع الضخم الجديد، الذي تبلغ قيمته مليار دولار، والذي تقرر عام 2014 م، مفاجأة لكثير من المراقبين والأطراف المعنية، في وقت تستمر فيه الولايات المتحدة في تحجيم وجودها بالشرق الأوسط، خاصةً أن المنطقة الشرق الأوسطية، تضم بالفعل عدداً كبيراً من البعثات الدبلوماسية الأمريكية، منها سفارة رئيسية في عمّان، وسفارة أخرى، هي الأكبر في العالم، في بغداد، فضلاً عن سفارة يجري تشييدها في أربيل بكردستان العراق.

وسفارة بيروت الأمريكية الجديدة، التي صممت لتكون أساس وجود دائم في لبنان، والتي اختير موقعها، بفضل وضعه الأمني القوي، وقربه من البحر وهو المتوسط، الذي يسهّل الإخلاء، ستكون مركزاً إقليمياً وقاعدة احتياطية محتملة.

وفي المعلومات: لقد عُهد ببنائها إلى شركة مورفوسيس Morphosis للهندسة المعمارية في لوس أنجلوس، وشركة ألاباما، المسؤولة عن بناء قنصلية أربيل في كردستان العراق(خمسة عقود من العشق الممنوع، بين إقليم كردستان العراق وتل أبيب - عودوا الى تحليلي هذا، والذي كتبته قبل عشرين عاما من الان)، بي إل هاربرت BL Harbert، ويشرف على أعمال البناء ويليام موسر، مدير مكتب وزارة الخارجية لعمليات المباني الخارجية، ويزور موسر الموقع من حين لآخر، مثلما فعل في 5 مايو/أيار الماضي، برفقة سفيرة الولايات المتحدة في بيروت، دوروثي شيا.

والعمليات السريّة، لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط، كثيرة ومتعددة، وبعضها واضح وجلي، لأطراف استخبارية إقليمية، تتابع وتترقب، في عمل مضاد ضدها، حيث تتحدث بعض الأوساط الصحفية الأميركية الرفيعة المستوى والمختصة، نقلا عن المصادر العليمة في البنتاغون، ووكالة المخابرات المركزية الأميركية، ووكالة الأمن القومي، ومجلس الأمن القومي الأميركي، عن العمليات السرية العسكرية المخابراتية - مركز التحكم والتوجيه الأرضي للطائرات بدون طيار، الجارية حالياَ، في منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الحرب الأوكرانية الروسية - المواجهة الروسية الأطلسية - بالتنسيق مع القيادة الأمريكية الخاصة بالقارة الأوروبية: فما هي خلفيات هذه العمليات السريّة، وما هو نطاقها وتداعياتها الماثلة والمؤجلة؟.

وتحدثت التسريبات الأميركية، عن عمليات سريّة تم القيام بها، وأخرى قيد التنفيذ، إضافة إلى عمليات إضافية غير محدودة، تزعم واشنطن القيام بها، في منطقة الشرق الأوسط، وفي منطقة المواجهة الروسية الأطلسية، عبر المسألة الأوكرانية من خلال القيادة اليانكيّة الأمريكية، الخاصة بقارة أوروبا، وأشارت هذه التسريبات إلى النقاط الآتية:

اتخاذ قائد القيادة الوسطى المركزية الأميركية الحالي، الجنرال مايكل أي كوريلا، قراراً جريئاً، أصدر فيه أمراً، لوحدات القيادة الوسطى الأميركية، بضرورة القيام، باستخدام وحدات القوات الخاصة الأميركية، بتنفيذ المزيد من العمليات السرية، في سورية ولبنان وغيرهما، وكذلك قائد القيادة الأمريكية الأوروبية، اتخذ ذات القرار، لجهة العمل ضد الفدرالية الروسية وبيلاروسيا، خاصة بعد تسلم روسيا البيضاء، لعدد من الرؤوس النووية الروسية التكتيكية.

هذا وقد تم تحديد نطاق العمليات السرية الجغرافية، بحيث تشمل كل المسارح الموجودة، ضمن نطاق ولاية واختصاصات مسرح مسئولية القيادة الوسطى الأميركية إضافة إلى بعض المناطق المتاخمة لهذا المسرح، وكذلك الأمر بالنسبة للقيادة الأمريكية الأوروبية.

