- المحامي علي ابوحبله
لا شك أن استمرار الانقسام الفلسطيني وحالة الصراع المحتدمة في الساحة الفلسطينية بات خطر يخشى من تداعياته ، وشبكة الامتيازات المرتبطة بتطور الأحداث ومستجدياتها باتت تهدد المشروع الوطني ومجمل القضية الفلسطينية، فقد أدى استفحال هذه المعضلة إلى تراجع مكانة القضية الفلسطينية على كافة الصعد
وشكّلت هذه المعضلة تحديًا خطيرًا وتهديدًا مباشرًا للمشروع الوطني الفلسطيني باعتباره مشروعًا تحرريًا، إضافة إلى تباين رؤى ومواقف الفصائل الفلسطينية حول العديد من القضايا سواء تلك المتعلقة بالمقاومة وأشكالها أو تلك المتعلقة بالمصالحة الفلسطينية، التي ما زالت تراوح مكانها حتى الوقت الراهن، بسبب التجاذبات الفصائلية والحزبية ، والتدخلات الخارجية والارتهان لأجندات خارجية من جانب آخر. فكل ذلك يشكل تحديًا وعقبة أمام توحيد الصف الوطني الفلسطيني عبر إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية.
فقد بات من الواضح أن أحد أهم أسباب غياب الوحدة الوطنية، واستمرار حالة الصراع الداخلي،هو الاختلاف والتباين في التوجهات بين القوى الفلسطينية ، ومن أخطر التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية والمشروع الوطني، هو ربطه بدرجة كبيرة بالمصالحة الفلسطينية الغائبة، وإمكانية توحّد الفلسطينيين، وربطة أيضًا بمشروع التسوية المستند إلى قرارات الشرعية الدولية، في ظل الضعف العربي والانحياز الأميركي لإسرائيل
هناك حقائق لا يمكن تجاهلها ولا بد أخذها بعين الاعتبار :-
الأول: أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اعتمدت سياسة فرض الحقائق على الأرض، عبر توسيع وتكثيف الاستيطان، وبناء جدار الضم والتوسع، وتقطيع الأوصال بالطرق الالتفافية والمناطق الأمنية والعسكرية، ومصادرة الأراضي، وإغلاق المناطق؛ حيث أصبح ويصبح هدف إقامة الدولة الفلسطينية بعيد المنال
الثاني: غياب إستراتجية فلسطينيه تجمع الكل الفلسطيني باتت من المخاطر التي تتهدد البنيان السياسي الفلسطيني وتتهدد المشروع الوطني مما يتطلب رؤيه وطنيه جامعه تعيد التأسيس لمرحلة ما بعد جنين وكيفية التعاطي مع الاحتلال ومواجهة المخططات الاستيطانية وسياسة التهويد
إن تقويض قدرة المنظومة السياسية الفلسطينية، بالإنهاك والتضييق والانقسام وتجفيف مصادر "الشرعية"؛ قد يشكل مدخلًا لتقويض المشروع الوطني، خصوصًا إذا ما رافقته محاولات تقويض ركائز مجتمع "الصمود" ومقوماته. ففي ظل التسوية انتهى جدل وحدة النظام وانقسامه إلى نظامين للسيطرة "دون سيادة" أحدهما في الضفة الغربية والثاني في القطاع.
أضاع الصراع الداخلي الفلسطيني المستمر والمُتجذّر القضية الفلسطينية، وأعاق الممارسة الديمقراطية، فلم تعقد انتخابات تشريعية ورئاسية منذ عقد ونصف تقريبًا، فتحوّل الصراع على إثر "الانقسام" إلى تناحُر داخلي بحت على سلطة حكم ذاتي بدلًا من الصراع مع الاحتلال. فالسلطة في الضفة تحت الاحتلال؛ والسلطة في غزّة تحت الحصار والضربات الإسرائيلية المتواصلة، والشعب هو الخاسر الوحيد، وإسرائيل هي الرابح الوحيد
يعاني المشروع الوطني الفلسطيني حالة من الانسداد وفقدان الاتجاه، وهي ليست أزمة جديدة، بل هي تحصيل حاصل لحالة التشتت المجتمعي، وغياب هدف وطني جامع للفلسطينيين، وإخفاق الحركة الوطنية الفلسطينية في مهماتها، وهو أيضًا نتاج التأزم في عملية مواجهة المشروع الصهيوني باعتباره مشروعًا استعماريًا استيطانيًا وإحلاليًا وعنصريًا، وبحكم تمتّع المشروع الصهيوني بعناصر الغلبة في موازين القوى، والمعطيات العربية والدولية.
على الرغم من عدالة القضية، واتفاق الكل الفلسطيني على أهمية التمسك بالحقوق الفلسطينية، فإن استمرار حالة الصراع على السلطة، والتباين في المواقف، وبروز الخلافات داخل حركة فتح، إضافة إلى الخلافات الفكرية والشخصية والأيديولوجية حول أهداف ومحددات النضال الوطني والوسيلة المتبعة للوصول إلى الأهداف؛ ساهم إلى حد كبير في تراجع فرص تحقيق إنجازات سياسية حقيقية للشعب الفلسطيني، تصب في طريق حريته، واستقلاله، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية
ربما من المفيد القول إننا أمام حالة صراع صفرية ليس فيها طرف خاسر أو رابح، كون أن حالة الصراع لا توثر فقط على فتح وحماس والجهاد ، بل باتت تؤثر في مجمل الأوضاع الفلسطينية ، وامتدت إلى الساحتين الدولية والإقليمية. كما أنها انعكست على الشتات الفلسطيني في الخارج، وفي تداعيات الخلاف أثرت على مكانة القضية الفلسطينية وأهميتها إن على الصعيد العربي أو الإقليمي والدولي
في ظل المخاطر والتداعيات التي تشهدها الساحة الفلسطينية يطرح السؤال التالي ؟؟؟ ماذا بعد جنين ................
هل ينتصر الفلسطينيون على خلافاتهم وينقذوا أنفسهم من حالة الضياع بفعل الانقسام والخلافات التي تنخر في الجسم الفلسطيني ، وينتصروا لوحدتهم الوطنية التي تجسدت على ساحة الميدان في مواجهة العدوان الإسرائيلي الأخير على جنين ويشرعوا في إعادة تجميع لم الشمل الفلسطيني وتفويت ألفرصه على أية تدخلات في شؤونهم الداخلية ب ويفشلون أية محاوله تعيد فرض الوصاية على القرار الفلسطيني المستقل و إفشال فرض سياسة الأمر الواقع التي ينتهجها الاحتلال لترسيخ وجوده وتمرير مشروعه ألتهويدي والاستيطاني .
لقد آن الأوان للصحوة الوطنية وانتصار الجميع لقرار وطني فلسطيني مستقل بعيد عن الانصياع لأوامر وتوصيات محاور إقليميه لها مصلحه في استمرار الانقسام والخلاف الفلسطيني
المطلوب من جميع القوى والفصائل الفلسطينية الدعوة لحوار وطني معمق يسبق اجتماع الأمناء العامين المقرر عقده في القاهرة نهاية الشهر الحالي إن كتب له أن يعقد ، والشروع بتشكيل حكومة وحده وطنيه تستند إلى اتفاق حول استراتجيه وطنيه لبرنامج وطني يعيد للموقف الفلسطيني وحدته مشتملا على إرساء دعائم لتحقيق الوحدة الوطنية السياسية والجغرافية وتوحيد كافة مؤسسات الوطن الفلسطيني ونبذ الفرقة والخلاف وتوحيد الخطاب السياسي والإعلامي
لم يعد هناك متسع للوقت والانتظار فالوقت ينفذ والمؤامرة تطال الجميع ولن تستثني احد من القوى والفصائل الفلسطينية وإعادة توحيد الجبهة الداخلية وحشد الجميع حول برنامج وطني تحرري يشكل المنفذ الوحيد للخروج من حالة الضياع ويؤدي للوحدة الوطنية المنشودة ووضع الجميع تحت طائلة المسؤولية الاخلاقيه والوطنية لضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وضرورة انسحاب اسرائل من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة ومن ضمنها القدس توطئة لتحقيق الأمن والسلم الإقليمي ومفتاحه حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يستند لقرارات الشرعية الدولية وجميعها تقر وتكفل الحقوق الوطنية المشروعه للشعب الفلسطيني وتكفل له كامل حقوقه بحق تقرير المصير
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت