تصاعدت وتيرة الهجمة الإسرائيلية على التعليم الفلسطيني في القدس المحتلة، حيث باتت هذه الهجمة تهدد القطاع التعليمي بالأسْرَلة عبر فرض المنهاج الإسرائيلي على المدارس، مع منع الترخيص للمدارس التي ترفض تدريسه. هذا الوضع المتفاقم بدأ منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، حيث تسعى السلطات الإسرائيلية جاهدة لإغلاق المدارس الفلسطينية التي تدرس المنهاج الفلسطيني، واستبداله بمنهاج إسرائيلي معدّل.
في ظل الانشغال الدولي بالنزاعات في قطاع غزة ولبنان، استغلت سلطات الاحتلال الفرصة لفرض سيطرتها على التعليم في القدس، متبعة وسائل ضغط متعددة لإجبار المدارس على تدريس المنهاج الإسرائيلي. تحدث الناشط المقدسي راسم عبيدات عن هذه الهجمة الشرسة، مشيرًا إلى إغلاق عدد من المدارس في مخيم شعفاط وأحياء أخرى بالمدينة بسبب تمسكها بتدريس المنهاج الفلسطيني. إحدى هذه المدارس هي مدرسة أحباب الله التي أغلقت بسبب عدم حصولها على الترخيص اللازم من بلدية الاحتلال، كما تعرضت مدارس أخرى لضغوط مشابهة.
يذكر عبيدات أن سلطات الاحتلال، ممثلة بالبلدية ووزارة المعارف الإسرائيلية، شنت في العام الماضي حملة واسعة استهدفت المدارس الفلسطينية، حيث قامت بتفتيش حقائب الطلاب في مدارس مثل مدرسة الإبراهيمية ومدارس الإيمان الخمس لمعرفة المنهاج المطبق فيها، وانتهى الأمر بتجديد تراخيص هذه المدارس لمدة عام واحد فقط.
وفي حديثه عن خطورة هذا التطور، أوضح عبيدات أن الهدف الإسرائيلي هو القضاء على التعليم الفلسطيني بشكل كامل في القدس. وأضاف أن المدارس التي تبنيها بلدية الاحتلال في المدينة تعلم المنهاج الإسرائيلي فقط، من الصف الأول الابتدائي وحتى الثانوية العامة، وأن هذا يعد خطوة خطيرة نحو تشكيل وعي الطلبة الفلسطينيين وفقاً للرواية الإسرائيلية التي تتضمن تغيير حقائق تاريخية، مثل اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل والمسجد الأقصى "جبل الهيكل"، وإنكار النكبة الفلسطينية.
وأشار عبيدات أيضًا إلى الضغوط المالية التي تمارسها سلطات الاحتلال على المدارس الخاصة، حيث تشترط عليها عدم تدريس المنهاج الفلسطيني للحصول على التمويل، وتفرض عليها فتح صفوف لتدريس "البجروت" الإسرائيلي. كما أوضح أن المدارس التي يبنيها الاحتلال تُجبر على تدريس المنهاج الإسرائيلي وإلا سيتم إغلاقها.
أما عن دور السلطة الفلسطينية، فقد أشار عبيدات إلى أن هناك تقصيراً واضحاً في دعم التعليم الفلسطيني في القدس، حيث تعاني المدارس الفلسطينية من تراجع أعداد الطلاب والمعلمين بسبب نقص الدعم المالي والحوافز. وذكر أن عدد الطلاب في مدارس الأوقاف الإسلامية في القدس تراجع بشكل ملحوظ، من 12,500 طالب قبل أربع سنوات إلى 9,000 طالب حالياً، مع تزايد المدارس التي تعتمد المنهاج الإسرائيلي من 5% إلى 12.5%.
ختم عبيدات حديثه بالتأكيد على أن خسارة معركة التعليم في القدس ستكون بمثابة كارثة للأجيال الفلسطينية القادمة، مطالبًا السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير باتخاذ خطوات حازمة للحفاظ على الهوية التعليمية الفلسطينية في المدينة المقدسة.