تشهد القاهرة تحركات سياسية مكثفة بين قيادات من حركتي "فتح" و"حماس" ومسؤولين مصريين، في محاولة للوصول إلى تفاهمات بشأن إدارة شؤون قطاع غزة ووقف إطلاق النار بعد تصاعد الأوضاع في القطاع. وبحسب مصادر مطلعة، انطلقت اليوم السبت اجتماعات بين الطرفين لبحث مقترح مصري يقضي بتشكيل لجنة إسناد مجتمعي تُعنى بإدارة شؤون القطاع بعد انتهاء الحرب، وهو مقترح أبدت الحركتان تجاوبًا معه وأكدتا على "مرونة وإيجابية" في التعامل معه.
وأكد المتحدث باسم حركة "فتح" عبد الفتاح دولة، من رام الله، أن اللقاءات الفلسطينية الثانية في القاهرة خلال فترة قصيرة تعكس روح المسؤولية والرغبة المشتركة في مواجهة التحديات التي تهدد مستقبل القضية الفلسطينية، معبرًا عن أمله في أن تُسفر الاجتماعات عن تفاهمات تعزز الوحدة وتصب في صالح إدارة الشأن الفلسطيني.
تحركات دبلوماسية متزامنة للتوصل إلى هدنة
وفي إطار الوساطة الإقليمية، يجري وفد من حركة حماس اجتماعات مع مسؤولين مصريين لمناقشة الطروحات الخاصة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع إسرائيل. وتأتي هذه اللقاءات بعد يوم من اجتماع مع حركة فتح بهدف التنسيق حول إدارة القطاع، حيث يسعى الجانب المصري إلى تعزيز التفاهم بين الفصائل وإقناع حماس بالمبادرات المطروحة.
وتواجه مصر ضغوطًا إقليمية ودولية لدفع المفاوضات قدمًا، وسط تقديرات بأن هناك بعدًا إعلاميًا للتحركات الحالية للضغط على الحكومة الإسرائيلية، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق استقرار نسبي في غزة لدعم موقفها السياسي قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية. ووفقاً لمصادر دبلوماسية، فإن الجهود الأميركية تهدف إلى تحقيق هدنة مؤقتة لتحسين صورة الإدارة الأميركية قبيل الانتخابات.
تصريحات قيادية ومواقف رافضة لوقف مؤقت للنار
من جهته، رفض القيادي في حركة حماس عزت الرشق الطروحات الخاصة بهدنة مؤقتة، معتبرًا أنها لا تتضمن شروطاً واضحة لوقف العدوان وعودة النازحين. وأكد الرشق أن "مقترحات الهدنة الحالية تُستخدم كغطاء لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة"، مشيرًا إلى مماطلة الجانب الإسرائيلي في المفاوضات لعرقلة أي اتفاق جاد.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر في حركة حماس لـ"العربي الجديد" أن الحركة منفتحة على أي مقترح يحقق الوقف الفوري للعدوان مع الحفاظ على حقوق الفلسطينيين، مشيرةً إلى محاولات إسرائيلية لعرقلة جهود الوسطاء من خلال طرح شروط تعجيزية.
تشكيل لجنة إدارية لإدارة قطاع غزة بعد الحرب
على صعيد المحادثات الثنائية بين حركتي "فتح" و"حماس"، أفادت مصادر مطلعة أن الطرفين أبديا استعدادًا للتوافق على تشكيل لجنة إدارية تضم شخصيات تكنوقراط لإدارة شؤون القطاع والإشراف على المعابر، بحيث تصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس. ويهدف هذا المقترح إلى تحسين أوضاع قطاع غزة بعد انتهاء العدوان، من خلال لجنة تضمن تسيير الحياة المدنية وتقديم الخدمات الأساسية للسكان.
الزيارة الرسمية للرئيس عباس للقاهرة
تأتي هذه التطورات في ظل زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقاهرة، حيث التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لبحث الأوضاع في قطاع غزة وسبل تعزيز الدعم الإقليمي للقضية الفلسطينية. ويرافق الرئيس عباس وفد رفيع المستوى يضم مسؤولين من منظمة التحرير وجهاز المخابرات الفلسطينية، في إشارة إلى عمق التنسيق المشترك بين الجانبين لدعم الجهود المصرية المستمرة في غزة.
تشير هذه التحركات المتواصلة في القاهرة إلى أهمية الدور المصري في السعي للتوصل إلى تهدئة، وضمان وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات الراهنة، وسط توقعات بأن تحقق هذه اللقاءات تطورات هامة تدعم الاستقرار في قطاع غزة وتخفف من معاناة سكانه.