نظمت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، مهرجانًا جماهيريًا كبيرًا، يوم الجمعة في ساحة الكتيبة غرب مدينة غزة، إحياءً للذكرى الـ 36 لانطلاقتها"الجهادية"، شارك فيه عشرات الآلاف من مناصري حركة الجهاد، يتقدمهم أعضاء المكتب السياسي للحركة، وقادتها وكوادرها من كافة الأطر التنظيمية بحضور ممثلين عن القوى الوطنية الفلسطينية، وشخصيات أكاديمية وجماهيرية واعتبارية ووجهاء قطاع غزة.
وتخلل المهرجان كلمة هامة للقائد زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي وكلمة لعوائل الشهداء وكلمة مهمة للهيئة القيادية العليا لأسرى حركة الجهاد الإسلامي في سجون الاحتلال.
كلمة القائد النخالة
قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة: "أتينا لنحيي ذكرى انطلاقة حركتنا المباركة التي تحمل اسم: "الشهداء بشائر النصر"، متزامنة مع مناسبات كبيرة وعظيمة، وعلى رأسها ذكرى المولد النبوي الشريف، مدرستنا في الحياة، وفي الإيمان، وفي القوة والصبر والمثابرة، وفي الجهاد والعطاء والانتصار.. إنها سيرة رسول الله محمد، صلى الله عليه وسلم، وهي تمثل صراع الحق في مواجهة الباطل على مدى الزمان، وتمثل لنا الأسوة المطلقة والحسنة، في صراعنا مع المشروع الصهيوني، ونسترشد بها دليلاً في مسيرتنا وجهادنا، لتحرير بلادنا وتصويب خياراتنا".
وأضاف القائد النخالة خلال كلمة له اليوم الجمعة في مهرجان الانطلاقة الجهادية لحركة الجهاد الإسلامي الـ36 ، أن ذكرى الانطلاقة تأتي في مناسبة أخرى مهمة، هي انتفاضة الأقصى التي كان حضور حركتنا ومقاتلينا وشهدائنا فيها مميزًا ومؤثرًا. فمن أول عملية استشهادية فيها، مرورًا بعملية زقاق الموت، وعمليات استشهادية كبرى، إلى معركة جنين عام 2002 الحاضرة دومًا، كانت حركة الجهاد ومقاتلوها كتفًا إلى كتف مع مقاومي شعبنا الفلسطيني البطل، علامة فارقة ومميزة في شجاعة مقاتليها، وحضورهم البارز. إضافة إلى مناسبات كثيرة أخرى.
وأكد الأمين العام، أننا ونحن نحتفل اليوم بذكرى انطلاقتنا، في كل الساحات نستحضر كل هذه المناسبات، لتكون تكريمًا لشهداء شعبنا، على طول مسيرته نحو القدس، ونحو فلسطين وأيضًا، وتكريمًا لشهداء حركتنا الذين نرفع صورهم الآن رايات عالية، اعتزازًا وافتخارًا بهم، وحضورًا لا يغيب... فهم أحياء يرزقون، ينظرون إلينا، ويتفقدون حضورنا واحتفاءنا بهم. فمن تخلف عن هذا الحضور خسر فرحة إخوانه الشهداء. فمن حق إخواننا الشهداء علينا أن نحفظ أسماءهم، ونحفظ بطولاتهم وأعمالهم، ونحفظ ذكراهم، لتبقى قدوة لنا في مسيرتنا نحو القدس.
وتابع القائد النخالة، إن حركتنا وشعبنا العظيم الذي يحتفي بالشهداء، في هذا اليوم المبارك، يوم حركة الجهاد الإسلامي، يؤكد، برغم كل ما نراه من حولنا، أن الشهداء أحياء في حياتنا وقلوبنا ومسيرتنا، وأننا سنكمل طريقهم، مهما كانت التضحيات، وسيبقون بشرى انتصارنا إن شاء الله.
وفي ختام كلمته أكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة على التالي:
أولاً: أننا سنبقى أوفياء لأرواح شهداء شعبنا، وشهداء حركتنا وقادتها الشجعان، على أن نستمر في جهادنا حتى الانتصار على المشروع الصهيوني.
ثانيًا: أن وحدة شعبنا وقوى مقاومته واجبة وضرورة من أجل تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والانتصار.
ثالثًا: ضرورة الاهتمام بالحاضنة الشعبية للمقاومة، في الضفة الغربية، وقطاع غزة، وتقدير صمودهم وتضحياتهم.
رابعًا: أن الضفة الغربية، بكتائبها المقاتلة وشعبها البطل، تمثل رأس حربة في مشروع المقاومة واستمرارها.
