يعيش سكان شمال غزة، وخاصة في مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا، أيامًا ثقيلة وسط ظروف قاسية من القصف المتواصل وانعدام الخدمات الأساسية. "صمت مطبق نهارًا وسكون تام ليلًا، إلا من أصوات قصف جوي ومدفعي وإطلاق نار من طائرات كواد كابتر"، هكذا يصف الناجون من هذا الجحيم واقعهم اليومي.
مشاهد مرعبة وشوارع بلا حياة
يروي "أبو غسان"، أحد الناجين من مشروع بيت لاهيا، عن الأوضاع الكارثية التي تعيشها المنطقة، حيث قال: "قد نسمع أحيانًا أصوات صراخ وبكاء نساء وأطفال، لكننا بالكاد نرى أي شخص في الشوارع، فالكل إما نزح أو لزم منزله، وحتى من داخل المنازل يتحركون بحذر شديد". وأضاف: "عندما نقف أمام المنازل شبه المدمرة، لا نرى إلا ركامًا وحطامًا يغطي الطرقات، ونسمع تحليق الطائرات التي قد تطلق النار علينا في أي لحظة".
جثث على الطرقات والخوف يمنع انتشالها
وأوضح أبو غسان، البالغ من العمر 51 عامًا، أن الشوارع تشهد وجود جثث لمواطنين لا يستطيع أحد نقلهم للمستشفى بسبب حالة الرعب المستمرة. وأضاف: "بعض الناس يخاطرون بأنفسهم لانتشال جثث أقاربهم ودفنها، بينما يقوم متطوعون بنقل الجثامين على عربات بدائية".
من جهتها، تحدثت المواطنة فداء، التي نزحت مع عائلتها إلى مشروع بيت لاهيا، عن الانتقال المستمر من منزل لآخر هربًا من الاستهدافات المتكررة، حيث قالت: "نشاهد جثثًا في الشوارع، بعضها تحت الركام، لكن الطائرات تواصل التحليق ولا يمكن لأحد المخاطرة لانتشالها".
حصار محكم ومنع المساعدات الإنسانية
وسط تصاعد العدوان، يشدد الجيش الإسرائيلي حصاره على شمال غزة، مانعًا دخول الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، ما يترك السكان بلا خدمات إنسانية. وذكرت فداء أنه حتى محاولات الحصول على الطعام لأطفالها أصبحت مخاطرة، فقد انفجرت قذيفة بالقرب منها أثناء محاولتها الوصول إلى مكان قد تجد فيه ما يسد رمق عائلتها.
جباليا: هدف لعمليات عسكرية مكثفة
في مخيم جباليا، تتزايد الضغوط مع استمرار القصف والقنص من الجو. وقال الشاب محمد، أحد سكان المخيم، إن المنطقة كانت تعج بالناس قبل أسابيع قليلة، لكن التصعيد الأخير جعل معظمهم يختفون، بينما يحاول بعضهم الوصول إلى السوق بحثًا عن الطعام رغم المخاطر.
تدمير كامل للبنية التحتية ومحاصرة النازحين
تكثف القوات الإسرائيلية هجماتها على شمال غزة، مستخدمة أساليب جديدة لتدمير الأحياء السكنية واستهداف النازحين. ويقوم الجيش بإطلاق النيران والقذائف على المنازل والملاجئ، بما في ذلك مراكز إيواء النازحين والمدارس. وتسبب الحصار في خروج المستشفيات الثلاثة الوحيدة في شمال غزة عن الخدمة، وهي مستشفيات كمال عدوان والإندونيسي والعودة.
تجويع متعمد ومنع دخول الإمدادات
وفي إطار خطة "الجنرالات" الإسرائيلية، يعاني سكان شمال غزة من تجويع متعمد، حيث توقفت شاحنات المساعدات الغذائية والإمدادات الطبية عن الدخول، مما يزيد من معاناة المواطنين في ظل حصار خانق وظروف إنسانية شديدة السوء.
مع استمرار العمليات العسكرية وتفاقم الأوضاع الإنسانية، يعيش سكان شمال غزة، خصوصًا في جباليا وبيت لاهيا، تحت وطأة مأساة إنسانية لم يسبق لها مثيل، فيما يزداد القلق بشأن مصير آلاف المدنيين الذين يعانون من الجوع والخوف والعزلة، في ظل عجز واضح عن الوصول إلى أدنى مقومات الحياة.