لا تتوقف مساعي جيش الاحتلال منذ اليوم الأول لعدوانه على قطاع غزة، قبل أكثر من تسعة أشهر وحتى اللحظة، لترحيل سكان محافظتي غزة والشمال إلى محافظات الجنوب.
ودأب جيش الاحتلال على استخدام كل الطرق العسكرية المميتة والنفسية لترهيب المواطنين ودفعهم للنزوح، ومن أبرز هذه الأساليب والطرق المجازر المروعة التي يرتكبها بشكل يومي، والاجتياحات الواسعة والميدانية لجميع أحياء المحافظتين، عدا الأساليب النفسية والترهيبية والتهديدات.
ويتلقى مواطنو المحافظتين، يومياً، عشرات آلاف الرسائل الصوتية والنصية مصدرها جيش الاحتلال، يطالبهم فيها بإخلاء منطقة الشمال والنزوح باتجاه ما اسماها مراكز الإيواء والمناطق الآمنة الوهمية في جنوب قطاع غزة، وبشكل خاص في مدينة دير البلح وبلدة الزوايدة.
وعزز جيش الاحتلال مساعيه هذه، ومن أجل تشجيع السكان على النزوح سمح للراغبين في النزوح بالمرور عبر حواجزه العسكرية والبوابات التي أقامها في "ممر نتساريم" الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه بحرّية ودون تفتيش أو قيود.
كما سمح للمواطنين بالعبور من خلال المركبات وعربات "الكارو" و"التكتك" دون اعتراضها، وذلك للمرة الأولى منذ إقامة الحاجز في نهاية تشرين الأول الماضي.
ويستغل جيش الاحتلال المجاعة المميتة التي تعصف بنحو نصف مليون مواطن ظلوا صامدين في المحافظتين من أصل نحو 1،4 مليون قبل الحرب، لدفع المواطنين للنزوح بهدف إفراغ الشمال من سكانه، وبناء مستوطنات يهودية بحسب توقعات المواطنين والمحللين.
وبالتوازي مع التسهيلات التي يقدمها للراغبين في النزوح والتي تتمثل، أيضاً، بتحديد مسارات وطرق آمنة للخروج، يشدد الاحتلال من حصاره على المنطقة ويمنع إدخال المساعدات والمواد التموينية والغذائية واللحوم وغاز الطهي والمحروقات، والتي أدت إلى توقف جميع آبار المياه ومحطات التحلية عن العمل، ما يهدد بموت الكثيرين عطشاً.
وتثير المشاهد الكثيرة لعشرات آلاف المواطنين المصطفين في طوابير طويلة أمام المخابز من أجل الحصول على بعض الأرغفة وأمام محطات توزيع المياه للحصول على بعض لترات من المئات، مخاوف المواطنين.
واشتكى المواطنون من كم المكالمات الهائل والرسائل الصوتية التي يتلقونها يومياً على أجهزتهم الخليوية، والتي لا تتوقف.
ويخشى المواطنون من أن تكون هذه الرسائل مقدمة لهجوم بري على المنطقة، على غرار الهجوم البري الواسع والكاسح التي شنته قوات الاحتلال على المحافظتين في ان واحد في نهاية تشرين الأول الماضي والذي استمر اربعة أشهر متواصلة، تسبب في استشهاد أكثر من 15 ألف مواطن، وتدمير عشرات آلاف المنازل، عدا تهجير نحو مليون مواطن باتجاه محافظات رفح وخان يونس والوسطى.
ورغم انسحاب قوات الاحتلال من مناطق محددة في أحياء الرمال وتل الهوى جنوب مدينة غزة، الا أنها لم تعلن عن انتهاء ما اسمته العملية العسكرية التي أعلنت عنها مطلع تموز الجاري.
ويتعرض المواطنون الذين يحاولون الوصول إلى هذه المناطق لإطلاق نار وقصف مدفعي، كما يؤكد العديد من المواطنين، وذلك بالتوازي مع ضخ الاحتلال كميات كبيرة من الاتصالات والرسائل الصوتية للمواطنين القاطنين في هذه المناطق ومختلف أحياء مدينة غزة المطالبة بالنزوح.
وقال المواطن محمود الحايك إن هاتفه النقال يتلقى يومياً ومنذ عشرين يوماً تقريباً نحو سبع رسائل صوتية مصدرها جيش الاحتلال، يطالبه بالتوجه إلى مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وأوضح الحايك أن الهدف من إرسال هذه الرسائل هو تخويفه وإجباره على النزوح باتجاه مناطق غير آمنة وسط وجنوب القطاع.
والحال ينطبق على المواطن إبراهيم أبو شعبان الذي أكد تلقيه نحو عشر رسائل صوتية يومياً تطالبه، أيضاً، بالنزوح.
وقال أبو شعبان في الخمسينيات من عمره، إن استمرار ضخ هذه الرسائل قد يكون مقدمة لعدوان جديد على المنطقة، وأقر بأنه هيأ نفسه وأفراد أسرته للتعامل مع كل السيناريوهات المتوقعة، وآخرها النزوح.