حذر البنك الدولي في تقرير جديد أصدره أمس الاثنين من أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة دفعت الأراضي الفلسطينية إلى أزمة غير مسبوقة، مع انكماش اقتصادي كبير وخسائر بشرية ومادية هائلة. وأوضح البنك أن الاقتصاد الفلسطيني فقد نحو ربع قوته خلال عام 2024، مع انخفاض غير مسبوق في الإنتاج والخدمات، في تباطؤ وصفه بأنه "لا مثيل له في الذاكرة الحديثة".
انهيار اقتصادي وخسائر في الناتج المحلي
أفاد التقرير بأن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الضفة الغربية انكمش بنسبة 23%، فيما شهد قطاع غزة انخفاضاً كارثياً بنسبة 86% في النصف الأول من عام 2024. ويتوقع البنك أن ينكمش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 26% على مدار العام بأكمله، مما يجعل تأثير هذه الحرب يفوق جميع الأزمات التي مرت بها الأراضي الفلسطينية خلال العقدين الماضيين، بما في ذلك الانتفاضة الثانية عام 2000 وحروب غزة السابقة وجائحة كوفيد-19.
ارتفاع البطالة وانهيار القطاع الخاص
شهدت البطالة في غزة ارتفاعاً غير مسبوق، حيث أصبح أكثر من 80% من السكان بلا عمل، مع تدمير 66% من مؤسسات القطاع الخاص بالكامل وتضرر 22% منها جزئياً. وأشار البنك إلى أن قطاع التجارة والبناء والخدمات كانت من بين الأكثر تضرراً.
أزمة غذائية وإنسانية خانقة
أوضح البنك الدولي أن 91% من سكان غزة يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، بينما يواجه شمال القطاع خطر المجاعة. أكثر من 875 ألف شخص في مستويات طوارئ من انعدام الأمن الغذائي و345 ألفاً في مستويات كارثية، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 440% والوقود بنسبة 200% مقارنة بالعام الماضي. وحذر البنك من أن الأطفال والنساء الحوامل هم الأكثر تضرراً، مما يشكل تهديداً طويل الأجل لرأس المال البشري الفلسطيني.
أزمة مالية للسلطة الفلسطينية
أكد التقرير أن الحرب فاقمت التحديات المالية للسلطة الفلسطينية، التي أصبحت تواجه خطر انهيار نظامي في ظل خفض الرواتب إلى 60-70% بسبب الاقتطاعات الإسرائيلية من إيرادات الضرائب (المقاصة) وتراجع الإيرادات المحلية. وقدر البنك أن السلطة بحاجة إلى 1.04 مليار دولار لسد عجزها المالي حتى أكتوبر 2024، محذراً من أن الحل الوحيد يكمن في زيادة المساعدات الدولية بشكل كبير.
دعوة لإنهاء الأعمال العدائية وزيادة الدعم الدولي
شدد البنك الدولي على ضرورة إنهاء الحرب بشكل عاجل لاستعادة الخدمات الأساسية وبدء التعافي الاقتصادي والاجتماعي. ودعا إلى عكس الخصومات الإسرائيلية أحادية الجانب من أموال المقاصة، وزيادة المساعدات الدولية لدعم الخدمات العامة الأساسية، ووضع خطط طويلة الأمد لإعادة الإعمار والتعافي.
يُظهر التقرير صورة قاتمة للأوضاع الاقتصادية والإنسانية في غزة، ما يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لتجنب كارثة أكبر على المدى القريب والبعيد.