الضفة الغربية بين مطرقة العدو وسندان السلطة

بقلم: ميسرة بحر

  • ✍️بقلم: ميسرة بحر

رغم تصاعد إرهاب الاحتلال الصهيوني ومستوطنيه وتوحشهم في الاعتداء على الضفة الغربية في ظل صعود الحكومة الصهيونية الأشد تطرفا، تصر السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس على الاستمرار بسياستها بمحاربة كل أشكال المقاومة المسلحة والتزامها بالتنسيق الأمني "المقدس" حسب وصف رئيس السلطة، وممارسة الاعتقال السياسي بحق كل من يعارض مشروعها السياسي.

بعد ولادة السلطة الفلسطينية كسلطة وظيفية تقوم على حماية أمن الاحتلال وفق اتفاقية أوسلو التي وقعت عام 1993م انسحبت قوات الاحتلال من أجزاء من الضفة الغربية هربا من تحمل مسؤولية السكان، وتجنبا للاحتكاك المباشر مع الفلسطينيين، وهذا ليس تجنياً على السلطة، فلو راجعت بنود اتفاقية أوسلو ستجد ما ينص على الوظيفة الأمنية للسلطة الفلسطينية بشكل واضح وصريح.

قسمت الضفة الغربية وفق أوسلو إلى ثلاث مناطق (أ، ب، ج)، أُعطيت السلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية على المنطقة (أ) ، مع الحفاظ على حق الاحتلال بالاقتحام في الوقت الذي يشاء، فحرصت السلطة الفلسطينية على إنشاء قوات تحمل عقيدة تخدم دورها الوظيفي، وأخذت تسعى لتنفيذ دورها وإثبات وجودها؛ حفاظاً على بعض الامتيازات والمكتسبات التي منحتها السلطة لرجالاتها.

تنفيذاً لدورها الوظيفي مارست السلطة كل أشكال القمع لكل مقاوم ينتفض للدفاع عن أرضه ووطنه في ظل ما يحاك ضد القضية الفلسطينية من مؤامرات، فما زالت المستوطنات تلتهم أراضي الضفة الغربية، خاصة مع صعود اليمين المتطرف إلى الحكم وتعيين الوزير سموتريتش وزيراً للمالية، ثم منحه تفويضاً من الحكومة الصهيونية للمصادقة على البؤر الاستيطانية، مما انعكس ذلك على تسارع مضطرد في بناء المستوطنات في الضفة الغربية والمصادقة على آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، أضف إلى ذلك اعتداء المستوطنين على القرى الفلسطينية كان آخرها قرية ترمسعيا التابعة لمحافظة رام الله ليرفع الأهالي صوتهم عالياً أمام رئيس وزراء السلطة محمد اشتية *(يا بتسلحونا يا بتحمونا)*.

سارعت الحكومة الصهيونية للإعلان عن ضرورة دعم السلطة بشكل عاجل للحفاظ على وجودها، بعدما عجز الجيش الصهيوني في يوليو المنصرم عن تحقيق أهدافه من العدوان على جنين التي أصبحت أسطورة للمقاومة ونموذجا فريدا استطاع هزيمة الاحتلال بإمكانيات شبه منعدمة، فلم يجد العدو وسيلة لقمع تطور هذا النموذج الفريد إلا من خلال إعادة مد السلطة بمقومات الحياة، فلم تتوانى قوات السلطة في إكمال مهمة الاحتلال في جنين، فقامت بحملات الاعتقال ضد المقاومين، مما تسبب في اشتباكات بين المقاومين وقوات السلطة على خلفية اعتقال المواطن خالد عرعراوي عم الشهيد مجدي عرعراوي ووالد الجريح كمال عرعراوي.

لم تقتصر الاعتقالات السياسية على المقاومين فقط، بل شملت الكتاب والإعلاميين، وكل من يمتلك وسيلة للتعبير عن رأيه بما يخالف مشروع السلطة، ودورها الوظيفي، وكان آخرها قيام قوات السلطة باعتقال الكاتب حسام أبو النصر الذي يقيم في رام الله على خلفية كتاباته التي تعارض بعض تصرفات السلطة وهذا على سبيل المثال لا الحصر، مما شكل إعدام للحياة السياسية والتعددية الحزبية في الضفة الغربية.

وثقت مجموعة محامين من أجل العدالة لوحدها ما يزيد عن 300 حالة إعتقال سياسي، وأعلنت أنها تتلقى كل عام آلاف طلبات المتابعة لحالات الاعتقال السياسي.

وطنياً يتوجب على سلطة عباس أن تعيد حساباتها وان تتوقف عن التماهي مع الاحتلال في سبيل الحفاظ على بعض المكتسبات الشخصية لرئيس السلطة محمود عباس وللزمرة التي تحيط به على حساب الوطن والمواطنين والقضية والمقدسات في ظل ما يحاك ضد الضفة الغربية والمسجد الأقصى، فعجلة الزمان تدور، والأحوال تتغير وتتبدل، واشتباك المقاومين مع قوات السلطة الفلسطينية ما هو إلا انعكاس لحالة السخط الفلسطيني على ممارسات السلطة وقمعها المستمر لكل معارض لسياساتها.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت