المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات: بيان العقبة والقرار 2254 يثيران جدلًا حول مستقبل الانتقال السياسي في سوريا

قمة العقبة.jpg

أصدر المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات تقدير موقف حول بيان العقبة الذي جاء بعد سقوط نظام بشار الأسد ودخول فصائل المعارضة السورية إلى العاصمة دمشق في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 دون قتال. وأوضح المركز أن هذا التطور المفاجئ أحدث صدمة كبيرة على المستويين العربي والدولي، مما دفع أطرافًا إقليمية ودولية إلى الاجتماع في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأول/ ديسمبر لبحث تداعيات المرحلة الانتقالية في سوريا ومستقبلها السياسي.

وأكد المركز أن الأطراف المجتمعة في العقبة شددت في بيانها الختامي على ضرورة دعم عملية سياسية يقودها السوريون أنفسهم وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، بما يضمن وحدة الأراضي السورية وسلامتها ويحقق تطلعات الشعب السوري في إعادة بناء مؤسسات الدولة وضمان الاستقرار.

وأضاف المركز أن البيان، رغم تركيزه على انتقال سلس يُبقي الأوضاع تحت السيطرة، يعكس مخاوف عميقة لدى بعض الدول المشاركة، خاصة مع سيطرة فصائل ذات توجهات إسلامية وسلفية سابقة على الحكم في دمشق. وأشار إلى أن هذه الدول، سواء الغربية أو بعض العربية، تخشى أن تُلهم التجربة السورية الناجحة في التغيير السياسي شعوبًا أخرى في المنطقة، مما قد يشعل موجات جديدة من المطالبات بالإصلاح والتغيير.

وأشار المركز العربي إلى أن إسرائيل استغلت الوضع لشن اعتداءات على الأراضي السورية تحت ذريعة مخاوفها من صعود قوى سياسية قد تعارض وجودها، مشيرًا إلى أن هذه الهجمات تهدف إلى تدمير البنية التحتية لأي جيش سوري محتمل.

انقسام سوري حول بيان العقبة

أوضح المركز أن البيان أثار ردود فعل متباينة في الأوساط السورية؛ ففي حين لم يصدر أي موقف رسمي عن الحكومة الانتقالية بقيادة محمد البشير أو إدارة الشؤون السياسية في دمشق، عبّر كل من الائتلاف الوطني السوري وهيئة التفاوض السورية عن تأييدهما للمبادرة. ورأى الائتلاف في البيان خطوة مهمة لدعم تطلعات الشعب السوري نحو عملية سياسية جامعة، بينما اعتبرت هيئة التفاوض أن المبادرة "مشروع متوازن لإنقاذ سوريا وضمان وحدتها".

في المقابل، أشار المركز إلى أن أطرافًا سورية أخرى رفضت البيان، متهمةً الاجتماع بمحاولة تحريض المجتمع الدولي ضد النظام الجديد والسعي لوضع سوريا تحت وصاية الأمم المتحدة، وإخراج عملية الانتقال السياسي من إطارها الوطني إلى إطار إقليمي ودولي.

القرار 2254 وجدلية المرحلة الانتقالية

تناول المركز في تقدير الموقف الجدل الدائر حول القرار 2254 باعتباره مرجعية دولية للحل السياسي في سوريا منذ صدوره في عام 2015. وأكد أن القرار نصّ على خطوات انتقال سياسي تشمل إنشاء هيئة حكم انتقالية، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة.

وأوضح المركز أن أنصار القرار يرون فيه ضمانة لمشاركة واسعة لكافة القوى السورية في العملية السياسية، بما يحقق التشاركية ويحمي سوريا من استئثار أي فصيل بالسلطة. بينما يرى معارضو القرار أن الظروف السياسية قد تغيّرت بسقوط النظام السوري، وبالتالي لم يعد القرار مناسبًا لوضع خارطة طريق جديدة للانتقال السياسي.

مخاوف وتحديات المرحلة الانتقالية

أكد المركز أن تحديات المرحلة الانتقالية تتمثل في المخاوف من تكرار تجارب دولية سابقة مثل ليبيا والسودان، فضلًا عن خطر استئثار بعض الفصائل المسلحة بالحكم، مما قد يؤدي إلى نشوء نظام استبدادي جديد. وأشار إلى أن هذه المرحلة تتطلب وضع برنامج وطني شامل يُشرك كافة القوى السورية السياسية والاجتماعية ويضمن إعادة بناء مؤسسات الدولة، بما في ذلك صياغة دستور جديد يُعرض على استفتاء شعبي.

خاتمة وتوصيات

اختتم المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات تقدير الموقف بالتأكيد على أن بيان العقبة، رغم جدله الداخلي، يسلط الضوء على أهمية بناء مرحلة انتقالية شاملة لا تُقصي أي طرف وتركز على تحقيق أهداف الثورة السورية. وشدد المركز على ضرورة أن تكون هذه العملية بقيادة وطنية سورية بعيدًا عن التدخلات الخارجية، مع الاستفادة من المرجعيات الدولية كبيان جنيف والقرار 2254 ضمن إطار يلبي تطلعات الشعب السوري ويضمن الاستقرار المستدام.

لتحميل التقدير كاملا من خلال الرابط التالي 
https://www.dohainstitute.org/ar/Lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/the-aqaba-summit-and-the-transition-process-in-syria.pdf

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الدوحة