بقلم: رون بن يشاي - صحيفة يديعوت أحرونوت
رفعت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" مؤخرًا تحذيرات لجهاز الأمن من تصاعد التوتر في الضفة الغربية، حيث تشير التقديرات إلى احتمالية اندلاع تصعيد كبير قد يصل إلى مستوى انتفاضة جديدة. يُتوقع أن يتضمن هذا التصعيد عمليات زرع عبوات ناسفة وهجمات انتحارية داخل إسرائيل، وهو ما يمكن أن يكون الهجوم الأخير عند مدخل تل أبيب مؤشراً عليه.
في عامي 2022 و2023، شهدت إسرائيل عمليات زرع عبوات ناسفة داخل الخط الأخضر قام بها فلسطينيون، إلا أن العبوة التي انفجرت يوم الأحد الماضي تحمل بصمات الإرهاب المنظم في الضفة الغربية. العبوة كانت مكونة من مواد متفجرة شديدة الانفجار، محلية الصنع، شبيهة بتلك التي استخدمها الانتحاريون في الانتفاضة الثانية.
المهاجم الذي نفذ العملية جاء من شمال الضفة، وهي منطقة تشهد تزايدًا في النشاطات المسلحة. ومع أن الانتفاضات السابقة كانت تنتج عن اندلاع أحداث مفاجئة تخرج الفلسطينيين إلى الشوارع، فإن التصعيد الحالي يتطور تدريجيًا وبشكل منظم، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إعادة نشر وحدات قتالية من غزة لتعزيز القوات في الضفة.
مع استمرار الحرب في غزة، زاد استخدام العبوات الناسفة بشكل كبير، إلى جانب تزايد دافعية الشبان الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين للمشاركة في هذه الأعمال. تأتي هذه الدافعية من العلاقات العائلية القوية بين سكان الضفة وسكان غزة، مما يشكل دافعًا قويًا لا يمكن تجاهله في حسابات إسرائيل المتعلقة باستمرار الحرب وتوزيع قواتها بين مختلف الجبهات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الإرهاب اليهودي في المنطقة يساهم في تصعيد الوضع، مما يعزز تنظيم الجماعات الفلسطينية المسلحة ويؤثر سلبًا على صورة إسرائيل الدولية، لدرجة أن هناك احتمالية لفرض عقوبات دولية على إسرائيل بسبب هذه الأعمال.
انتشار الأسلحة الخفيفة في الضفة الغربية، بدعم من إيران التي تضاعف جهودها لتهريب السلاح عبر الحدود مع الأردن وسوريا، يُساهم في ظهور كتائب مسلحة جديدة في شمال وغرب الضفة، وأخيراً في منطقة غور الأردن. هذه الكتائب تتكون من شباب فلسطينيين عاطلين عن العمل، يبحثون عن دخل يقدمه لهم حماس والجهاد الإسلامي مقابل مشاركتهم في العمليات المسلحة.
يتزايد القلق في الأوساط الأمنية الإسرائيلية من سيناريو "قلب الأعشاش"، حيث تقوم الكتائب الفلسطينية المسلحة بهجمات منظمة على المستوطنات اليهودية أو المزارع المعزولة، على غرار هجمات حماس في 7 أكتوبر، بمشاركة أجهزة الأمن الفلسطينية. ورغم جهود هذه الأجهزة في تقليص الظاهرة، إلا أنها تعاني من ضعف القدرات وتواجه صعوبة في السيطرة عليها.
في الوقت الذي يحاول فيه الجيش الإسرائيلي قمع موجة الإرهاب المتزايدة، يبقى هناك خطر كبير من اندلاع انتفاضة كاملة بأسلوب مختلف عن الانتفاضات السابقة، حيث ستكون المواجهات أكثر عنفاً باستخدام الأسلحة النارية.
ومن الجدير بالذكر أن الوضع الحالي يتطلب تكثيف الجهود الأمنية على عدة جبهات، بما في ذلك إغلاق محكم لخط التماس وزيادة اليقظة بين المواطنين الإسرائيليين، في ظل احتمال نشوء جبهة قتال جديدة في الضفة الغربية، مما يشكل تحدياً إضافياً للجيش الإسرائيلي في توزيع قواته بين الضفة وغزة وربما لبنان وإيران أيضاً.
ختاماً، فإن المعركة المستمرة في الضفة الغربية تهدد بتقويض الشرعية الدولية لإسرائيل، ويظل وقف إطلاق النار في غزة أحد العوامل التي قد تؤدي إلى تخفيف التوتر في الضفة الغربية، ما قد يكون خطوة هامة في إطار صفقة لتبادل الأسرى.