ما يمدح السوق إلا من ربح فيه ؟؟؟

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله.jpg
  • المحامي علي ابوحبله

تستوقفنا العديد من المواقف والتصريحات لمسئولين وغيرهم ممن يتصفون بصفة "  المادحين " يسارعون إلى مدح من يرون أنه سبب في تحقيق مصالحهم وتحقيق مغانم ومكاسب استحوذوا عليها بوجه غير محق ! ولهذا وضعت عنوان المقال كما يقول مثلنا الشعبي «ما يمدح السوق إلا من ربح فيه»، لأننا نعيش زمن المدح والمداحين، وأقل ما يقال أنه زمن  الرويبضه زمن يكذب فيه الصدق ويصدق الكاذب ويؤتمن فيه الخائن ويخون فيه.

وفي هذا جاء حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «اذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب» رواه مسلم، وهو حديث صحيح وتطبيقه صعب هذه الأيام بعد أن أصبح النفاق سمة بارزه وكثر المداحون، فأصبح الغالب السكوت عن المادح، فلا توبيخ على الأقل ولا حتى رد أو تفنيد لما يقوله هذا أو ذاك

 المقصود من هذا عدم المبالغة والكذب في المدح، وليس كل مادح يحثى في وجهه التراب، انما يحثى في وجوه المداحين! ومداح صيغة مبالغة أي من يكثر منه.

سلف هذه الأمة، رضي الله عنهم، كان اذا بلغ أحدهم المدح قال: «اللهم اغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرا مما يظنون».. الله أكبر، اقرءوا وتمعنوا في الألفاظ والجمل ومعانيها، وبعضهم كان يبكي مما قاله المداحون عنه

وتذكر إذا سمعت الرجل يقول فيك من الخير ما ليس فيك، فلا تأمن ان يقول فيك من الشر ما ليس فيك ، في هذه الحياة أناس هم حقا عظماء يعملون ويعملون لأجل الصالح العام ولا يضيرهم في هذا من يمدحهم ولا يعيرون المدح التفاتة ويواصلون رسالتهم كما هم دون تأثر بهذا الإطراء

المداحون " المنافقون "  موجودون قدم التاريخ، وهؤلاء المداحون يسارعون الى مدح من يرون انه سبب في تحقيق مصالحهم، فلا يضيعون الفرصة ولو على حساب دينهم، فيمدحون الناس بما ليس فيهم بألفاظ منمقة وبعبارات «غلو» مرفقة، وكأن الدنيا بين أيديهم معلقة!

وقفت أمام قصائد المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني:

وقفت وما في الموت شك لواقف

كأنك في جفن الردى وهو نائم

تمر بك الأبطال كلمى هزيمة

ووجهك وضاح وثغرك باسم

تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى

إلى قول قوم أنت بالغيب عالم

ويبقى السؤال هل من يجرؤ ليقول الحقيقة ويقف في وجه المادح المنافق والمراوغ يعترض على ما يقول من كذب وافتراء ويقارعه بالحجة والبيان ليدحض أقوال المديح وهي في غير موقعها الصحيح  ، هذا الحال من التردي الذي بتنا نعيشه هو بكثرة المداحين من أصحاب المصالح والمكاسب والمغانم  وقد أصبح وجودهم مطلبا وقربهم من أصحاب النفوذ  بلسما ولو على حساب الحقيقة التي تصب في قناة الصالح العام

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت