كشف تقرير لموقع صحيفة "القدس" الفلسطينية عن مصدر مطلع بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتقد أن المطالب الفلسطينية المقدمة في محادثات الرياض هي مطالب الحد الأقصى، ما يجعل تلبيتها من قبل الإدارة في الوقت الراهن أمرا صعباً جداً، وأن من الأجدى أن يتقدم الفلسطينيون بمطالب "أكثر معقولية" تخدم وقف التصعيد وتراجع العنف، وتحسين حياة الفلسطينيين اليومية، وتجمد الخطوات الانفرادية (للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي) التي تعقد احتمالات الوصول إلى حل الدولتين الذي يعتبر هدف الولايات المتحدة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وكانت قد كشفت شبكة "بي بي سي" البريطانية يوم الخميس، أن من بين المطالب الفلسطينية في حالة التوصل إلى اتفاق ثلاثي يشمل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، يشمل المزيد من السيطرة السياسية والأمنية على الأراضي في الضفة الغربية وزيادة مالية بمئات الملايين من الدولارات لدعم السلطة الفلسطينية التي تعاني من نقص كبير في الموارد المالية.
وقد التقى فريق من كبار المسؤولين الفلسطينيين في الرياض بما في ذلك رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، وحسين الشيخ، الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية - بمستشار الأمن القومي السعودي مساعد العيبان يوم الأربعاء، وفقا لمصادر فلسطينية، لمناقشة المطالب الفلسطينية كجزء من أي صفقة كبرى يتم التوصل إليها، وذلك قبل أي لقاء مع المسؤولين الأميركيين الذين توجهوا إلى الرياض لنفس الغرض.
وتردد في وسائل الإعلام الأميركية ومن على المنصات الصحفية الرسمية في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية تقارير وتصريحات ومناقشات متعددة منذ شهر تموز الماضي عن مساعي الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية، مقابل ترتيبات أمنية كبيرة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتقديم تنازلات إسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ولكن احتمال الاتفاق يبدو بعيداً في الوقت الراهن، حيث قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، يوم الثلاثاء: "لا نتوقع أي إعلانات أو اختراقات وشيكة في الفترة المقبلة".
وتسود واشنطن تكهنات حول مخطط أميركي كبير لإعادة التنظيم التاريخي للعلاقات في الشرق الأوسط، عبر استئناف الدبلوماسية المكوكية الأميركية الشبيهة بجولات وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر في سبعينات القرن الماضي قبيل التوصل لاتفاقية كامب ديفد بين مصر وإسرائيل.
ويعتقد الخبراء أن من المرجح أن يرى الرئيس الأميركي جو بايدن أن الاتفاق السعودي الإسرائيلي سيكون بمثابة جائزة كبيرة في السياسة الخارجية يمكنه تقديمها للناخبين قبل انتخابات العام المقبل.
وفي مقابل الاعتراف بإسرائيل، يقال إن المملكة العربية السعودية تطالب بضمانات أميركية للحصول على أسلحة أميركية متقدمة، وبرنامج نووي مدني يشمل تخصيب اليورانيوم داخل البلاد، وهو ما يثير الجدل في واشنطن، حيث أن المشرعين من الحزبين يعارضون ذلك.
وبحسب الخبراء، ستستفيد إسرائيل من جانبها من العلاقات التجارية والدفاعية مع القوة العربية الكبرى، والمزيد من التكامل التاريخي الذي سعت إليه دائمًا في المنطقة، في أعقاب اتفاقيات التطبيع العربية الأخرى التي تم التوصل إليها في عام 2020.
كما يعتقد الخبراء أنه كي ينجح أي اتفاق، يجب أن ينظر إليه على أنه يتضمن تنازلات إسرائيلية كبيرة للفلسطينيين، حيث يحتاج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى تهدئة شعبه - المعارض تاريخياً لإسرائيل والمتعاطف بشدة مع القضية الفلسطينية.
وفي الوقت نفسه، سيحتاج الرئيس بايدن أيضًا إلى إثبات أنه حقق مكاسب كبيرة للفلسطينيين للحصول على الدعم من حزبه الديمقراطي، ويرفض كثيرون في الحزب فكرة وجود أي حوافز دفاعية للسعوديين بسبب سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان ودورها في الحرب في اليمن، كما أنهم معادون لفكرة مكافأة الائتلاف الحاكم القومي المتطرف الحالي في إسرائيل، والذي يرون أنه يؤدي إلى تفاقم التوترات في الضفة الغربية والذي أثار عدم استقرار غير مسبوق داخل إسرائيل نفسها.
وبحسب بي.بي.سي، فقد تم تحديد قائمة بالمطالب الفلسطينية مقابل المشاركة في العملية التي تدعمها الولايات المتحدة خلال اجتماع مع مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية باربرا ليف الأسبوع الماضي في عمان، وبحسب ما قاله مسؤول فلسطيني للشبكة، تشمل المطالب : نقل أجزاء من الضفة الغربية الخاضعة حاليًا للسيطرة الإسرائيلية الكاملة (المعروفة باسم المنطقة ج بموجب اتفاقيات أوسلو للسلام في التسعينيات) إلى حكم السلطة الفلسطينية؛ "وقف كامل" للنمو الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية؛ استئناف الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية، والذي تباطأ منذ عام 2016 وتوقف تمامًا قبل ثلاث سنوات، ليصل إلى حوالي 200 مليون دولار سنويًا؛ وإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس – البعثة الدبلوماسية للفلسطينيين – التي أغلقها الرئيس دونالد ترامب، واستئناف المفاوضات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل والفلسطينيين من حيث توقفت في عهد وزير الخارجية آنذاك جون كيري في عام 2014.
بدوره قال مسؤول أميركي معلقا على المطالب الفلسطينية المزعومة أنه ليس على دراية بذلك، وأنه "سجل الإدارة يظهر أننا لا نتحدث عن فحوى مفاوضات تدور وراء الأبواب المغلقة، وأقول فقط أن زيارة ماكغورك وليف كانت مرتبة مسبقا، وتتناول العلاقات السعودية الأميركية الثنائية".