- معتز خليل
تداولت بعض من التقارير الغربية والإسرائيلية أخيراً بعضاً من التقارير الإستراتيجية التي تؤكد أن السلطة الفلسطينية باتت في مرحلة انهيار واضح، واستدلت بعض من هذه التقارير على صحة ما ذهبت إليه من خلال المعطيات الحالية:
1- صعوبة توفير المال اللازم لشراء العتاد والمواد التقنية وبعض من المعدات اللوجستية من أجل إرساء وجود السلطة إستراتيجياً في عدد من المخيمات والمواقع الحساسة بالضفة الغربية.
2- عدم صرف الأموال والرواتب للموظفين الفلسطينيين، فضلاً عن صعوبة الأزمة الاقتصادية على جميع فئات المجتمع بما فيها رجال الأمن الفلسطيني.
3- توصل تقدير موقف عسكري إسرائيلي إلى أن أحد أسباب انضمام العناصر الأمنية الفلسطينية للمقاومة، يعود إلى رعاية المقاومة لهذه العناصر مادياً، وهي الرعاية التي باتت مصيرية للكثير من العناصر الأمنية التي تحصل شهرياً على نسب من رواتبها وليس كل الراتب.
كل هذا في مقابل دعم لا محدود تحصل عليه المقاومة، وهو الدعم الذي يصل إليها من قبل بعض من الدول الإقليمية وتحديداً إيران التي تعلن دائماً عن هذا الدعم وتعتبر أن مساندة الفلسطينيين اقتصادياً وعسكرياً بات أمراً مصيرياً في ذروة هذه الأحداث.
من بعدها أعلنت دولة الإمارات عن تبرعها بـ15 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في مخيم جنين، فيما أعلنت الجزائر عن نيتها التبرع بثلاثين مليون دولار لهذا الغرض، وفقط هنا أذكر بتصريحات صدرت عن بعض من المسؤولين الفلسطينيين ممن أكدوا صعوبة وصول الكثير من المستحقات المالية إلى السلطة، رغم تعهد كثير من الدول العربية بدفعها، وهو ما يعود لأسباب سياسية وجيوسياسية واقتصادية.
إن ما سبق هو بمثابة مشاعر نبيلة وهو أمر جيد ومتميز، غير أن الأزمة بالفعل تقتضي ووفقاً للظروف الراهنة:
1- تشكيل جهاز عربي للتنسيق الإقليمي لترسيخ حصول السلطة الفلسطينية على مساعدات مالية واقتصادية بصورة منتظمة.
2- هناك تحد آخر يتمثل في غزة التي تعاني الأمرين أيضاً في ذروة ما تعيشه فلسطين، الأمر الذي يدفعنا للسؤال: هل ستحصل غزة بدورها على جزء من هذه المساعدات؟
التطور الآخر مع هذه التحديات يتمثل في توجس الإسرائيليين الشديد من انهيار السلطة، وهو التوجس الذي بات واضحاً مع التصريحات الإعلامية التي يطلقها كبار المسؤولين الإسرائيليين من المتقاعدين ممن استضافتهم هيئة البث الإسرائيلية، وهي الجهة الإعلامية الحكومية الأرفع، فضلاً عن بعض من الصحف، وتحليل مضمون تصريحات هؤلاء المسؤولين يمكن تلخيصه في:
1- التحذير من انهيار السلطة الفلسطينية.
2- التأكيد على أن هذا الانهيار لن يصب في النهاية في مصلحة إسرائيل وخاصة أن حجم الاستفادة من التعاون أو ما يعرف بالتنسيق الأمني بات مهماً للغاية بالنسبة لها.
3- الحديث صراحة عن أن تولي مسؤولية إدارة شؤون الضفة الغربية سيزيد من حجم الأعباء الاستراتيجية والسياسية الملقاة على إسرائيل، وهو أمر سيزيد من حجم الاضطرابات لديها خاصة في ظل التحديات السياسية والأمنية القادمة من إيران، وهي التحديات التي تصيب إسرائيل بالقلق خاصة مع نجاحها المتميز في أكثر من صعيد، غير أن السؤال التقليدي الآن والذي تطرحه الكثير من الدوائر هو: أين العرب؟
هذا السؤال بات مطروحاً بالكثير من الدوائر السياسية والإستراتيجية الإقليمية وخاصة مع عدم وصول أي دعم عربي سريع للفلسطينيين، ويمكن الإجابة عن هذا السؤال اختصاراً في جملة واحدة: «تضارب المصالح»، وخاصة أن الكثير من الدول العربية لها علاقات مصالح مثلاً مع إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يزيد من دقة الملف وصعوبة التعاطي معه.
إن ما يجري من تطورات سياسية وإستراتيجية بات في منتهى الدقة، والملف صار يتشعب وأصبح لديه الكثير من التداعيات الجيوسياسية المعقدة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت