تعليق فعاليات غزة مقابل عدم الاعتداء في الأقصى
مسؤول قطري: قطر نجحت في التوسط للتوصل إلى تفاهم بين إسرائيل وغزة لإعادة فتح معبر إيريز
كشف تقرير لصحيفة "الأخبار" اللبنانية عن تفاصيل مباحثات مكوكية أجراها الوسطاء بين حركة "حماس" في قطاع غزة، والاحتلال الإسرائيلي، حيث رضخ الأخير لمطالب الفلسطينيين في ما يتعلّق بعدم التصعيد في المسجد الأقصى، والعودة إلى "التفاهمات" السابقة بخصوص الأوضاع الاقتصادية في القطاع، مقابل وقف الفعاليات الحدودية التي تقودها وحدات "الشباب الثائر" التابعة بشكل غير رسمي لفصائل المقاومة، وذلك بعدما فشل الضغط الإسرائيلي في وقفها عبر إغلاق المعابر وقصف مراصد المقاومة في المنطقة الحدودية، على مدار 5 أيام.
وعن مباحثات التهدئة، نقلت صحيفة "الأخبار"، من مصادر في "حماس"، بأنه "تكثّفت خلال الأيام الماضية وتدخّل فيها الوسيط القطري، وتبعه المبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند، وأخيراً الوسيط المصري الذي تمكّن من التوصل إلى صيغة لتهدئة الأوضاع على حدود قطاع غزة، بعد تعهّدات إسرائيلية بعدم التصعيد في مدينة القدس والعودة إلى تفاهمات سيف القدس عام 2022".
وفي تفاصيل المفاوضات، طالبت "حماس" بوقف الضغط الذي يمارسه الاحتلال على الحاضنة الشعبية للمقاومة والمواطنين في قطاع غزة، بعدما شدّدت حكومة الاحتلال إجراءات الحصار، ما أثّر على عمل الحكومة في القطاع، وقدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين، وعلى دفع رواتب موظفيها.
وشملت المطالب الفلسطينية مضاعفة عدد العمال الذين يُسمح لهم بالعمل في إسرائيل، بحسب أحد المصادر، الذي نقل تأكيدات الوسيط المصري بأن "حكومة الاحتلال سترفع بشكل عاجل عدد العمال ليصل إلى 20 ألفاً، بعدما كان 17500 عامل، على أن تتمّ زيادة أخرى خلال الفترة التي تليها، ليصل العدد إلى 30 ألف عامل خلال العام المقبل"، وذلك رهناً باستمرار حالة الهدوء في القطاع.
وفي السياق نفسه، أشارت صحيفة "هآرتس" العبرية إلى أن "الحكومة الإسرائيلية بصدد اتخاذ تسهيلات جديدة، بزيادة عدد العمال المسموح لهم بالدخول من غزة إلى الداخل، بنحو 20 ألف عامل، وفقاً لخطة أعدتها المؤسسة الأمنية قبل بضعة أشهر".
كذلك، طالبت "حماس" بزيادة قيمة المنحة القطرية لتغطي أعداداً جديدة من المواطنين الفقراء، في ظلّ معطيات حول زيادة نسبة الفقر داخل قطاع غزة إلى ما يفوق 70% من المواطنين، وفق إحصاءات رسمية وأخرى دولية.
وبحسب المصادر، تسلّم السفير القطري، محمد العمادي، مطلب "حماس" بالموافقة على كشوف صرف جديدة لعدد آخر من المواطنين، أثناء زيارته الأخيرة إلى قطاع غزة، فيما أبلغ المصريون والقطريون الحركة بأن "لا مانع لدى الاحتلال من زيادة قيمة المنحة القطرية لتشمل أكثر من 100 ألف مواطن، والردّ على الكشوفات الجديدة، والموافقة على أن يعود الدعم القطري الذي يغطي جزءاً من فاتورة رواتب الموظفين الحكوميين في قطاع غزة بعد الأزمة الأخيرة التي أدت إلى تراجع نسبة الرواتب من 60% إلى 55%".
على أن العودة إلى الفعاليات "ستكون مرهونة بتنفيذ التعهّدات التي قطعها الاحتلال أمام الوسطاء"، وفق ما أبلغت "حماس" المصريين، مشيرة إلى أن وقف الفعاليات "سيكون ليوم واحد هو يوم الخميس (أمس)"، وملوّحة بأن "الشباب الثائر على حدود غزة سيصعّد خطواته في حال كان هناك اعتداء في مدينة القدس خلال فترة الأعياد التي تتواصل حتى السابع مع الشهر المقبل، وأيضاً في حال عدم الإيفاء بالتفاهمات".
وفي ضوء ما تقدّم، أعلن جيش الاحتلال فتح معبر بيت حانون (إيريز)، أمس، أمام العمال الفلسطينيين من قطاع غزة بعد إغلاق دام 12 يوماً متتالية، والتي جاءت كنوع من العقوبات بعد تصاعد أنشطة "الشباب الثائر" على حدود القطاع.
وبعد إعلان الاحتلال فتح المعبر المذكور، أعلن "الشباب الثائر"، في بيان أمس، "تعليق فعالياته على السلك الزائل" ليوم واحد فقط، وأشار إلى أن وحداته "ستبقى على أهبة الاستعداد والجهوزيّة للعودة إلى الحراك الشعبي الثائر في حال لم يلتزم العدو بتعهداته للوسطاء"، وذلك "بعد تدخل الوسطاء وتعهدهم بأن الاحتلال سيلتزم بوقف إجراءاته القمعية بحق أسرانا الأبطال، كما سيمتنع عن الاعتداء على المرابطين في المسجد الأقصى وإخواننا المقدسيين، وعدوانه المستمر على حرمة الأقصى"، بالإضافة إلى "إجراءات للتخفيف عن شعبنا في قطاع غزة".
أيّاً يكُن، لم تمنع هذه المباحثات، الاحتلال، من محاولات تحصين ردعه المتآكل، في ظلّ نكثه بكل التعهّدات السابقة، إذ عمد جيشه صباح أمس إلى تحصين العديد من الطرق الالتفافية المؤدية إلى مستوطنات غلاف قطاع غزة، عبر رفع جدران خراسانية عالية، على خلفية التوترات الأمنية مع القطاع، وتزايد محاولات إطلاق النار خلال المسيرات. وتهدف هذه الإجراءات، بحسب جيش الاحتلال، إلى منع إطلاق صواريخ مضادة للدروع من غزة باتجاه المركبات الإسرائيلية في حال اندلاع مواجهة عسكرية مع قطاع غزة.
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس " عن مسؤول قطري بأن " قطر نجحت في التوسط للتوصل إلى تفاهم بين إسرائيل وغزة لإعادة فتح معبر إيريز".
وقال السفير القطري محمد العمادي رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، إن "قطر عملت ونجحت في تهدئة الوضع في قطاع غزة من خلال التوصل إلى تفاهم لإعادة فتح معبر إيريز أمام العمال الفلسطينيين."
وأضاف العمادي أن "دولة قطر لن تدخر جهداً في دعم الشعب الفلسطيني من خلال الدبلوماسية والمبادرات التنموية حتى يحقق تطلعاته في الدولة والازدهار."
وقال مسؤولون إن "موجة من الجهود الدبلوماسية خلال الأيام القليلة الماضية شاركت فيها مصر وإسرائيل وقطر وحماس أدت إلى اتفاق غير رسمي لنزع فتيل التصعيد."
وقال السفير العمادي إن "الوضع في قطاع غزة مأساوي، ولن يؤدي صراع آخر إلا إلى تفاقم الأزمة الإنسانية".
وقال مسؤول في غزة مطلع على المحادثات، إن "إسرائيل وعدت حماس بعدد من التنازلات."
وأضاف أن "التنازلات تشمل زيادة إسرائيل عدد تصاريح العمل التي تصدرها للعمال في غزة، وتوسيع منطقة الصيد قبالة ساحل غزة والسماح للقطاع بتصدير المزيد من السلع واستيراد المزيد من المعدات."