- بقلم / د. أحمد بحر .. رئيس المجلس التشريعي بالإنابة
منذ أن تشكلت حكومة نتنياهو العنصرية التي تشكلت من غلاة الاستيطان والتطرف في الكيان، بات المستوطنون يشكلون قوة عصابات منظمة في الضفة الغربية مدعومة من الحكومة التي تحميهم وتشجعهم وتمنحهم الغطاء لممارسة إرهابهم وعدوانهم ضد أبناء شعبنا.
فتلك العصابات التي تمارس عدوانها الوحشي على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة بشكل يومي تحت اسم "شبيبة التلال" ذات الفكر العنصري والقناعات اليهودية الاستئصالية، تتلقى دعما مباشرا من وزير الأمن الداخلي الصهيوني إيتمار بن غفير، ومن وزير المالية بتسليئيل سموتريتش، الذين يدافعون عن عناصرها وقادتها، ويوفرون لهم الغطاء السياسي والواقعي على الدوام.
في مساء يوم الأحد 26 فبراير 2023 تجسد أحد أخطر مظاهر العدوان على شعبنا في الضفة حين شن غلاة التطرف والاستيطان بحماية قوات الاحتلال هجوما إرهابيا مسعورا على بلدة حوارة جنوبي نابلس، واعتدوا على أهالي البلدة وأحرقوا عشرات المنازل والسيارات ما أدى إلى استشهاد مواطن فلسطيني وجرح مئات آخرين.
وقبل عدة أيام شن المستوطنون المشمولون بحماية جيش الاحتلال اعتداءات جديدة على قرى وبلدات ترمسعيا وبيت فوريك وعورتا وحوارة واللبن الشرقية والساوية وزعترة وياسوف ودير شرف واللبن الشرقية، قضاء نابلس، وأحرقوا عشرات المنازل ومساحات واسعة من المحاصيل الزراعية وسيارات ومحلات تجارية، كما هاجم مستوطنون قرية بيتين شرق رام الله، وكسروا زجاج عدد من المركبات ومنازل المواطنين ومحلات تجارية، ناهيك عن جريمة حرق المصحف الشريف التي تكررت أكثر من مرة على يد عصابات المستوطنين بالضفة في أشد أشكال الحقد العنصري والانحطاط الديني والمساس بالمقدسات الإسلامية، وغيرها الكثير من أشكال العدوان اليومي التي يقترفها المستوطنون.
وفي مواجهة هذا الإرهاب المتصاعد الذي يشنه المستوطنون المجرمون يتألق أبناء شعبنا في الضفة بمقاومة شعبية وبسالة وطنية منقطعة النظير، ويدافعون بكل إباء عن أرضهم وممتلكاتهم ضمن مشاهد يجللها التحدي والإباء، ويرسمون لوحة تختزلُ حكاية الوطن السليب، وتُبقِي جذوة الإقدام والمواجهة متقدةً في نفوس وهمم أجيال شعبنا المتعاقبة لدحر الغزاة الغاصبين.
ومن هنا فإننا نتوجه بالتحية الخالصة إلى جماهير شعبنا الأبي المرابط في كل مدن وقرى ومخيمات الضفة الذين يواجهون أعتى صنوف الإرهاب العسكري والاستيطاني الصهيوني، ويتصدون بصدورهم العارية لآلة العدوان والإجرام الصهيونية، ويحبطون بكل ثبات سياسات استهداف الإنسان الفلسطيني والأرض الفلسطينية.
إننا نؤكد أن حكومة الاحتلال الصهيوني تتحمل مسؤولية الجرائم والاعتداءات الوحشية التي يرتكبها المستوطنون صباح مساء، وندعو المحكمة الجنائية الدولية بوقفة جادة للتصدي لهذه الهجمات العنصرية المدعومة من حكومة نتنياهو، والعمل على فتح ملف الاستيطان والمستوطنين كأحد جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، إلى جانب فتح ملف جريمتي الحصار والعدوان وفق الشكوى التي تقدم بها نواب المجلس التشريعي الفلسطيني للمحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي، ومحاسبة قادة الاحتلال والمستوطنين وكافة المتورطين في العدوان على شعبنا كمجرمي حرب.
إن عربدة وإرهاب المستوطنين الصهاينة في مناطق الضفة يبرهن مجددا على العقلية الصهيونية الفاشية التي لا تتقن سوى القتل والتخريب ونشر الفساد في الأرض، ولن يكسر إرادة شعبنا أو يفت في عضد مقاومتنا، وسيقابله شعبنا بمزيد من الثبات والتحدي والصمود ومزيد من المقاومة والعمليات النوعية والاشتباك الشامل مع الاحتلال.
وإذ ندعو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق رسمي في ملف الجرائم الاستيطانية الصهيونية المرتكبة بحق أرضنا الفلسطينية، إضافة إلى جرائم الحصار والعدوان، فإننا ندين صمت المجتمع الدولي والمنظمات الأممية التي تكيل بمكاييل السياسة العرجاء، وتمتهن ازدواجية المعايير الخرقاء، وتدير ظهرها للقوانين الدولية والقوانين الدولية الإنسانية والاتفاقيات الدولية التي تحظر وتجرّم كافة الممارسات الاستيطانية الصهيونية وكافة جرائم المستوطنين التي جرت وتجري حاليا على أرضنا الفلسطينية.
لقد آن الأوان كي تضطلع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمنظمات الأممية كافة بمسؤولياتها القانونية والسياسية والأخلاقية والإنسانية في حماية قراراتها والدفاع عن ميثاقها ومنظومتها القانونية والإنسانية التي تدين الاستيطان وجرائم المستوطنين الصهاينة، واتخاذ قرارات حاسمة في وجه المخططات والسياسات الصهيونية العنصرية التي تعمل على زرع بذور الانفجار والتصعيد في المنطقة، وتشكل تهديدا مباشرا للأمن والاستقرار والسلم الدولي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت