يواجه سكان بلدة جباليا ومخيمها شمال قطاع غزة مخاطر الموت عطشاً بعد نفاد المياه من منازلهم ومناطقهم المحاصرة لأكثر من ثلاثين يوماً. ومع اشتداد الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال منذ بدء عمليتها العسكرية، أطلق سكان البلدة نداءات استغاثة يومية لتزويدهم بمياه الشرب، إلا أن الاستجابة ما زالت غائبة وسط حصار مشدد أودى بحياة الآلاف ودمر البنية التحتية بالكامل.
تشير شهادات مواطنين إلى استحالة التنقل في البلدة بسبب الانتشار المكثف للقوات الإسرائيلية والطائرات المسيرة، خاصة الطائرات من نوع "كواد كابتر" التي تراقب المنطقة من ارتفاعات منخفضة، مما يجعل كل حركة مراقبة بدقة ويعرضها للاستهداف.
وفي الساعات الأخيرة، رصدت صحيفة "الأيام" استشهاد وإصابة أكثر من مائة مواطن في حي النزلة بجباليا أثناء محاولاتهم الوصول إلى أماكن يعتقدون أنها تحتوي على مياه صالحة للشرب لتأمين احتياجات عائلاتهم. وأفاد المواطنون أن استمرار أزمة المياه الحادة والخوف من الموت عطشاً يدفعان بعض الشباب إلى محاولة كسر الحصار وتأمين المياه، رغم المخاطر الجسيمة.
أكد بعض المحاصرين أن توفير مياه الشرب من مناطق مجاورة مثل حي الشيخ رضوان وحي التفاح أصبح أولوية قصوى، رغم أن القلة فقط استطاعت الوصول إلى كميات قليلة جداً من المياه، لا تتجاوز عشرين لتراً في كل رحلة محفوفة بالمخاطر. ويتم توزيع هذه الكميات المحدودة على المنازل بشكل عاجل لحماية الأطفال من الجفاف، لكن هذه الإمدادات لا تكفي سوى لبضع ساعات بسبب التكدس الشديد للنازحين في المنازل.
ومع استمرار نقص المياه، يضطر العديد من السكان إلى شرب مياه ملوثة غير صالحة للاستهلاك البشري بعد غليها على مواقد الحطب في محاولة لتقليل تلوثها. وقال المواطن محمد عيسى إنه يلجأ لهذه الطريقة بعد نفاد المياه الصالحة، فيما يعمد المواطن فايز رشدي إلى توزيع المياه المتاحة بكميات صغيرة للغاية على أفراد أسرته الكبيرة المكوّنة من نازحين يعيشون تحت سقف واحد، في ظل عدم توافر إمدادات بديلة.
وكانت المؤسسات المانحة قد توقفت منذ سبعة أيام عن إدخال شاحنات المياه إلى جباليا بعد استهدافها من قبل قوات الاحتلال، ما أسفر عن استشهاد عدد من المواطنين أثناء انتظارهم في طوابير طويلة للحصول على مياه للشرب.
ومع تزايد الأزمة واشتداد وطأتها، يناشد سكان جباليا ومخيمها المجتمع الدولي التدخل العاجل لوقف التصعيد، ورفع الحصار، وتوفير المياه والغذاء بشكل فوري لتجنب كارثة إنسانية متفاقمة.