تحليل الضفة الغربية نحو مزيد من التوتر

ـ تشهد الضفة منذ شهور حالة تصعيد جراء الاقتحامات واعتداءات المستوطنين فيما يرد الفلسطينيون بتنفيذ عمليات كان آخرها الإثنين في الخليل وأسفرت عن مقتل مستوطِنة وإصابة زوجها

- الخبير في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي: الوضع في الضفة يتجه نحو المزيد من التوتر

- مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات: الحالة الميدانية في الضفة لن تعود خطوات إلى الوراء، بل إلى الأمام في حالة المواجهة

يتوقع محللان سياسيان فلسطينيان زيادة حدة التوتر في الضفة الغربية المحتلة، في ظل توالي العمليات الفلسطينية في مواجهة التصعيد الإسرائيلي وعنف المستوطنين.

وقال المحللان، في حوارين منفصلين لوكالة "الأناضول"، أن تصاعد عنف المستوطنين يدفع نحو المزيد من التوتر في الضفة، حيث يبحث الفلسطينيون هناك عن سبل للدفاع عن أنفسهم أمام الهجمات الإسرائيلية.

ومنذ شهور تشهد الضفة الغربية حالة تصعيد شديد جراء اقتحامات الجيش الإسرائيلي للمدن والبلدات الفلسطينية، واعتداءات المستوطنين وهجماتهم على القرى والبلدات الفلسطينية.

فيما يرد الفلسطينيون بتنفيذ عمليات ضد مستوطنين، كان آخرها يوم الاثنين، حيث قُتلت مستوطِنة إسرائيلية وأصيب زوجها بجروح "خطيرة" في إطلاق نار من سيارة عابرة قرب الخليل جنوبي الضفة، فيما سبقه السبت مقتل مستوطنين في إطلاق نار نفذه فلسطيني داخل مغسلة سيارات في بلدة حوارة شمالي الضفة.

وهددت مستويات سياسية وعسكرية إسرائيلية رفيعة، عقب عملية الخليل، بـ"محاسبة القتلة (من الفلسطينيين) ومرسليهم من قريب أو بعيد".

كما دفعت هذه العملية الجيش الإسرائيلي لزيادة قواته في الضفة الغربية، كما أعلن في بيان نشره مساء الإثنين، وذلك بعد أن أغلق مداخل المدينة بالحواجز العسكرية.

وقال في البيان: "بناء على تقييم الوضع بالجيش الإسرائيلي تقرر تعزيز القوات العاملة في منطقة يهودا والسامرة (الضفة الغربية) بكتيبة واحدة وسريتيْن عسكريتين، ابتداء من اليوم".

وأرجع القرار إلى الحاجة لـ"مساعدة قوات الجيش بالضفة الغربية، وملاحقة منفذ عملية إطلاق النار قرب الخليل، جنوبي الضفة ".

وعقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت" برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، اجتماعه لبحث التطورات في الضفة.

 تهديدات إسرائيلية

في كلمة مقتضبة لنتنياهو، بثتها هيئة البث الإسرائيلي الرسمية، خلال تفقده لموقع عملية إطلاق نار في مدينة الخليل جنوبي الضفة، الإثنين، إن بلاده في خضم "هجوم إرهابي تشجعه وتوجهه إيران"، على حد تعبيره.

وقال نتنياهو: "نحن في خضم هجوم إرهابي تشجعه وتوجهه إيران وأذرعها (..) سنحاسب القتلة ومرسليهم أيضا من قريب أو بعيد".

من جانبه، قال وزير الجيش الإسرائيلي، يوآف غالانت الذي رافق نتنياهو في الخليل: "سنصل إلى الإرهابيين ونتخذ إجراءات إضافية تضمن سلامة مواطني إسرائيل وتحصيل الثمن من المسؤولين عن ذلك"، دون مزيد من التوضيح.

في السياق نفسه، اعتبر اللواء يهودا فوكس، قائد المنطقة الوسطى بالجيش الإسرائيلي أن بلاده تواجه "أوقاتا صعبة وموجة إرهاب" لم تشهدها منذ فترة طويلة.

وقال فوكس في كلمة متلفزة بثتها وسائل إعلام عبرية بينها هيئة البث الرسمية: "نحن الآن في فترة تصعيد وموجة إرهاب لم نشهدها منذ وقت طويل".

وأضاف: "الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن يعملون يوميا في كل مكان في الدفاع ومنع وإحباط الإرهاب، نقوم بذلك في المدن والقرى ومخيمات اللاجئين".

والثلاثاء، ​​​​​​​دعا قادة المستوطنين في الضفة، في تصريحات منفصلة للإعلام الإسرائيلي، إلى الرد على تصاعد العمليات الفلسطينية بـ"زيادة الاستيطان وتنفيذ عملية عسكرية فيها".

تزايد التوتر

قال الخبير في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي، إن "الوضع العام في الضفة يتجه نحو المزيد من التوتر في ظل حديث إسرائيلي عن ضرورة الانتقام جراء العمليات الفلسطينية ضد مستوطنيها".

وأضاف لوكالة "الأناضول": "في ضوء عمليات المقاومة بالضفة يمكن النظر إليها في إسرائيل عبر اتجاهين الأول أمني والثاني سياسي".

وأوضح أن المستوى الأمني يعمل على الأرض "وفق معلومات استخباراتية وبحث للوصول إلى منفذي تلك العمليات".

وتابع: "أما المستوى السياسي والذي يمثله وزراء من اليمين المتطرف يدعون للانتقام من العرب، وهم بطبيعة الحال دون خلفية أمنية وعسكرية".

وبيّن أن المستوى السياسي يطالب بمنع وقوع مثل تلك العمليات، لافتا إلى أن هذا الأمر "عجزت إسرائيل عن فعله طوال السنوات السابقة لعدم قدرتها على التعامل مع العمليات الفردية".

ويتوقع أن تتجه إسرائيل في الفترة المقبلة، تحت ضغط المستوطنين، لـ"تنفيذ عمليات عسكرية محدودة أو تنفيذ عمليات وجرائم من خلال مجموعات المستوطنين المتطرفين في الضفة".

وقال عن ذلك: "قد نشهد فعلا جرائم وهجمات إرهابية أكبر من قبل المستوطنين الذين تعطيهم الحكومة الضوء الأخضر كي يفعلوا ما يريدون".

وأرجع المختص في الشأن الإسرائيلي زيادة حدة التوتر في الضفة إلى "تصاعد هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم".

التصعيد للأمام

بدوره، رأى مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات، خلال حديثه لوكالة "الأناضول"، أن "الحالة الميدانية في الضفة لن تعود خطوات إلى الوراء، بل إلى الأمام في حالة المواجهة".

وأرجع بشارات ذلك إلى عدة عوامل، يتمثل أولها في "كسر حال الجمود بالضفة والتي استمرت لسنوات، حيث سادت في أوساط الشباب حالة من الإلهام للانخراط أكثر في العمل المقاوم الأمر الذي بات يعطي مؤشرا لوجود حالة تنظيمية غير مباشرة من العمل المقاوم من خلال الخلايا المنتشرة في الضفة؛ إذ يتم العمل عليها بطريقة من ما من قبل الفصائل الفلسطينية".

وأما العامل الثاني، وفق بشارات، فهو مرتبط بوجود "المستوطنين الذين يحظون بدعم حكومي كامل حيث يتم تخصيص موازنات ضخمة لهم، هذا الأمر بات يشكل حالة خوف للفلسطينيين من ناحية، ومن ناحية أخرى يعد من أحد دوافع المواجهة، حيث عكف الفلسطينيون على أخذ خطوات المواجهة بأيديهم وعدم انتظار هجمات المستوطنين".

وأضاف مستكملا: "أعتقد أن ما يقوم به المستوطنون من عربدة واستيلاء على غالبية الأراضي وتشكيل هاجس خوف للفلسطيني، كل ذلك بات يوفر أرضية خصبة لردة فعل فلسطينية بدأت تتبلور بعمليات مسلحة لإعادة حالة الخوف والردع التي عاشوها قبل سنوات".

كما يعتقد بشارات بوجود حالة من التنافس والتناغم في العمل المقاوم في الساحة الفلسطينية، حيث دخلت محافظة الخليل على خط المواجهة بعد محافظات شمالي الضفة، وفق قوله.

وأرجع وجود تلك الحالة إلى إدراك الفلسطينيين "لدور الحكومة الإسرائيلية في دعم المستوطن على حساب الفلسطيني الضعيف في ظل غياب أي أفق سياسي، ما دفعه للبحث عن سبل للدفاع عن النفس".​​​​​​​

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله/ قيس أبو سمرة/ الأناضول