- د. رمزي عودة/ الأمين العام للحملة الأكاديمية الدولية لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي والأبرتهايد
لم يكن اجتماع العلمين للفصائل الفلسطينية إجتماعا بروتوكوليا عادياً، ولكنه كان اجتماعاً جاداً وتاريخياً عرض فيه الرئيس محمود عباس عدداً من الثوابت الفلسطينية التي يمكن أن تشكل قاعدة أساسية للمصالحة. هذه الثوابت لم تكن إختراعاً ذاتياً من قبل الرئيس، وإنما شكلت وتشكل على مر العقود السابقة قواعد تشاركية تتوافق عليها كافة شرائح المجتع الفلسطيني. فإعتبار منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والإعتماد على المقاومة الشعبية السلمية في دحر الاحتلال، والإرتكان لقواعد الشرعية الدولية في حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً، جميعها تعتبر قواعد مقبولة وطنياً وعربياً ودولياً من جانب، كما أنها من جانب آخر، تعتبر ثوابث عقلانية وقادرة على إنهاء الانقسام وتفعيل القواسم المشتركة لجميع الفصائل. وفي النتيجة، فإن هذه الثوابت الوطنية تؤدي الى تحقيق العديد من المصالح الوطنية؛ أهمها وحدة الصف والتمثيل والمشاركة، إضافة الى مشروعية مقاومة الاحتلال وتعزيز الصمود في إطار قواعد المشروعية في القانون الدولي.
في الواقع، آمن الرئيس أبو مازن تاريخياً بالمصالحة، وهو الرئيس الذي يعود اليه الفضل في عام 2005 بالضغط على الفصائل الوطنية والاسلامية المعارضة من أجل إدماجها في النظام السياسي الفلسطيني ودعوتها لخوض انتخابات عام 2006. كما طالب الرئيس في معظم خطاباته جميع الفصائل بما فيها حماس بالعودة الى حوارات المصالحة وتطبيق كافة الاتفاقات المبرمة لاسيما تلك التي أبرمت في القاهرة عام 2011/ 2012/ 2017. وجميع هذه الاتفاقات لم تطبق من قبل حماس، ومع هذا، إستمر الرئيس أبو مازن بالسعي نحو المصالحة وإقناع جميع فصائل العمل الوطني بضرورة الإلتزام بالاتفاقات الموقعة، وكان آخر هذه الجهود إجتماع مدينة العلمين المصرية التي هدفت الى تحقيق المصالحة من أجل تفعيل التوجه الفلسطيني الموحد في الأمم المتحدة للمطالبة بإسترداد الحقوق وقبول فلسطين عضواً كاملاً في الجمعية العام للأمم المتحدة .
أبو مازن ذلك الرئيس التوافقي اللاجئ المهجر من مدينة صفد الفلسطينية ما زال يؤمن بالمصالحة وإنهاء الانقسام، وما زال يعرض على إخوته ورفاقه قادة فصائل العمل الوطني خارطة طريق لانهاء الانقسام. وعلى الجميع أن يغتنم هذه الفرصة التاريخية لأن البديل عن المصالحة سيكون الانقسام والحرب الاهلية وتهويد المسجد الأقصى وضم الضفة الغربية وإستمرار حصار غزة. المصالحة ليست نهجاً تكتيكياً كما يعتقد البعض، إنها تعبر عن إيمان الرئيس الراسخ بانها الهدف الاستراتيجي لمقاومة الاحتلال. وبدلاً من أن يبرر البعض رفضهم للثوابت الوطنية بمبررات بروباجندية، عليهم أن يعترفوا أمام جماهيرهم الفلسطينية بأن عدم التوافق على المصالحة يعني أنهم فقدوا أهم أدوات المقاومة، وأنهم شاركوا جميعاً في جريمة الانقسام الفلسطيني، وهم بالضرورة شاركوا أيضا في الاستكانة لمخططات الاحتلال الصهيوني في تعزيز الانقسام ودحر المقاومة. وفي النتيجة، فإن إستمرار الانقسام وعدم القدرة على التوصل الى إتفاق مصالحة يعني عدم القدرة على مقاومة المحتل ودحره، وهو يعني أيضاً أن على الجميع أن يغتنم فرصه العلمين وعرض السيد الرئيس في إنهاء الانقسام.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت