- بقلم: عامر أبو شباب
بعد المصالحة الصينية بين السعودية وإيران، اختارت الرياض تفكيك الأزمات التي تحول دون دور سعودي واسع ومباشر في الشرق الأوسط بعد الضعف الذي طال العراق وسوريا ومصر، فلم يبقى من الدول المحورية سوى السعودية التي اختارت التوازن، والجزائر التي حددت خياراتها على اعتبار أن المسؤوليات والأدوار والتهديدات وقبل ذلك الحسابات لكل منهما تختلف.
من الواضح أن العلاقة الصينية السعودية سيكون عنوانها الاقتصاد والاستقرار الذي يضمن تدفق النفط والسلع أولا، بينما سيبقى الأمن والسياسة على طاولة الرياض – واشنطن بشكل أساسي، لذلك تريد السعودية من الولايات المتحدة السماح لها باقتناء تكنولوجيا عسكرية متفوقة وحاسمة، خاصة الجوية منها، ومفاعل نووي يتجاوز الخطوط الحمراء الإسرائيلية للعرب، وهنا تسعى الجهود الأمريكية لإيجاد مقاربة تمنع الحليف السعودي الكبير من الابتعاد أكثر نحو الصين أو تطوير التوافق الدائم مع روسيا في منظمة أوبك.
الشروط السعودية للقبول بالتطبيع مع إسرائيل حسب الرغبة الأمريكية بالإضافة الى التفوق العسكري والنووي، تضم أيضا "حلا فلسطينيا" أقل من المبادرة العربية 2002، وأكبر من تهدئة لم تعد ممكنة بسبب التغول الإسرائيلي والضعف الفلسطيني، وهنا احتفظت إدارة بايدن بالوعود للسلطة الفلسطينية بتصحيح مسار الرئيس السابق دونالد ترامب كورقة يمكن وضعها ضمن رزنامة "إنجاز التطبيع".
آخر عدوانين على قطاع غزة لم تشارك فيهما حماس، ولم يدفعا القيادة الفلسطينية لدعوة الأمناء العامين للقاء، لكن معركة جنين التي ترى فيها السلطة نشاط من قبل ايران وحزب الله للعب في مربع الضفة الغربية، وهي محاولات تحبذها حكومة نتنياهو- بن غفير، للتسريع في الحسم الاستيطاني، لتجد السلطة نفسها بين تصعيد تسعى له طهران وتهدئة تريدها الرياض.
بعد الاستدعاء السعودي والاستماع من الرئيس محمود عباس وقيادة حماس، تدرك فتح وحماس أن السعودية تحضر لصفقة تحقق أهدافها السياسية والعسكرية والأمنية، لكن المملكة العربية لن تتشاور معهما لإدراكها ضعف الطرفين وعجزهما عن التأثير.
إذن تعتقد الأطراف المؤثرة وجود طبخة أمريكية كبيرة في القلب منها تل أبيب والرياض، والفلسطينيون بعيدون عن التفاصيل في هذه الحالة يجب توجيه رسائل لتحسين الشروط وليس تغيير المعادلة أو تقاسم الكعكة التي كشف عنها رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل وقد تضمن الكعكة تسريع في أعمال استخراج الغاز قبالة شواطئ غزة المحاصرة.
رسالة الرئيس عباس من توسط طاولة اجتماع العلمين وعن يمينه ويساره حركتي فتح وحماس وفي أخر الطاولة في المقابل رئيس المجلس الوطني روحي فتوح أنه رئيس الكل الفلسطيني.
رسالة الرئيس الثانية أنه لا سلاح الا سلاح السلطة في الضفة وأن الدخول للمنظمة يمر عبر الاعتراف بالشروط الدولية التي أقرت بها منظمة التحرير وأن المقاومة المسموح بها فقط هي المقاومة السلمية، وهي بالمناسبة شروط أبو مازن منذ توليه الرئاسة عام 2005.
رسالة حماس أنها مستعدة لأكثر من تعديل الوثيقة السياسية 2017 في الدوحة، وأنها قد تكون استمعت بعناية إلى نصائح الرئيس التركي رجب أردوغان بالبقاء داخل الحلبة أفضل من البقاء خارجها، وربما أنه من الأفضل البقاء بالقرب من عباءة السلطة الفلسطينية وربما تكون نصيحة قطرية أيضا دفع صاحبها دفع ثمن تحسين جدول الكهرباء لإسكات الغاضبين في غزة.
رسالة حماس الثانية ذات صلة لأنها موجهة للمظاهرات العفوية التي خرجت مؤخرا، بأن الحركة تريد انهاء الانقسام ومستعدة للتنازل والرسالة الثالثة لعناصر الحركة في الضفة بأن الحركة لا تريد صراع مع السلطة مع ضمان غطاء يمنع السلطة من ملاحقتهم.
أما من غاب عن اللقاء فقد اختار محور طهران – دمشق – الضاحية الجنوبية، خرج مبكرا من ضيافة الطاولة السعودية – الأمريكية، فيما اكتفت القاهرة بدور المُضيف حتى تبقى حاضرة في الترتيبات والتحضيرات التي قد يكتب لها النجاح كما حضرت سابقا قمة النقب فالغياب ليس من متطلبات السياسية في بيئة إقليمية ودولية متحركة.
ما بقي هو ترتيبات في المشهد الإسرائيلي إما بإسقاط الحكومة الحالية وتشكيل أخرى يقودها الحصان الأمريكي المتأهب الجنرال بيني غانتس مع رئيس الحكومة السابق يائير لبيد، أو تشكيل حكومة جديدة بقيادة نتنياهو مع دورية على رئاستها تضمن لنتنياهو عدم الماحقة القانونية مقابل رحلة استشفاء صحية ربما في فلوريدا تحافظ على قلبه المريض.
هذا المخطط سيبدأ في العمل في حال تمت الإطاحة تماما بترامب وضمان عهدة جديدة للديمقراطيين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت