" طلال سلمان .. ستبقى حاضرا رغم الغياب"

بقلم: فراس الطيراوي

IMG_4692.JPG
  • بقلم : فراس الطيراوي ناشط سياسي وكاتب عربي فلسطيني عضو الامانة العامة للشبكة العربية للثقافة والراي والاعلام/ شيكاغو

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) ببالغ التسليم والرضا بقضاء الله وقدره، ننعى أحد أعمدة الصحافة العربية   الاستاذ الكبير طلال سلمان المؤسس والمدير العام لجريدة "السفير" في بيروت، وهي يومية سياسية مستقلة – حملت شعار "جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان"، وشعاراً مواكباً برسم الكثرة الغالبة "صوت الذين لا صوت لهم"، فشكل منذ عقود مرجعية إعلامية في الشؤون العربية واللبنانية تحظى بالتقدير، وبالتأثير في الرأي العام.
 صعدت روحه  الى باريها بعدما أتم سعيه وجاهد الجهاد الحسن، مستلا سيف الكلمة من غمدها، متعبدا لها، ومتنسكا في صومعتها، كانت وسيلته الاحب في الدفاع عن القضايا الوطنية والقومية وعلى رأسها قضية فلسطين التي آمن بتحريرها، وبقضية المقاومة التي كان فخوراً دائماً بانتصاراتها وقادتها وشهدائها.
حقًا لقد كان الراحل قيمة عالية وقامة وطنية كبيرة بمواقفه الصلبة المناصرة للحق الفلسطيني.. يمثّل بذاته وبفكره وبقلمه وتاريخه السياسي والنضالي والمهني، مدرسةً في السياسة الوطنية، والالتزام المهني الرفيع، فرحيله يعد خسارة كبيرة للبنان الشقيق ..ولفلسطين بشكل خاص ، وللصحافة العربية بشكل عام لانه كان رائدًا من روادها الذين حملوا عبر عقود طويلة مسؤولية القلم وأمانة الكلمة بجدارة واقتدار، كان مؤمنًا ايماناً عميقًا  برسالة الصحافة العادلة التي لا تحيد مهما كانت المخاطر والأهواء .بإسمي شخصيا كاعلامي وكاتب وباسم الشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام و كل الأحرار نتقدم بمشاعر المواساة من أسرته  وأحبته ورفاق دربه، ونسأل الله عزوجل أن يرفع درجاته عنده، ويسكنه الفردوس الأعلى، وان يلهم أهله وذويه ومحبيه جميل الصبر والسلوان وحسن العزاء، وانا لله وانا اليه راجعون.
 
ومضة ذاتية عن الراحل : ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار عام 1938. والده إبراهيم أسعد سلمان. ووالدته فهدة الأتات.
تزوج عام 1967 من عفاف محمود الأسعد، من بلدة الزرارية في جنوب لبنان، ولهما: هنادي، ربيعة، أحمد، وعلي.
صف طلال سلمان خطواته على الطريق إلى الصحافة بمقدار ما يصف حال الصحافة اللبنانية وتطور مسيرتها لتصير "صحافة العرب الحديثة".

IMG_4691.JPG


 

أما مسيرته فمسيرة شاقة، بدأت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي لـ"واحد من متخرجي بيروت عاصمة العروبة"، كما يصف نفسه في سيرته، استهلها مُصححاً في جريدة "النضال"، فمخبراً صحافياً في جريدة "الشرق"، ثم محرراً فسكرتيراً للتحرير في مجلة "الحوادث"، فمديراً للتحرير في مجلة "الأحد". وفي خريف العام 1962 ذهب إلى الكويت ليصدر مجلة "دنيا العروبة" عن "دار الرأي العام" لصاحبها عبد العزيز المساعيد. لكن الرحلة لم تطل لأكثر من ستة أشهر عاد بعدها إلى بيروت ليعمل مديراً لتحرير مجلة "الصياد" ومحرراً في مجلة "الحرية" حتى تفرغ لإصدار "السفير" في 26 آذار/مارس 1974، وكان عضواً في مجلس نقابة الصحافة اللبنانية منذ العام 1976 حتى العام 2015. اشتهر أيضاً بحواراته مع غالبية الرؤساء والقادة والمسؤولين العرب.

ظل القارئ يترقّب افتتاحيات طلال سلمان بعنوان "على الطريق"، والتي تميزت بالوضوح السياسي وصلابة الموقف. كما يترقبه بحماسة مماثلة في "نسمة"، الشخصية التي ابتدعها في "هوامش" يوم الجمعة (الملحق الثقافي لـ"السفير")، وهي شخصية ذات دفء وجداني حميم ترسم "بورتريهات" للمسرح السياسي والثقافي والأدبي، وتصور صدق المشاعر الإنسانية وشغفها بالحياة وحماستها لها ولأخلاقيات الذوق الرفيع. ربطته صداقات بطيف واسع من المثقفين والفنانين العرب.

تتميز شخصيته كإعلامي بمزيج من رهافة الوجدان السياسي والصلابة في الموقف، ما عرضه إلى ضغوط متزايدة بلغت أوجها في نجاته في 14 تموز/يوليو 1984 من محاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجراً تركت ندوباً في وجهه وصدره. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع "السفير" في الأول من تشرين الثاني 1980.

حاز جائزة الديبلوماسي والمستشرق الروسي فيكتور بوسوفاليوك الدولية المخصصة لأفضل نقل صحافي روسي وأجنبي للأحداث في الشرق الأوسط. وتسلم الجائزة في 7/11/2000. وفي سنة 2004 وفي الذكرى الثلاثين لإصدار "السفير" كرمته المؤسسات الثقافية والنوادي في أنحاء لبنان كله.
اختاره منتدى دبي الإعلامي "شخصية العام الإعلامية" لسنة 2009.

وفي 7 أيار 2010 منحته كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية درجة الدكتوراه الفخرية تقديراً لدوره المتفرد في الصحافة والإعلام والأدب الصحافي.

في الرابع من كانون الثاني 2017، اختار طلال سلمان بملء إرادته إطفاء شمعة "السفير"، وأراد أن تكون افتتاحية العدد العشرون قبل 43 سنة، هي افتتاحية العدد الأخير "لعلها تكون أطيب تحية وداع"، وجاء فيها "يحق لنا أن نلتقط أنفاسنا لنقول ببساطة وباختصار وبصدق: شكراً".
مؤلفات طلال سلمان:
مع فتح والفدائيين (دار العودة 1969).
ثرثرة فوق بحيرة ليمان (1984).
إلى أميرة اسمها بيروت (1985).
حجر يثقب ليل الهزيمة (1992).
الهزيمة ليست قدرا (1995).
على الطريق.. عن الديمقراطية والعروبة والإسلام (2000).
هوامش في الثقافة والأدب (2001).
سقوط النظام العربي من فلسطين إلى العراق (2004).
هوامش في الثقافة والأدب والحب (2009).
لبنان العرب والعروبة (2009).
كتابة على جدار الصحافة (2012).
مع الشروق (2012).
هوامش في الثقافة والأدب والحب (2014).
مع الشروق (2014)".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت