تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيد هجماتها العسكرية على شمال قطاع غزة، مركزةً على مخيم جباليا للاجئين، في إطار عملية إبادة ممنهجة للسكان والبنية التحتية. ولليوم الـ370 على التوالي، ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر 2023، تستمر قوات الاحتلال في استهداف المنازل والمراكز الحيوية، بما في ذلك مراكز الإيواء وتجمعات النازحين، وسط تصاعد ملحوظ في عمليات القصف الجوي والبري والبحري.
في هذا السياق، أفادت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، بما في ذلك المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الحق، ومركز الميزان، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب جرائم إبادة جماعية في شمال قطاع غزة. وقد وثقت هذه المؤسسات العديد من الانتهاكات التي وقعت بين 7 و9 أكتوبر، مؤكدةً على تدمير واسع النطاق للبنية التحتية، وحصار خانق على محافظة الشمال، بهدف تفريغها بالكامل من سكانها وتهجيرهم قسراً نحو الجنوب.
تدمير منهجي وحصار خانق منذ بداية الهجوم البري في 5 أكتوبر، شنت قوات الاحتلال عمليات قصف جوي ومدفعي مكثفة على مختلف المناطق في شمال غزة، بما في ذلك بيت حانون وبيت لاهيا ومخيم جباليا. وأفاد شهود عيان أن طائرات الاحتلال نفذت غارات عنيفة على منازل سكنية في بيت لاهيا، ما أدى إلى استشهاد 4 أشخاص. كما استهدفت تجمعات للسكان بالقرب من مدرسة أبو عبيدة في منطقة بئر النعجة، ما أدى إلى سقوط 5 شهداء، بينهم شقيقان.
وفي جباليا، قصفت قوات الاحتلال مجموعة من المدنيين أمام مخبز زين الدين، مما أسفر عن مقتل 13 شخصاً على الأقل، فيما استمر القصف المدفعي والجوي على مناطق أخرى في المخيم، ما أدى إلى تدمير منازل ومنشآت مدنية، بما في ذلك مستشفى كمال عدوان.
التهجير القسري وجرائم الحرب وفي إطار سياسة التهجير القسري، أصدرت قوات الاحتلال أوامر جديدة لسكان جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، تطالبهم بالإخلاء الفوري عبر شارع صلاح الدين باتجاه المناطق الجنوبية. وتزامنت هذه الأوامر مع عمليات تفجير واسعة للمنازل والبنية التحتية، في مسعى لإخلاء الشمال بالكامل وتحويله إلى منطقة عسكرية مغلقة.
ورغم هذه الأوامر، يواجه سكان الشمال صعوبة في النزوح نتيجة القصف المستمر وإغلاق الطرق، حيث تحاصر قوات الاحتلال المنطقة وتمنع دخول أي إمدادات إنسانية، مما يفاقم الأزمة الإنسانية. وأكدت مؤسسات حقوق الإنسان أن الحصار المتواصل يهدد حياة الآلاف من المدنيين الذين يعانون من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، مشيرةً إلى أن جيش الاحتلال يستخدم الطائرات المسيرة لقصف كل من يحاول التحرك داخل المنطقة.
استهداف المنشآت الحيوية تواصلت الهجمات الجوية على مستشفيات الشمال، بما في ذلك مستشفى كمال عدوان، حيث تم توجيه أوامر بإخلائه من المرضى والطواقم الطبية بعد تعرضه لعدة غارات. كما استهدفت الطائرات الإسرائيلية المخابز المتبقية التي كانت تقدم الخبز للنازحين، ما يعمق أزمة الغذاء في المنطقة.
ردود الفعل الدولية والمناشدات في ظل هذا التصعيد الخطير، ناشدت مؤسسات حقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف جرائم الحرب والانتهاكات المستمرة بحق المدنيين في غزة. ودعت إلى ضرورة فرض وقف فوري لإطلاق النار، وإجبار إسرائيل على الالتزام بالقوانين الدولية التي تحمي حقوق المدنيين أثناء النزاعات.
وأعادت المؤسسات تأكيدها على أن هذه الجرائم هي نتيجة مباشرة للحصانة التي تتمتع بها إسرائيل بدعم بعض الدول الغربية، والتي تواصل تزويدها بالسلاح والدعم السياسي والعسكري، ما يعزز من تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.
استمرار القصف وتدمير المنازل فيما واصلت قوات الاحتلال هجماتها على عدة محاور في شمال غزة، استهدفت طائرات إسرائيلية مسيرة خيام النازحين في مستشفى اليمن السعيد، ما أدى إلى استشهاد 17 شخصاً، بينهم نساء وأطفال. كما قصفت الطائرات منازل مدنية، ما أسفر عن مقتل عشرات السكان وإصابة العديد بجروح.
مطالبات بالمحاسبة تطالب مؤسسات حقوق الإنسان بتقديم قادة الاحتلال الإسرائيلي إلى العدالة الدولية، ومحاسبتهم على ارتكابهم جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني. كما دعت المحكمة الجنائية الدولية إلى تسريع تحقيقاتها وإصدار مذكرات اعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في هذه الجرائم.
ختاماً، لا تزال الأوضاع في شمال قطاع غزة تتفاقم بشكل مأساوي، حيث يواجه الآلاف خطر الموت جراء القصف المستمر والحصار الخانق، وسط صمت دولي وتواطؤ من بعض القوى الكبرى