كشف مسؤولان أميركيان ومساعد في الكونغرس عن تفاصيل الاتصالات الأميركية الأولى مع جماعة هيئة تحرير الشام، التي برزت كقوة فاعلة في الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وأوضحوا أن إدارة الرئيس جو بايدن تحث الجماعة على تجنب السيطرة المباشرة على البلاد، والتركيز بدلاً من ذلك على قيادة عملية شاملة لتشكيل حكومة انتقالية.
تتم هذه الاتصالات بالتنسيق مع حلفاء واشنطن الإقليميين، بما في ذلك تركيا. وذكر أحد المسؤولين أن إدارة بايدن تناقش الأمر أيضاً مع فريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب. تُعد هذه الجهود جزءاً من مساعي واشنطن للتعامل مع الفوضى الناجمة عن انهيار نظام الأسد المفاجئ يوم الأحد.
جهود لتشكيل حكومة انتقالية شاملة
أفاد أحد المسؤولين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، بأن واشنطن بعثت برسائل إلى هيئة تحرير الشام لتوجيه جهودها نحو إنشاء هيكل حكم رسمي يمثل رغبات الشعب السوري. وأكد المسؤولون أن الإدارة الأميركية لن تدعم سيطرة الجماعة على البلاد دون عملية رسمية لاختيار قادة جدد. ومع ذلك، رفضت المصادر الإفصاح عما إذا كانت هذه الرسائل تُرسل مباشرة أم عبر وسطاء، وامتنع مجلس الأمن القومي الأميركي عن التعليق.
في إطار ذلك، صرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأن واشنطن ستعترف فقط بحكومة سورية مستقبلية ترتكز على هيئة حاكمة موثوقة، شاملة، وغير طائفية.
موقف متغير تجاه هيئة تحرير الشام
رغم إدراج الولايات المتحدة زعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، على قوائم الإرهاب منذ 2013، لا يزال الموقف الأميركي من دور الجماعة في الحكومة المستقبلية غير واضح. وسبق أن وصفت واشنطن الجماعة بأنها امتداد لتنظيم القاعدة، متهمة إياها بتنفيذ هجمات انتحارية واعتناق أيديولوجيات طائفية عنيفة.
إلا أن مساعداً في الكونغرس أشار إلى ضغوط من بعض المشرعين لدراسة تخفيف العقوبات الأميركية على سوريا، بما في ذلك تلك المفروضة على هيئة تحرير الشام، في حال استجابت الجماعة لشروط محددة. وأكد المساعد أن رفع العقوبات قد يفتح المجال أمام الحكومة الانتقالية للاندماج في الاقتصاد العالمي والمساعدة في إعادة إعمار البلاد.
التزام عسكري أميركي مستمر
من الناحية الميدانية، أكد أحد المسؤولين أن واشنطن تتواصل مع هيئة تحرير الشام وفاعلين آخرين على الأرض بشأن التطورات العسكرية. وأكد كبار المسؤولين الأميركيين أن القوات الأميركية ستواصل عملياتها في شمال شرق سوريا ضد تنظيم داعش لضمان عدم عودته كتهديد، وستعمل أيضاً على منع الجماعات المدعومة من إيران من تحقيق مكاسب في ظل الفراغ السياسي.
تُبرز هذه التحركات رغبة أميركية في إعادة تشكيل المشهد السوري بعد سقوط النظام، مع التركيز على بناء هيكل سياسي شامل واستمرار العمليات العسكرية لضمان الاستقرار الأمني.