مع إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، تتساءل الأوساط السياسية والدبلوماسية في إسرائيل: هل تستمع تل أبيب إلى توجيهات الرئيس الحالي جو بايدن، أم تعتبره "بطة عرجاء" وتنتظر حتى عودة ترامب للبيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني؟
خلال الأسابيع العشرة المتبقية لبايدن في السلطة، يواجه البيت الأبيض سلسلة من التحديات الكبرى في السياسة الخارجية، وفي مقدمتها الصراعات في الشرق الأوسط التي تشمل المواجهة المستمرة في غزة، التصعيد مع حزب الله في لبنان، والمواجهة المتجددة مع إيران. وتكمن مخاوف إسرائيلية من أن بايدن قد يسعى إلى فرض سياسات قد لا تروق لإسرائيل أو تتعارض مع المصالح الإسرائيلية قبل انتهاء ولايته، مع إدراك أن ترامب قد يُعيد الأمور إلى نصابها بما يتوافق مع رؤيته فور استلامه المنصب.
تصعيد إقليمي ومواجهة أمريكية – إيرانية
تواجه إدارة بايدن تحدياً مع إيران التي هددت بالرد على الهجمات الإسرائيلية على أراضيها، في حين تستمر المواجهات في غزة ولبنان. ورغم جهود بايدن للتوصل إلى تهدئة ووقف إطلاق النار مع حركة حماس بوساطة مصرية وقطرية، إلا أن المفاوضات تواجه صعوبات جمة. إسرائيل لم تظهر أي استعداد لتقديم تنازلات كبرى على جبهة غزة، وخصوصاً فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية للقطاع، وهو ما قد يدفع الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ خطوات أكثر صرامة كفرض حظر على توريد الأسلحة.
احتمالية حظر السلاح والمساعدات لإسرائيل
في الأسبوع المقبل، يتعين على إدارة بايدن اتخاذ قرار بشأن فرض حظر محتمل على إمدادات الأسلحة لإسرائيل، في ظل الشروط الأمريكية التي تطالب بتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن هناك مفاوضات مكثفة تجري خلف الكواليس، إذ ترغب الإدارة الأمريكية في ضمان تيسير دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، لكن تعنّت الجانب الإسرائيلي قد يعقّد الأمور ويعرض شحنات الأسلحة للخطر.
ومما يزيد من تعقيد المشهد، احتمال قيام ترامب بإلغاء أي قرارات صارمة يتخذها بايدن فور استلامه للسلطة، حيث ينظر ترامب إلى إسرائيل كشريك استراتيجي يعتمد على تعزيز قدراتها العسكرية، ويعتبر وقف المساعدات العسكرية أمراً غير مقبول.
محاولة للتوصل إلى اتفاق تاريخي مع السعودية
خلال ما تبقى من فترة حكمه، يسعى بايدن لتحقيق تطبيع بين إسرائيل والسعودية كجزء من إرثه الدبلوماسي، وهو مشروع بدأه ترامب خلال ولايته الأولى مع "اتفاقات إبراهيم" التي شملت الإمارات والبحرين والمغرب. وتأتي هذه الجهود بدعم من الإدارة الحالية على أمل أن يتم التوصل إلى اتفاق قد يشمل موافقة إسرائيلية على "فتح الدولة الفلسطينية"، إلى جانب وعود أمنية للسعودية.
لكن قد يتبخر هذا الحلم في ظل عودة ترامب الذي يعارض إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقد يقدم الامتيازات للسعودية دون أي شروط قاسية.
تحديات في لبنان والرهان على تعزيز الاستقرار
على الجبهة اللبنانية، يبدو أن فرص بايدن للتوصل إلى تهدئة دائمة مع حزب الله قد تكون أفضل نسبياً. وتدرك الإدارة الأمريكية أن تل أبيب قد تكون مستعدة لقبول ترتيبات في لبنان بعد العمليات العسكرية الأخيرة التي نفذتها إسرائيل ضد مواقع الحزب، مما قد يفتح الباب لتفاهمات محدودة قد تخفف التوتر في الجنوب اللبناني.
ضغوط على إدارة بايدن بعد إقالة غالانت
تشكل إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضربة لجهود بايدن في الشرق الأوسط، إذ كان غالانت يُعتبر شريكًا مهمًا للإدارة الأمريكية، خصوصًا في التوازن مع الجناح اليميني المتشدد في الحكومة الإسرائيلية، والذي يعارض تقديم أي تسهيلات إنسانية للفلسطينيين.
المستقبل غير واضح
مع اقتراب نهاية فترة بايدن، تظل جميع الخيارات مفتوحة. بينما يتطلع ترامب للعودة بسياسة "الضغط الأقصى" تجاه إيران ودعم إسرائيل بشكل غير مشروط، يواجه بايدن تحديات كبرى في تسويق رؤيته للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط. الأسابيع القادمة قد تكون حاسمة في تحديد مسار السياسة الأمريكية في المنطقة، فهل تستطيع إسرائيل الانتظار حتى 20 يناير، أم ستتجاوب مع ضغوط إدارة بايدن في اللحظات الأخيرة؟