- جهاد حرب
جاء رد النائب يحيى العبادسة عن كتلة التغيير والإصلاح في قطاع غزة على مطالب الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة في قطاع غزة مستغرباً ومستهجناً، ونافياً لقواعد حكم حماس في قطاع غزة وطرائق عملها، ومخالفاً لما دأبت عليه لجنة الموازنة والشؤون المالية والموازنة في كتلة التغيير والإصلاح "المجلس التشريعي" التي يرأسها.
وبغض النظر عن النقاش حول شرعية أو عدم شرعية السلطة القائمة بالحكم في قطاع غزة أو قانونية وعدم قانونية اجتماعات كتلة التغيير والإصلاح في المجلس التشريعي أو تسميتها باجتماعات المجلس التشريعي إلا أنّها استمرت بعد العام 2007 كأمر واقع "De Facto" بالاجتماع وإقرار الموازنة العامة والمخطط المالية لسلطة الحكم في قطاع غزة عبر إعلانات متعددة سواءً على الصفحة الالكترونية "للمجلس التشريعي" أو في وسائل إعلام حركة حماس.
إنّ القول اليوم بأنَّ "الواقع في قطاع غزة واقع إدارة لشأن القطاع، ولذلك لا تُصدر موازنة وفق القانون ولا يصح أنْ يصدر موازنة في القانون" وفقاً للعبادسة، يضع جميع التشريعات التي حاكتها حركة حماس وكتلتها في قطاع غزة في مهب الريح أي بعدم الشرعية؛ فمن لا يصح له إصدار قانون الموازنة، التي تعد برنامج العمل لسلطة الحكم في قطاع غزة ليس فقط للجباية والانفاق بل للتهيئة التشريعية لتطبق القوانين، لا يملك الشرعية لسن القوانين الأخرى؛ أي سلطة مارقة وجب مقاومتها والتخلص منها.
يحيل هذا الأمر للتفكير في طبيعة سلطة الحكم في قطاع غزة ومرتكزاته التي تعتمد عليها حركة حماس للتأسيس لشرعيتها بالحكم في قطاع غزة، وبغض النظر عن شكل الحكم وطبيعة مؤسساته فإنّ السلطة الحاكمة التي تقوم باتخاذ القرار في إدارة الشأن العام وبجباية المال العام وفي سُبل انفاقه، والتي تروم البقاء في الحكم محّمولة على توضيح قراراتها أمام دافعي الضرائب وفقاً لقواعد القانون الأساسي والقوانين الناظمة لعمل سلطة الحكم، إضافة إلى قواعد الحكم الرشيد، ناهيك عن القيم الأساس في أيّ عقد اجتماعي؛ من ملكية جماعية للمواطنين وشراكتهم في إدارة الحكم ومساواتهم في الحقوق مع بعضهم البعض، وبدونها تتحول إلى سلطة حكم مستبد يحمل مبررات فنائه.
فيما العصابات التي تفرض الاتاوات بدلا من جباية الضرائب والرسوم على الجماعات الخاضعة لسيطرتها متحللة من تقديم "كشف حساب" أو الإفصاح عن موازنتها، ولا تحترم القانون وقواعد الحكم، وغير ملزمة بتقديم الخدمات الأساسية، وغير معنية بالشراكة مع المواطنين دافعي الضرائب أو ممثليهم أو منظمات المجتمع المدني، فهي معنية فقط بجماعتها وبإغداق المال على أعضاء العصابة، وهي بالتأكيد لا تبحث عن شرعية لوجودها بل بفرض الأمر الواقع بقوة السلاح.
في ظني لا يمنح الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة شرعية لأحد ولا يسعى لذلك؛ إنّما هو حريص كما جاء بيانه على إعمال حق المواطنين "دافعي الضرائب" في الوصول والحصول على المعلومات، وفي الشراكة عبر نقاش الموازنة العامة وتحديد الأولويات الوطنية ورسم السياسات العامة، وفي مساءلة سلطة الحكم عن إدارته للشأن والمال العام؛ وذلك بغض النظر عن طبيعة سلطة الحكم أو شرعيتها.
إنّ تبريرات النائب يحيى العبادسة التي ساقها في رده على بيان الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة في قطاع غزة للتهرب من واجب خضوع سلطة الحكم في قطاع غزة للمساءلة المجتمعية، دمرت أسس سلطة الحكم في قطاع غزة التي ادعت أنها قامت بها وعليها، وأدانت أداء مؤسساتها، وبات ينطبق على سلطة الحكم في قطاع غزة في تبريراته؛ كالهارب من الدلف إلى تحت المزراب.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت