يبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة جولة في عدد من الدول العربية سعيا لزيادة الضغط على حركة حماس، في ظل ترجيح مضي إسرائيل نحو عملية برية في قطاع غزة.
وأكد بلينكن الخميس من تل أبيب وقوف بلاده الى جانب الدولة العبرية التي توعدّ رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو بـ"سحق" حركة حماس في أعقاب العملية غير المسبوقة التي شنتها السبت، قبل أن يدعو الجيش الجمعة سكان مدينة غزة الى إخلاء منازلهم والتوجه جنوبًا.
ووصل بلينكن في وقت مبكر الى عمان حيث من المقرر أن يلتقي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، قبل استكمال جولته الإقليمية بزيارة قطر والسعودية ومصر والامارات.
وقتل 1200 شخص في إسرائيل منذ بدء الهجوم، ووصل عدد الجرحى الى 3297، وبلغ عدد الرهائن الذين أخذوا من إسرائيل حوالى 150، بحسب الجيش.
في قطاع غزة، استشهد 1417 شخصا وجرح نحو 6268 جراء القصف الإسرائيلي المكثف ردا على الهجوم، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأكدت الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية مساندتها لإسرائيل وحقها في "الدفاع عن النفس"، معلنة توفير مساعدات عسكرية إضافية لها، وإرسال حاملة طائرات الى شرق المتوسط في مسعى لردع أطراف إقليمية عن الدخول على خط النزاع الراهن، في إشارة الى "محور المقاومة" بقيادة إيران، العدو الإقليمي اللدود للدولة العبرية.
وستكون قطر إحدى أبرز المحطات في زيارة بلينكن، نظرا للعلاقة الوثيقة التي تربطها بحماس، ودور الدوحة تقليديا في جهود الوساطة وتأمين عمليات الإفراج عن الأسرى.
وقال بلينكن من تل أبيب الخميس "سنواصل الضغط على الدول للحؤول دون تمدد النزاع، واستخدام تأثيرها على حماس من أجل الإفراج بشكل فوري وغير مشروط عن الرهائن".
وأضاف "سنناقش أيضا كيف يمكننا مواصلة العمل لتحقيق رؤيتنا لمنطقة أكثر سلما وازدهارا وأمنا واندماجا".
وتابع "هذا هو الخيار (المطروح)، وهذا الخيار بات بطريقة أو بأخرى، جليا بشكل أكبر جراء نشاطات حماس".
وأتت عملية حماس في ظل مساعي أميركية لإنجاز اتفاق للتطبيع بين السعودية واسرائيل. وأكد الأطراف المعنيون في الأسابيع الماضية أنهم كانوا يقتربون أكثر فأكثر من إنجاز هذا التفاهم، بعد سلسلة تفاهمات بين إسرائيل ودول عربية في الأعوام الأخيرة.
وتلقى اتفاقات التطبيع معارضة شديدة من الفصائل الفلسطينية مثل حماس، إضافة الى كامل "محور المقاومة" الذي يضم إيران وحلفاءها في المنطقة. وينظر الفلسطينيون وطهران الى اتفاقات التطبيع على أنها "طعنة في ظهر" الفلسطينيين.
الا أن التطورات الأخيرة قد تؤثر سلبا على زخم هذه المباحثات، اذ إن السعودية، مثلها مثل قطر، حمّلت الممارسات الإسرائيلية مسؤولية التصاعد الحاد في أعمال العنف.
أما مصر، فيعمل المسؤولون الأميركيون معها من أجل البحث في إنشاء ممر انساني عبر معبر رفح، وهو الوحيد للقطاع مع العالم الخارجي غير الخاضع للسيطرة الإسرائيلية. لكنه مغلق منذ تعرضه للقصف خلال الأيام الماضية.
وأكد بلينكن أنه بحث مع المسؤولين الإسرائيليين في إمكان توفير "ممر آمن للمدنيين الراغبين في المغادرة أو الابتعاد عن قطاع غزة".
وأتت تلك التصريحات قبل ساعات من إعلان إسرائيل أنها أمرت سكان مدينة غزة بإخلائها والنزوح جنوبا، في قرار أكدت الأمم المتحدة أنه يطال 1,1 مليون شخص وحذرت من تبعاته "المدمّرة".
- العمل مع عباس -
وستكون زيارة عمان فرصة لبلينكن للبحث مع الرئيس الفلسطيني الذي ليس له تأثير على حماس المسيطرة على القطاع منذ العام 2007 بعد اشتباكات انتهت بطرد حركة فتح.
وسعت الولايات المتحدة خلال ولاية الرئيس الديموقراطي جو بايدن، الى دعم السلطة الفلسطينية نظرا لاعتبارها الخيار الأمثل لأي سلام محتمل بين إسرائيل والفلسطينيين، على رغم انهيار المفاوضات حول السلام منذ أعوام.
الا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي عاد الى الحكم العام الماضي على رأس ائتلاف هو الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية ويرفض حل الدولتين، عمل منذ أعوام على تهميش دور السلطة ومجمود عباس، معتبرا أن الأخير لم يلتزم بما يكفي في العمل على وقف أعمال العنف.
وكان عباس أكد الخميس خلال لقائه العاهل الأردني، رفضه "قتل المدنيين" في الجانبين. وقال "نرفض الممارسات التي تتعلق بقتل المدنيين أو التنكيل بهم من الجانبين لأنها تخالف الأخلاق والدين والقانون الدولي".
ودعا عباس إلى "الوقف الفوري للعدوان" في قطاع غزة، وفق ما جاء في بيان رسمي صادر عن مكتبه.
وتحدث بلينكن هاتفيا في وقت سابق الى عباس، وحضّه على إدانة العنف والحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية المحتلة.