والتأكيد على قيام قائد القيادة الوسطى الأمريكية، بالإشراف على تنفيذ العمليات السرية، في المسارح العملياتية الواقعة ضمن منطقة مسئولية القيادة الوسطى الأميركية، إضافة إلى المشاركة مع القيادات الأميركية العسكرية الأخرى، في عملية تخطيط ومتابعة تنفيذ العمليات السرية في المناطق الأخرى، الواقعة خارج نطاق ولاية القيادة والوسطى الأميركية، وعلى وجه الخصوص القيادة الأوروبية فيما يتعلق بالمسرح الأوكراني، والقيادة الأفريقية فيما يتعلق بالمسرح الصومالي والقرن الأفريقي، وشرق أفريقيا، إضافة إلى القيادة الباسيفيكية فيما يتعلق بمناطق المحيط الهندي، وتخوم جنوب وجنوب شرق آسيا، وأيضا القيادة الأوروبية، فيما يتعلق بمناطق المسرح الأوكراني، وكذلك البحر الأبيض المتوسط، اليمن، أفغانستان، الصومال، إيران، باكستان، إضافة إلى منطقة شرق المتوسط، ولكن بالتنسيق المباشر وغير المباشر مع الإسرائيليين.

والتأكيد على التفاهم والتنسيق التام بين الجنرال قائد القيادة الوسطى الأميركية مايكل أي كوريلا، والجنرال أوستن وزير الدفاع الأميركي، والذي أكدت المصادر، بأنه أصدر قراراً واضحاً برفع ميزانية العمليات السرية الأميركية، في اطار حرب المخابرات الأمريكية ضد العالم.

وتم تحديد جدوى العمليات السرية الأميركية، بأنّها تهدف إلى تحقيق أربعة أهداف هي: تدمير الأهداف المعادية، بناء الشبكات الصديقة، الاستطلاع وجمع المعلومات، إعداد وتمهيد المسرح، استعدادا للعمليات والمواجهات المحتملة القادمة.

وتقول المعلومات والتسريبات الأميركية، بأن التقارير حول هذه العمليات السرية الأميركية، قد برزت بشكل متزامن على خلفية ضعف، في أداء أجهزة المخابرات الأميركية، مع توصيات غامضة، صادرة من مفاصل الدولة العميقة في أمريكا بتحميل: بعض الجنرالات المسؤولين، ومعهم وليام بيرنز مدير السي أي ايه، المسؤولية، عن حدوث كل نقاط الضعف والأخطاء والاختراقات الأمنية – المخابراتية -العسكرية، التي ترتبت عليها، ومن أبرزها نجاح حزب الله اللبناني، في تعزيز قدراته العسكرية، وصعود قوة حركة طالبان الباكستانية، وحركة طالبان الأفغانية، والتشاركيات العميقة بين موسكو وطهران وبكين، وجلّ منظومة دول البريكس، وكذلك منظمة شنغهاي.

وتتموقع وتتموضع، نقاط ومرتكزات، جدول أعمال العمليات السرية الأميركية في الشرق الأوسط، وحسب ما أشارت المعلومات والتسريبات، إلى أنّ القيادة الوسطى الأميركية، تقوم حالياً، بإعداد المزيد من البنى التحتية الهامة وتعزيز القائم منها، التي سوف ترتكز عليها العمليات السرية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، وقد تم تحديد جيبوتي ومنذ سنوات، لتكون نقطة الانطلاق للعمليات السرية الأميركية(حيث تم تعزيز البنى التحتية القائمة فيها)الموجهة ضد اليمن والصومال، ومنطقة خليج عدن، إضافة إلى مناطق شرق أفريقيا، والقرن الأفريقي، وأشارت المعلومات إلى أن أميركا قد نجحت في نشر أسراب الطائرات بدون طيار، في القاعدة العسكرية الجوية الأميركية الثانية، التي تم بناءها وتجهيزها مؤخراً في جيبوتي، بجانب القاعدة القديمة، التي ظلت تنطلق منها الغارات، التي شنتها الطائرات بدون طيار ضد بعض الأهداف اليمنية، والصومالية، إضافة إلى الغارات الداعمة لعمليات القوّات السعودية، ضد الحوثيين في محافظة صعدة اليمنية، على مدار الحرب السعودية اليمنية، والتي قد تضع أوزارها الان، بعد الانحيازات السعودية الجديدة، على أثر الاتفاق السعودي الإيراني، بل وقبله اتفاق أوبك + مع الروس، والاتجاه السعودي شرقاً، نحو الصين والفدرالية الروسية، والانضمام السعودي، الذي يجري على قدم وساق الى منطومة دول البريكس، بجانب مصر والجزائر، وعلى أمل: أن لا يكون انضمام هذه الدول الجديدة(كدول البروكسي)، انضمام ملغوم ومشكوك، باطار التقاطع مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومصالحها المتمثلة، في تخريب هذه المنظومة الناشئة، وهي المنظومة الناجحة والقادحة، والتي سوف تقلّل، من اعتماد الجميع، على الدولار واليورو، فالمعركة: هي معركة الدولار واليورو، كعملة دولية صعبة.

هذا وقد أوضحت التفاصيل، التي أشارت إليها التسريبات، بأنّ الجنرال قائد القيادة الوسطى المركزية الأمريكية، قد برر الأمر الذي أصدره بالتنسيق مع وزير الدفاع أوستن، بأنّه على قناعة تامة، بأنّ العمليات السرية الأميركية، التي سوف يتم تنفيذها في منطقة الشرق الأوسط، سوف تؤدي إلى تحقيق المزيد من التصعيد العسكري، في مختلف المسارح الشرق أوسطية، وبأنّ هذه التصعيدات العسكرية، سوف يكون لها تأثير إيجابي من شأنها، لجهة تحفيز ودعم خطط المساعدات العسكرية والمخابراتية، التي تسعى أميركا من خلالها، إمّا إلى تعزيز المصالح الأميركية في المنطقة، أو إلى دعم حلفاء أميركا الموجودين في المنطقة، والذين يتمثلون في إسرائيل أولاً، وثانياً في ما تسمى، بدول الاعتدال العربي، وانا أسميها مع كل أسف وحزن: دول الاعتلال العربي.

حيث جدول الأعمال التنفيذي، للعمليات السرية الأميركية سوف يتضمن: نشر المزيد من القواعد العسكرية التي تتمركز فيها الطائرات بدون طيار، ونشر المزيد من أسراب الطائرات بدون طيار الأميركية، وبناء القدرات التكنولوجية المتطورة في المنطقة، بما يحقق القدرة على الاستطلاع، وتوجيه وإعادة توجيه الطائرات بدون طيار في كافة مسارح المنطقة، وجمع المعلومات ذات القيمة الاستخبارية، من كافة أرجاء المنطقة، والمتابعة المستمرة والدقيقة، لمختلف الأهداف ذات القيمة الاستخبارية الاستراتيجية والتكنيكية في المنطقة.

وإضافة لذلك، ورغم سيل المعلومات، التي تتحدث عن تفاهمات أمريكية إيرانية، عبر سلطنة عمان في مسقط، كقناة خلفية غير مباشرة ومتفاقمة، أكدت المعلومات والتسريبات، بأنّ القيادة الوسطى الأميركية، وتحت الإشراف المباشر للجنرال قائدها مايكل أي كوريلا، سوف تقوم بتنفيذ برنامج عمليات سرية خاص، بالمسرح الإيراني، وآخر خاص بمنطقة شرق المتوسط، بالتنسيق مع الإسرائيليين، وبالنسبة لإيران، أكدت التسريبات بأنّ العمليات السرية، سوف يتم إطلاقها من جميع الاتجاهات المحيطة بإيران، بما يشمل الانطلاق والتغلغل إلى داخل إيران عبر: أفغانستان، باكستان، تركمانستان، العراق، تركيا، أذربيجان، إضافة إلى أرمينيا، وبحر قزوين وبحر العرب والخليج العربي: أمّا بالنسبة لمنطقة شرق المتوسط، فلم تتم الإشارة إلى أي تفاصيل، ولكن كما هو معروف، فإنّ الساحة اللبنانية، والساحة الأردنية، سوف تشكلان أهم نقاط الانطلاق، والتمركز الأميركي في المنطقة، حيث 16 قاعدة عسكرية أمريكية في الأردن، ضمن اتفاقية دفاع أمريكية أردنية مشتركة، تم توقيعها منذ سنوات، ونشرت في الجريدة الرسمية الأردنية وبالتفاصيل، وفي لبنان مجمّع السفارة الأمريكية، والذي هو بمثابة قاعدة إقليمية لوكالة المخابرات المركزية الامريكية، تماثل القاعدة التجسسية الالكترونية الأمريكية في غيرالدتون الاسترالية والتي تم تعزيزها مؤخراً.

 

 

 

 

 

 

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت