400 شيكل أجرة إخراج جثمان من تحت الأنقاض في شمال غزة

تبذل سهير وأحلام خير الدين جهوداً مضاعفة من أجل إخراج جثمانَي زوجَيهما، اللذين قضيا شهيدَين تحت أنقاض منزلهما في بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة.

منذ نحو شهرين استهدفت طائرات الاحتلال منزل عائلة خير الدين، المكون من خمسة طوابق ومجموعة أخرى من المنازل المجاورة، وارتكبت مجزرة راح ضحيتها نحو 17 شهيداً، ومن بين هؤلاء الضحايا الشهيدان محمد في الأربعين من عمره، وابن شقيقه أحمد (28 عاماً) اللذان كانا يستقبلان عدداً من النازحين من الأقارب والأصدقاء في المنزل.

قالت المواطنتان خير الدين، اللتان تنزحان في رفح جنوب القطاع مع أفراد عائلتَيهما، في حديث لـ"الأيام": إنهما تقومان باتصالات كثيرة ومتنوعة رغم صعوبتها؛ من أجل الاتفاق مع المعارف، الذين بدورهم يبحثون عن شبان يعملون في إخراج جثامين الشهداء من تحت أنقاض المنازل.

وأشارتا إلى أن أفراد "الدفاع المدني" عجزوا عن إخراج جثامين الشهداء في هذه المجزرة؛ بسبب كثرة أكوام الركام الناجمة عن تدمير المنزل ومجموعة من منازل الجيران، مبينتَين أنهما تتوقعان أن الجثمانَين تحولا إلى هيكلَين عظميَّين مع مرور الأيام أو على الأقل تعفنا.

وذكرت زوجة الشهيد محمد وهي تبكي بحرقة على زوجها الذي لا يزال تحت الركام، أنها تتمنى أن تعود إلى هذا الركام لتقوم بنفسها بإزالته لتشاهد جثمانه وتشيّعه وتدفنه.

وانتشرت في الآونة الأخيرة مهنة جديدة، في مناطق غادرتها قوات الاحتلال في مدينة غزة وشمال القطاع، وهي إخراج الجثامين.

وبينت مصادر محلية لصحيفة  "الأيام" أن شباناً يتلقون مبالغ مالية تتراوح بين 300 و400 شيكل للعمل في تلك المهنة، التي تقتصر على إخراج جثمان واحد فقط دون أن يتكفلوا بالدفن في المقبرة.

وأوضحت خير الدين أنها تجاوزت صدمة استشهاد زوجها الذي قضى وابن شقيقه مع عدد آخر من النازحين، مشيرة إلى أنها انتظرت عدة أيام لإخراج الجثامين إلّا أن ذلك لم يتم.

وأكدت أنها لا تكفّ عن الاتصال هاتفياً أو عبر وسائل أخرى، رغم صعوبة ذلك، مع مجموعة كبيرة من المعارف والأصدقاء الذين ظلوا في محافظة شمال غزة، من أجل الإسراع في إنجاز المهمة التي قد تستغرق عدة أيام من العمل الشاق، لافتة إلى أنها قد تتكلف بدفع أكثر من المبلغ المتفق عليه.

من جهته، قال الشاب محمود "أ": إنه أخرج جثامين أربعة من أشقائه وطفل، أحدهم كان قد استشهد بقصف بناية في جباليا، مشيراً إلى أنه دفع مبلغ 1300 شيكل مقابل ذلك، مبيناً أن الجثامين كانت تحت ركام بناية مكونة من طابقين فقط، وهو ما سهّل عملية إخراجها.

ويعمل في المهنة الجديدة الممارسة، رغم القصف والخوف، عدد من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين عشرين وثلاثين عاماً، مستخدمين أدوات بدائية أحياناً، وآليات مستأجرة أحياناً أخرى، حيث وجدوا في ذلك فرصة للتربح والعيش.

وذكر أحدهم، في حديث منقول عن أحد أقارب الشهداء، أنه بدأ عمله كمتطوع عند حدوث القصف، إلّا أن تكرار هذا التطوع شجّعه على تلقي مبلغ من المال في حوادث أخرى، لا سيما أنه يحتاج إلى تدبير أموال لإعالة أسرته.

وقالت مصادر مطلعة: إن الآلاف من جثامين الشهداء لا تزال تحت الأنقاض، رغم مرور أشهر على استشهادهم في كثير من المناطق بقطاع غزة، مشيرة إلى أن أطقم الدفاع المدني تعجز عن إخراجها لعدم توفر آليات كبيرة وثقيلة لإزالة الركام.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - كتب خليل الشيخ: