- هانى احمد طه
في تصعيد جديد غير مسبوق علي الضفة الغربية المحتلة لأول مرة منذ20 عاما ، شنت القوات الإسرائيلية غارات جوية على مواقع في مخيم جنين بالضفة الغربية، بعد أن داهمت حي الجابريات في المخيم وحاصرت أحد المنازل لمطاردين تتهمهم بالمسؤولية عن تنفيذ عمليات إطلاق نار ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري في الضفة الغربية ما ينذر بمواجهات مفتوحة مع المقاومين الفلسطينيين المتواجدين في عدد من المدن ولعل أبرزها جنين ونابلس، ويعتبر استخفافاً بالمواقف والمطالبات الدولية الداعية إلى وقف التصعيد، وتمرداً على الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة برعاية دولية وأمريكية
أن التصعيد الراهن في الضفة الغربية والقدس قد يكون بداية لشرارة انتفاضة ثالثة ستؤدي لانفجار الأوضاع في الأراضي المحتلة وتبديد أي فرصة لتفعيل عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. فيما دارت اشتباكات عنيفة في أرجاء المخيم، حيث اعتلى قناصة إسرائيليون أسطح المنازل لاستهداف مقاتلين فلسطينيين،وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت إصابة نحو 31 شخصاً، وسقوط 3 قتلى بينهم طفل.
أذا نظرنا الي جرائم القتل خارج القانون والإعدامات الميدانية التي ترتكبها قوات الاحتلال وعناصر الإرهاب اليهودي بحق المواطنين الفلسطينيين بمن فيهم الاطفال، والتي باتت تسيطر على المشهد اليومي لحياة المواطنين الفلسطينيين بفعل التصعيد الإسرائيلي الرسمي والمتعمد، والتعليمات والتوجيهات التي أصدرها المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال لجنوده بتسهيل إطلاق الرصاص الحي على المواطنين الفلسطينيين بهدف القتل.أتت تلك الاشتباكات، فيما يتصاعد التوتر بين تل أبيب والسلطة الفلسطينية لاسيما بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية أمس الأحد على خطط لبناء 4560 وحدة سكنية في مناطق مختلفة من الضفة، وإدراجها على جدول أعمال المجلس الأعلى للتخطيط الإسرائيلي الذي يجتمع الأسبوع المقبل، على الرغم من أن 1332 وحدة سكنية فقط جاهزة للموافقة النهائية، فيما لا يزال الباقي يخضع لعملية الموافقة الأولية. أن هدف الاحتلال الإسرائيلي من هذه الجرائم الموصوفة هو تركيع الشعب الفلسطيني والقضاء على المقاومة الفلسطينية الباسلة التي تشهد فصولها كل يوم في ميادين المواجهة ضد هذا الاحتلال وسياساته العنصرية والدموية، مشيرا إلى شروع الاحتلال في سن تشريعات لقوانين عنصرية لتوسيع وتعزيز الاستيطان.
كما إن جريمة الاغتيال في جنين لن تمر دون رد وعقاب من الشعب الفلسطيني ومقاومته ولن تكسر إرادته، بل تزيده إصرارا على تصعيد مقاومته وثورته. أن المستوطنات تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، عقبة رئيسة أمام تحقيق حل الدولتين القابل للحياة والسلام العادل والدائم والشامل و توحيد الجهود الفلسطينية والعمل بشكل فوري وجاد على انهاء الانقسام الفلسطيني، التوجه إلى كل المؤسسات والهيئات الدولية لمحاصرة الاحتلال، ولتأطير الحالة الجماهيرية بتشكيل القيادة الوطنية الموحدة لتقود نضالات الشعب الفلسطيني وصولاً لعصيان وطني وبناء استراتيجية وطنية بديلة لأوسلو تعتمد سياسة مقاومة الاحتلال في الميدان بكل الأشكال وعلى الساحة الدولية لرفع مكانة عضوية المراقبة للدولة الفلسطينية لعضوية كاملة العضوية والدعوة لعقد مؤتمر دولي لتطبيق قرارات الشرعية الدولية الهادفة لرحيل الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من قيام دولته الفلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وإنجاز حق العودة للديار التي هجروا منها بتطبيق قرار 194، وتقرير المصير.
هذا التصعيد جزء لا يتجزأ من سياسة رسمية إسرائيلية تهدف إلى خلق حالة من الفوضى في ساحة الصراع، لتسهيل عمليات استكمال الضم التدريجي غير المعلن للضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وبما يؤدي إلى إضعاف الجانب الفلسطيني وضرب علاقته بالمواطنين الفلسطينيين وتهميش شريك السلام الفلسطيني إن لم يكن تغييبه، خاصة في ظل برنامج الائتلاف الإسرائيلي المتطرف اليميني الحاكم المعادي للسلام ولأية حلول سياسية لحل الصراع.
التصعيد الإسرائيلي في جنين متوقعا لسببين أولهما الضغط الداخلي لوجود شعور متنامي بأن مدينة جنين باتت تشكل قاعدة صلبة للعمل المقاوم في الضفة الغربية، مشيرا إلى الأمر الثاني يتعلق بالظروف الداخلية الإسرائيلية في ظل وجود ما يشبه تراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مسألة الإصلاحات القضائية. الأوضاع الفلسطينية الراهنة تشهد تصعيداً غير مسبوق من الكيان الصهيوني الذي أعلن صراحة نيته اقتلاع الشعب الفلسطيني من ارض وطنه خاصةً ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من تصعيد واقتحامات واجتياحات بشكل يومي للمدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية والجرائم المتواصلة التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين خير دليل على ذلك. أن ما تشهده الاراضي الفلسطينية تعدى مرحلة الاستيطان وانتقل إلى مرحلة جديدة من ضم أجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية إلى جانب شق طرق خاصة بقطعان المستوطنين ضمن سياسة فاشية تهدف إلى تقطيع أواصر المدن الفلسطينية وحشر الفلسطينيين في "كانتونات" مغلقة في المدن والبلدات والقرى ومن أجل احكام السيطرة على الفلسطينيين. كما أن ملف جنين يتلاءم مع أفكار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي يدعو الفلسطينيين بالحكم الإسرائيلي دون أي اعتراض، أو أن يرحلوا من الأراضي المحتلة، وحال عدم رحيلهم عليهم بأن يجهزوا نفسهم للقتال "الفلسطيني لن يرحل ولن يستسلم وهذا سبب التصعيد العسكري الإسرائيلي. الحكومة الإسرائيلية تسعى لإفشال جميع الجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف جميع الأعمال الأحادية، التي يصر الجانب الإسرائيلي على الاستمرار بها.
من جهة أخرى، لا ترغب "إسرائيل" في مواجهة واسعة على الأرض، وخصوصاً في ظل انشغال الإدارة الأميركية بالحرب في أوروبا، وعدم رغبتها في فتح جبهة جديدة في المنطقة تؤثر في الاتفاق النووي مع إيران، وتدفع الدول العربية الحليفة التي بدأت تعلن ضيقها من السياسات الأميركية إلى اتخاذ مواقف أكثر حدّة. بين الخيارين، يصبح رد الفعل الفلسطيني على القرارات الإسرائيلية الحكم على مستقبل الحكومة الإسرائيلية السياسي،
جريمة الاغتيال في جنين لن تمر دون رد وعقاب من الشعب الفلسطيني ومقاومته ولن تكسر إرادته، بل تزيده إصرارا على تصعيد مقاومته وثورته. فهل سنشهد انتفاضة ثالثة
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت