** اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار:
- الأردن حليف لحلف الناتو ولديه خبرة كبيرة في التعامل معه ومع الأوروبيين
- نتيجة الترابط الأردني الفلسطيني لم تتحمل عمّان ما يحدث بغزة فكان تدخلها الإنساني ضرورة
** المحلل العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد هشام سليمان خريسات:
- الأردن يمتلك خبرة طويلة جداً عمرها 5 عقود في مجال الإنزال المظلي والابرار الجوي
- الأردن أول دولة بالعالم تستخدم "جي بي اس" عسكري لإيصال الأحمال إلى نقطه محددة
** رضوان المجالي، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة مؤتة الأردنية:
- رغم أن الإنزالات لا تلبي حاجة القطاع لكن العمليات رسالة بأن الأردن موجود وداعم لفلسطين
- الأردن كسر السياسة الإسرائيلية في حصار قطاع غزة من خلال الإنزالات الجوية
تتسابق عديد من الدول إلى الانخراط بعمليات الإبرار الجوي للمساعدات في غزة، في محاولة لتحسين صورة "النظام الدولي" بعد عجزه عن وقف تداعيات حرب إسرائيلية شرسة خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وفرضت على الفلسطينيين حصارا أوصلهم حد المجاعة.
لكن الأردن وبحكم الترابط الجغرافي والديموغرافي مع جارته الغربية فلسطين، فكان أول دولة تقوم بعمليات إبرار جوي بدأها في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، انطلاقاً من خبرته الواسعة بالإنزال المظلي والإبرار الجوي، وفق ما ذكره خبراء أردنيون للأناضول.
وإلى جانب الطابع الإنساني من تلك العمليات، يرى بعض المراقبين أن الأردن يسعى إلى إفشال ما تصبو إليه تل أبيب، وذلك بتعزيز صمود الغزيين وإبقائهم داخل أرضهم، إذ عبرت عمّان عن رفضها "المطلق" لمحاولات التهجير القسري، واعتبرت في تصريحات لعدد من مسؤوليها، أنه سيكون بمثابة "إعلان حرب".
وحتى 15 مارس/ آذار الجاري، نفذ الأردن 46 إبرارا مستقلاً، و61 آخر مشتركاً بالتعاون مع دول "شقيقة وصديقة".
مراسل وكالة الأناضول استمع إلى خبيرين عسكريين، وأكاديمي في الشؤون السياسية، حول ما يجعل من بلدهم الأردن مقصدًا للدول الراغبة في تنفيذ إبرار جوي داخل قطاع غزة، والأسباب التي جعلت من بلادهم مركزاً للقيام بها.
خبرة بالتعامل مع دول الناتو والأوروبيين
المحلل العسكري اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار، قال: "الأردن حليف لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولديه خبرة كبيرة في التعامل معه ومع الأوروبيين، وكان بوابة رئيسية لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي".
وتابع: "نتيجة الترابط الأردني الفلسطيني، كان تدخل الأردن الإنساني ضرورة، خاصة مع حدوث مجاعة في غزة، وعجز المجتمع الدولي والهيئات الأممية عن معالجة الأمر".
ورأى أبو نوار أن "علاقات الأردن المميزة مع دول العالم، حققت له الدعم الدولي في هذا الجانب، وهو ما دفع كثيرين منه للانخراط بهذا الدور، جنباً إلى جنب مع عمّان".
وقال: "على الرغم من تكلفة تلك العمليات، وأنها غير كافية لسد حاجة القطاع، إلا أنها برأيي تنقذ بعض الأرواح".
وأشار أبو نوار إلى أن "تداعيات الأزمة في غزة تمسّ الأردن، وقرار المملكة كان مبنياً على تدخل إنساني لكسر هذا الحصار ومنع أن تصبح المجاعة سلاحًا في يد إسرائيل".
إبرار وليس إنزال
المحلل العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد هشام سليمان خريسات، فرّق في بداية حديثه بين الإبرار الجوي والإنزال المظلي، حيث بيّن أن الأولى تكون للأحمال، والثانية للأشخاص.
وأضاف: "الأردن يمتلك خبرة طويلة جدًا عمرها 5 عقود في مجال الإنزال المظلي والابرار الجوي، وبنية تحتية في مجال طيّ المظلات هي الأكبر بالمنطقة، كما يمتلك فريقًا جويًا مجرّبًا ومدرّبًا وعالي التأهيل وله خبرة كبيرة".
وبحسب خريسات، فإن "التجهيزات التي يستخدمها الجيش الأردني في مجال القفز المظلي والابرار الجوي، فائقة الجودة، هائلة الأمان، وخالية من الحوادث الجوية على الاطلاق".
ولفت إلى أن "القوات المسلحة الأردنية تشارك بحوالي 44 تمرينًا محليًا ودوليًا، جلّها يتخللها الإبرار الجوي للأحمال والإنزال للقوات".
وأشار إلى أن "عملية الإبرار الجوي باهظة التكاليف، ويعتمد ذلك على حجم الحمولة؛ إذ كلما زادت فإن ذلك يتطلب نوعًا خاصًا من المظلات، والتي تتراوح أسعارها ما بين 5 آلاف دينار (7 آلاف دولار أمريكي)، و70 ألف دينار (98 ألف دولار)".
وبيّن أن "الأردن هو الدولة الأولى بالعالم التي تستخدم جي بي إس (نظام التموضع العالمي) عسكري لإيصال الأحمال إلى نقطه محددة بأم عينها، بمعنى أن القوات المسلحة كانت سبّاقة في استخدام الأقمار الصناعية بتوجيه المظلات".
رسالة أردنية
رضوان المجالي، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة مؤتة الأردنية (حكومية)، رأى أن "إسرائيل تسعى للضغط على حماس لتحقيق تنازلات فيما يتعلّق بملف الأسرى والرهائن، مستخدمةً سياسة التجويع".
وأردف: "إزاء تلك السياسة التي يرفضها الأردن، وخاصة العقاب الجماعي، اتخّذت المملكة قرارًا مهمًّا يتعلق بدعم الأشقاء الفلسطينيين، فجاءت خطوة الإنزالات في قطاع غزة على المناطق الأشد عوزاً".
وأكد المجالي أنه "رغم أن الإنزالات لا تلبّي حاجة أهالي القطاع، لكنها رسالة مضمونها بأن المملكة داعمة لفلسطين وغزة من جهة، ودعوة للمجتمع الدولي إلى التحرك لتقديم المساعدات".
وأكد على أن "إسرائيل لا تريد وقفًا لإطلاق النار، وإنما تسعى لتحقيق مكاسب أكبر باسترجاع الرهائن دون القيام بذلك، وبالتالي فالحصار وسياسة التجويع ورقة ضغط على حماس وسكان القطاع للتعبير عن سخطهم تجاه المقاومة، إضافة إلى الضغط على السلطة الفلسطينية".
المجالي أضاف أن "إسرائيل تريد أن تُشعر تلك الأطراف بأنها ليست سببًا فيما يتعرض له سكان القطاع، وإنما حماس".
وشدّد على أن الأردن يلعب دورا إنسانيا "يسعى من خلاله إلى التأكيد على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، وبمشاركة دولية".
واعتبر المجالي أن "الأردن أثبت أنه داعم أساسي للفلسطينيين، وكسر السياسة الإسرائيلية في حصار غزة من خلال الإنزالات الجوية".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربًا مدمّرة على غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.
وتقيّد إسرائيل إدخال المساعدات إلى غزة ما أدى إلى شح في إمدادات الغذاء والدواء والوقود وأوجد مجاعة بدأت تحصد أرواح أطفال ومسنين في القطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني، بينهم حوالي مليوني نازح جراء الحرب، وتحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.