مؤسسات حقوق الانسان "چيشاه-مسلك" و "مركز عدالة" للمحكمة للشؤون البحرية في حيفا: القيود التي تفرضها إسرائيل في الحيّز البحري في غزة غير قانونية، وليس من صلاحية إسرائيل القبض على قوارب الصيد في هذا الحيز، ناهيك عن مصادرتها
اضطرت إسرائيل يوم الجمعة (14 تمور) إلى الإفراج عن قارب صيد وإعادته إلى قطاع غزة حتى انتهاء الاجراءات القانونية في المحكمة الاسرائيلية، بعد أن كانت احتجزته قوات البحرية الإسرائيلية خلال نهاية العام 2022 داخل الحيّز البحري للقطاع، وظلّ محتجزًا في إسرائيل منذ ذلك الحين.
هذا هو قارب الصيد الثاني الذي تضطر اسرائيل إلى إعادته لصاحبه في غزة حتى انتهاء الإجراءات القانونية. جاء ذلك في إطار طلب لاستصدار أمر مؤقت قدمته "چيشاه-مسلك" و "مركز عدالة" في نطاق نضال قانوني تخوضه المؤسستين ضد محاولة متطرفة من قبل إسرائيل لمصادرة دائمة لقوارب صيد يملكها سكان فلسطينيون في غزة. تم ارجاع القارب بتأخير أسبوع كامل عن الموعد الذي حددته المحكمة، بعد أن قدمت الجهات الإسرائيلية أعذارًا مختلفة.
استولت قوات البحرية الإسرائيلية داخل الحيّز البحري لقطاع غزة، في شهري شباط وتشرين الثاني 2022، على قاربيْن بملكية صياديْن من عائلة صيادين عريقة من غزة. وبعد مصادرة كلّ من القاربين ونقلهما إلى إسرائيل، لجأت إسرائيل إلى المحكمة المركزية في حيفا، بصفتها المحكمة للشؤون البحرية، بطلب استثنائي هو الأول من نوعه، مطالبة بالسماح لها بمصادرة دائمة لقوارب الصيد بزعم أنها "انتهكت" القيود التي تفرضها إسرائيل في الحيّز البحري الضيّق الذي تسمح للصيادين من غزة بالإبحار في نطاقه.
قدمت "چيشاه-مسلك" و"عدالة" في كلتا الحالتين طلبات لإصدار قرار بدحض فوري لطلبات المصادرة، وإصدار أوامر مؤقتة تأمر بإعادة قاربي الصيد إلى أصحابهما. وقد صادقت المحكمة حتى الآن على الطلبات لإصدار أوامر مؤقتة وأمرت بالإفراج عن القاربين حتى انتهاء الاجراءات تحت شروط صارمة للغاية، بما في ذلك إيداع صيادي القطاع كفالات مالية بمبالغ عالية، علمًا بأن فئة الصيادين في القطاع هي فئة مستضعفة جدًا ولا تمتلك تلك القدرات الاقتصادية، مما يصعّب عليهم دفعها. هذا وتتواصل في المحكمة المعركة الجوهرية التي تخوضها المؤسستان ضد سعي إسرائيل للحصول على صلاحية مصادرة دائمة لقوارب الصيد، وهو ما سيشكّل وسيلة ستستخدمها لمعاقبة من "يخالف" قيودها وحرمانهم من مصدر كسب رزقهم.
وتقلل القيود العشوائية التي تفرضها إسرائيل بشكل روتيني على الحيّز المسموح به للصيادين الإبحار من غزة، من قدرة الصيادين وعائلاتهم على كسب الرزق والعيش بكرامة، كما أن تطبيقها العنيف بشكل متكرر يسبب على الدوام إصابات وخسائر في الأرواح. في غضون ذلك، أدى الاستيلاء على قاربي الصيد الماثلين في هذه المعركة القانونية إلى إلحاق أضرار جسيمة بعشرات الفلسطينيين والفلسطينيات سكان غزة.
وأعادت إسرائيل القارب الأول في أيلول 2022 بحالة سيئة وبدون كل المعدات التي كانت على متنه، مما اضطر صاحبه إلى استثمار مبالغ كبيرة لإصلاح الأضرار الناجمة عن الاستيلاء عليه واحتجازه لفترة طويلة في إسرائيل. أما الأضرار التي لحقت بقارب الصيد الثاني، الذي أعيد إلى غزة يوم الجمعة بعد مرور تسعة أشهر من احتجازه في إسرائيل، لم يتم تحديدها بالكامل بعد.
وتؤكد كل من "چيشاه-مسلك" و"عدالة": أن القيود التي تفرضها إسرائيل على الحيّز البحري لغزة غير قانونية وفقًا للقانون الدولي. ليس لإسرائيل، أصلاً، صلاحية لمصادرة القوارب التي تعمل في مجال صيد الأسماك داخل نطاق الصيد من أجل كسب الغذاء والاعتياش، والتي تحظى بحماية خاصة في القانون الدولي، ناهيك عن مصادرتها بشكل دائم. إن قبول طلبات إسرائيل بمصادرتها سيشكل سابقة خطيرة، إذ سوف يوفر لها وسيلة إضافية لإلحاق الضرر بالكثيرين ممّن يعتمدون على هذه القوارب كمصدر لكسب الرزق، وسيؤدي إلى تفاقم الأضرار المستمرة التي تلحقها إسرائيل بقطاع صيد الأسماك في غزة الذي تعتمد عليه إحدى أفقر مجموعات السكان وأكثرها استضعافاً في القطاع. وهذا بينما لا تجادل اسرائيل في حقيقة أن هؤلاء مواطنون يسعون لكسب رزقهم وعيشهم من الصيد ولإعالة أسرهم من خلاله.