حل الدولتين..

بقلم: طه خالد منصور

طه خالد منصور
  • طه خالد منصور

لم تكن تصريحات نتنياهو بشأن حل الدولتين مفاجئة للكثيرين، خاصة أن بيان مجلس النواب الأميركي الذي أكد فيه الدعم الأميركي لإسرائيل دون أن يشير إلى رؤية "حلّ الدولتين" والفلسطينيين سبقه بشهور، والغريب أن تصريحات نتنياهو لم تلق أية إدانة، سواء عربيا أو دوليا، خاصة من جانب الولايات المتحدة، وذلك رغم شدته وتعارضه مع المواقف المعلنة للدول العربية والغربية في ما يخص الحفاظ على مسألة "حل الدولتين".

نتنياهو قالها أمام العلن "يجب العمل على اجتثاث فكرة إقامة الدولة الفلسطينية، وقطع الطريق على تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة مستقلة لهم"، قد تكون هذه التصريحات بمثابة الاعتراف العلني عن ما برهنته وأشارت إليه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، التي لم تتوان عن إيصال رسائل سياسية واضحة، تؤكد فيها رفضها لخيار حل الدولتين وتجاوزها لاتفاقيات أوسلو، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات عن جدوى التمسك بتلك الاتفاقيات التي لفظها الاحتلال رغم إهدارها للحقوق الفلسطينية.

الواقع المعاش داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة برهن على أن خيار حل الدولتين قد تلاشى مع عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى السلطة ومعه ائتلاف يميني متطرف، كرس كل إمكانياته لبسط العقلية المتطرفة، وذلك من خلال توسيع رقعة الاستيطان في الضفة الغربية، خاصة مدينة القدس الشرقية، واستمرار مسلسل التهويد الذي تقوم به إسرائيل على قدم وساق، والأمثلة على ذلك كثيرة، ويكفي أن نقول أن جل نتائج الإحصائيات تدل على أن الوضع منذ قدوم الحكومة المتطرفة يسير في منحى تصاعدي نحو تصعيد يدفع إلى الانفجار أو حتى انتفاضة ثالثة.

لم تكن تصريحات نتنياهو سوى جرس إعلان نهاية وهم حل الدولتين ليعلن بذلك بداية حقبة جديدة، لا بد فيها من الخروج نحو واقع يعيشه الفلسطينيون منذ زمن طويل لم يكن خيار حل الدواتين فيه من الأساس، بالنظر لما عانوه من سياسة التطرف، من جهة أخرى ينبغي علينا النظر في التوقيت الذي جاءت فيه هذه التصريحات التي لم تكن سوى استمالة للجماهير المتطرفة التي أصبحت تحاصر نتنياهو من كل جهة، وفي محاولة لكسب ودهم، منحهم هذا الأخير مناصب وزارية عليا مسؤولة عن المالية والأمن، ووعد بإنشاء وحدة حرس وطني يخشى منتقدون أن تتحول إلى مليشيات يمينية، وها هو اليوم يقضى على حل الدولتين لإرضاء تطرفهم من جديد، لكن مع ازدياد صعوبة المضي في الطريق، فربما لم يعد لديه الآن سوى القليل من الوعود التي يقدمها لهم.

في الأساس إسرائيل لم تؤمن يوما بخيار حل الدولتين، ولا بخيارات احلال السلام التي لطالما تغنت بها، فهي من تسعى جاهدة للقضاء على كل ما هو فلسطيني، فما صرح به نتنياهو لا يخرج عن نطاق الموقف الاستراتيجي الأيديولوجي الحقيقي والثابت لإسرائيل، تجاه الفلسطينيين منذ زمن طويل.

استجداء ما قد فات لن يجدي نفعا، اليوم ومع ما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من احتلال وتهويد وتصعيد مستمر، خاصة في جنين التي تعاني حتى كتابة هذه السطور من اقتحام وقصف مستمر، لا بد من تعزيز العمل الفلسطيني والعربي المشترك لمواجهة هذه الحكومة المتطرفة التي تحاول جاهدة القضاء على كل ما هو فلسطيني، وقبل انهيار الأوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة إلا ما لا يحمد عقباه، والسعي للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي كافة من أجل التوصل إلى أفق سياسي، ينهي الاحتلال للأراضي الفلسطينية، ويقدم حلا عادلا لقضية اللاجئين الفلسطينيين الذي يعانون من الشتات ولا زالو يحلمون بحق العودة يوما ما، وهو ما يتطلب وقفة حاسمة من الجميع الجهات داخليا وخارجيا، وفي نفس الوقت لا بد من التمسك بالمقاومة الشعبية، والعمل على دفع المنطقة والعالم اجمع لإدانة ممارسات الاحتلال وجرائم المستوطنين التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت