يلهث الفتى أحمد أبو طير (14 عاماً) خلف شاحنة توزع مياهاً صالحة للشرب بالمجان لملء غالون صغير من أجل تلبية احتياج اسرته التي تشعر بالعطش أغلب ساعات اليوم.
لم يكن أبو طير وحده الذي يلهث وراء الشاحنة بين الخيام، بل كان برفقة مجموعة من الفتية والأطفال من كلا الجنسين، وسط مشاهد تجسد فعلياً ازمة مياه لدى عشرات آلاف النازحين.
وتوقفت الشاحنة في مفترق رئيسي وسط الخيام في منطقة "جامعة الأقصى" في مواصي خان يونس وتجمهر حولها العشرات من هؤلاء الفتية كل منهم يريد ملء خاصته من الغالونات.
ولا تعتبر تلك الشاحنة التي تحتوي على نحو خمسة آلاف ليتر من المياه حلاً ملائماً لحاجة هؤلاء من مياه الشرب، وهو ما تشير إليه حشود الباحثين عن المياه وعشرات المواطنين الذين يجوبون الشوارع وبين الخيام لرصد أية شاحنة او عربة توزع المياه سواء بالمجان أو مقابل النقود،
وفرضت الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها غالبية هؤلاء النازحين قيوداً على قدرة هؤلاء على شراء المياه بسبب ارتفاع ثمنها عن المعتاد تارةً وزيادة استهلاكها تارةً أخرى.
يقول سعيد والد الفتى "أبو طير" انه يعتمد على جلب المياه بالمجان ولا يستطيع شراء هذه المياه بسبب عدم امتلاكه النقود، موضحاً أن أسرته المكونة من 15 فرداً تحتاج لما بين 80 إلى 100 ليتر يومياً فقط من أجل الشرب واستخدامات الطعام.
وأوضح ان الحر الشديد يدفع بزيادة احتياج اطفاله الذين يقضون غالبية الوقت تحت الشمس، لشرب المياه، فضلاً عن أن الحر يزيد احتياج باقي الاسر والنازحين وهو ما يساهم في ندرة توزيع هذه المياه بشكل مجاني.
من جانبه، لم ينكر المواطن منتصر أبو عيسى (37 عاماً) النازح في مواصي خان يونس انه يشعر بالعطش طيلة الوقت، ويحاول توفير تناوله للمياه لغيره من افراد أسرته قدر المستطاع.
وأكّد انه يحرص على شراء المياه التي تباع عبر الكارات او الشاحنات، لكن قدرته على الشراء محدودة ويحاول استبدالها بجلب مياه مجانية، لافتاً إلى انه لا ينظر لجودة هذه المياه خصوصاً في ظل حاجته الماسة لها.
"تباع بين وقت وآخر مياه محلاة ولكن ليست بدرجة ملائمة وفي بعض الأحيان تكون ملوثة"، هكذا وصف الشاب جلال نعمان (29 عاماً) من دير البلح واقع المياه التي تباع او توزع بالمجان وهو يجادل آخرين في مدى صلاحية هذه المياه للشرب.
وأشار أن غالبية هؤلاء يجلبون المياه من محطات تحلية جزئية بدون رقابة او التأكد من صلاحيتها، ويقومون ببيعها للنازحين، مشيراً إلى ان حاجة النازحين وعطشهم المستمر يجعلهم يتناولونها بدون فحص أو حتى تركيز.
وأكد ان الغالبية من هؤلاء اشتكوا من أعراض مرضية ومغص كلوي وتوجهوا إلى المستشفيات وأبلغتهم المصادر الطبية بإمكانية تلوث المياه التي قد تناولوها، وهو ما تسبب لهم بأعراض ألم المغص والالتهابات الكلوية.