خامسًا: أن المقاومة بكل قواها، في قطاع غزة، ستبقى سندًا حقيقيًّا لشعبنا، وجزءًا أصيلاً من مقاومته، وامتدادًا للمقاومة في الضفة الغربية الباسلة، وكتائبها المقاتلة.
سادسًا: أن قضية الأسرى وحريتهم يجب أن تبقى همًّا يوميًّا لدى قوى المقاومة حتى تحريرهم.
سابعًا: أهمية وحدة قوى المقاومة في المنطقة، في مواجهة المشروع الصهيوني، وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية في إيران، وسوريا، وحزب الله.
ثامنًا: أننا والإخوة في حركة حماس، وقوى المقاومة في فلسطين، سنبقى صفًّا واحدًا، حتى تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والتحرير.
كلمة عوائل الشهداء
جددت عوائل الشهداء الولاء للمقاومة الفلسطينية، والاستمرار في خيار القتال والشهادة الذي عمّد بدماء ذويهم، الذين أبصروا الطريق القويم، والاقصر تجاه فلسطين.
وقال محمد عزالدين نجل الشهيد القائد طارق عزالدين في كلمةٍ له نيابة عن أهالي الشهداء: "منحازون الى خيار الدم والشهادة، الى البنادق المصوّبة نحو المشروع الصهيوني الآثم، التحية لكل عوائل الشهداء، أولئك الشهداء الذين أسلموا نفوسهم في سبيل الله، وأكملوا طريق النصر وشيدوه بدمهم، أولئك الذين ألقَوا الدنيا وراء ظهورهم، وبرزوا بصدورهم للسماء معلنين تجارةً مع الله لن تبور".
وأضاف: "في مقام الشهادة العظيم، والانحياز إلى الشهداء تحيتنا لمن قاتلوا كالبنيان المرصوص، فشفى الله بهم صدور المؤمنين، تحية لمن عقدوا لواء وحدة الساحات وثأر الأحرار، وبأس جنين وثأرها، ومضوا قُدماً ولم يعرفوا خسارةً بقتالهم وقتلهم، لأن شعارهم إن الموتَ للمؤمنين عادة، وكرامتنا من الله الشهادة".
وتابع: " صحيح أننا بوداع أحبابنا الشهداء قلوبنا تحزن، وعيوننا تدمع، وكلمة الوداع تتعلق في الحناجر عند آخر نظرة، ولكن العزاء حين تصعد الروح، فينزل النور منكم أيها الشهداء؛ يضيء طريقنا ويمسح غشاوتنا".
وأردف قائلاً: "إننا على موعد مع النصر، الذي يتفتح في جنين وغزة ونابلس، وطولكرم وقلقيلية، ورام الله والخليل وأريحا، وفي القدس وكل ربوع الوطن".
ودعا عزالدين أمة الإسلام لأداء واجبها في الدفاع عن أقصاها ومقدساتها والوقوف في خندق واحد ضد المشروع الصهيوني ومشروع التطبيع المحرم دينا وأخلاقا.
كلمة الهيئة القيادية لأسرى الجهاد
أكد الأسير المحرر والقيادي في حركة الجهاد الإسلامي، رامز الحلبي، أن السجون التي خرَجت طارق عز الدين وخضر عدنان ومحمود العارضة وغيرهم من الفرسان الأبطال، لن تركع أمام السَّجان، وأن كل قوانينه العنصرية ومخططاته الإرهابية ستتحطم على صخرة تحدي الأسرى.
ودعا الحلبي، في كلمةٍ ممثلاً عن الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة الجهاد الإسلامي، خلال مهرجان الانطلاقة الجهادية الـ36، الفصائلَ الفلسطينية إلى التوحد حول برنامج سياسي واحد يستظل بظل البندقية، ويجعل من قانون المشاغلة قانونه الأول والأخير.
كما دعا مقاتلي محور المقاومة والمقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم سرايا القدس أن "يعملوا بجد لتحرير الأسرى وتحديد سقف زمني لكسر قيدهم، لأنه من العيب والعار على أمة المليار أن يبقى أكثر من خمسة آلاف من الأطفال والنساء والرجال يسامون العذاب على أيدي الصهاينة".
وطالب فصائل المقاومة، إلى ألا يدخروا جهداً في الحفاظ على جذوة المقاومة المشتعلة في جنين القسام وباقي أرجاء الضفة، مشيراً إلى أن "الضفة الباسلة هي رأس حربة المقاومة، والتي بانكسارها ستنكسر المقاومة كلها".
وجدد الحلبي "البيعة لعاقد لواء الجهاد سيدنا محمد في يوم مولده، وللأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة (أبو طارق) في قيادته للمواجهة، وللشهداء والمجاهدين أبناء شعبنا".
وبارك الحلبي باسم الهيئة القيادية العليا، ذكرى الانطلاقة الـ36 لحركة الجهاد الإسلامي بأمينها العام وقيادتها ومجاهديها وأسراها، التي حافظت على خطها الأوضح، وفكرها الأصوب، وسلاحها الأطهر".
وأشار –مخاطباً الحشود الهادرة لمهرجان الانطلاقة في أرض الكتيبة بغزة- إلى أنه "في هذه اللحظات التي تسمعون صوتكم لكل الدنيا بأنكم ما زلتم على عهد الشهداء، ودرب الشهادة، نقول لكم بأننا نحن إخوانكم وأبنائهم من أسرى الجهاد الإسلامي، صدى لصوتكم وصوت حق يهتف باسمكم".
وشدد على أن الأسرى ما زالوا يخوضون معركة حقيقية بعد انتصارهم على منظومة أمن السجان عبر نفق الحرية، وما زالوا يُجالدون السجان بالعزيمة والصبر والتوكل على الله، والإيمان بأن خلف الأسرى شعبٌ حرٌ، وسرايا للقدس منتصرة، وقائدٌ فدائيٌّ (القائد زياد النخالة) يقود جحافل المجاهدين.
وأوضح الحلبي على لسان "أسرى الجهاد" أن "العدو ظنَّ بأنه بأسرنا، وتغييب أبطالنا في السجون، سيكسر سيف مقاومتنا، ويسكن الإحباط في قلوبنا، ولكننا قلناها بدم قائدنا الأسير المحرر المبعد الشهيد طارق عز الدين بأن السجن لن يزيدنا إلا قوة وثباتاً".
وأضاف: "وما هذا التقدم الأروع لطارق عز الدين وأطفاله شهداء على مذبح الحرية إلا خير دليل على ما نقول، وسيزيدنا السجن عناداً، واسألوا روح الشهيد القائد أيقونة الصبر ومدرسته خضر عدنان، واسألوا مهندس الحرية محمود العارضة".
وقال الحلبي على لسان "أسرى الجهاد": "نقسم بالله بأننا لن نبقى في سجوننا وستكسر قيودنا، أتعرفون لماذا؟ لأن لدينا سرايا القدس التي أشعلت المقاومة من جديد في ضفة طارق عز الدين وخضر عدنان، لدينا رجال المغارم وحراس القضية زياد النخالة وأكرم العجوري".
وفي رسالته إلى أهالي الشهداء والأسرى والمجاهدين وأبناء الشعب الفلسطيني حاضنة المقاومة، لفت الحلبي إلى أننا "نراكم بعيون قلوبنا وأنتم ترفعون صور قادتنا الشهداء، وتهتفون بكل الصدق بالدم بالروح نفديك يا أسير، فنعلم علم اليقين بأننا سينتهي ليلنا ويشرق فجرنا، فأنتم القوة والأمل التي نحيا بها بعد توكلنا على الله".
ونبَّه إلى أنه "كيف تطيب الحياة وحرائرنا وأطفالنا ما زالوا معلقين في زنازين القهر، كيف تطيب الحياة وما لا يقل عن خمسين أسيراً أمضوا أكثر من ربع قرن في السجون وما زالوا؟ ماذا نقول لأبو شادي الطوس الذي بلغ من العمر سبعين وما زال في قيده منذ 40 عاما؟ ماذا نقول لشيخ الجهاد الإسلامي أبو إياد جبارين الذين تجاوز السبعين، وأنهى ثلاثين عاماً في السجون وما زال؟ ماذا نقول لذوي الأسرى لأمهاتهم الباكيات، لزوجاتهم المفجوعات، لعيون أبنائهم وبناتهم الدامعات، ردوا عليهم عندما يسألون أين ابني الأسير أين أبي الأسير أين زوجي الأسير؟".
وأبرق الحلبي بالتحية للمرابطين في باحات المسجد الأقصى، داعياً إياهم للمزيد من الصبر والإصرار حتى ينبلج ضوء النهار، كما توجَّه بالتحية لأهالي فلسطين المحتلة عام 48 والضفة وغزة والشتات على صمودهم أمام المشروع الصهيوني.
ودعا الحلبي، في ختام كلمته، "جماهيرَ أمتنا التي ما زالت تحمل فلسطين في قلبها عشقاً وقضية إلى أن تحارب التطبيع وأهله، وألا تبخل بدعم المقاومة الفلسطينية ولو بالدعاء".