شهادات جنود وضباط تكشف عن تجاوزات خطيرة للجيش الإسرائيلي في غزة

تحقيق صحفي لهآرتس : غزة منطقة قتل مفتوحة وجرائم مروعة بحق المدنيين

netsarim-promotion.webp

كشفت صحيفة هآرتس في تحقيق موسع شهادات مروعة من جنود وضباط خدموا خلال الأشهر الأخيرة في قطاع غزة، تتحدث عن تجاوزات خطيرة وأوامر عسكرية تحولت إلى ممارسات تفتقر إلى الإنسانية. وصف الجنود "ممر نتساريم"، وهو منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بأنه "منطقة قتل" يُطلق فيها النار دون تمييز على أي شخص يدخلها، بغض النظر عن كونه مدنيًا غير مسلح أو حتى طفلًا صغيرًا.

أوضح أحد الضباط في فرقة 252 أن "أي شخص يعبر الخط يُقتل فورًا"، مضيفًا أن هذا النهج تم تطبيقه كسياسة غير رسمية. وأضاف: "بعد القتل، تُترك الجثث في العراء لتأكلها الكلاب الضالة، مما يزيد من الرعب بين السكان المحليين".

التنافس في القتل وتصنيف المدنيين كإرهابيين

تحدث جنود عن تنافس بين الفرق العسكرية على عدد القتلى، حيث يتم تصنيف جميع الضحايا على أنهم "إرهابيون" بغض النظر عن هويتهم. قال جندي من الفرقة: "في بعض الحالات، نُطلق النار على مدنيين غير مسلحين، ثم تُعلن قيادة الجيش أنهم إرهابيون ضمن بيانات رسمية".

في إحدى الحوادث، أطلق الجنود النار على شاب يبلغ من العمر 16 عامًا وأردوه قتيلًا. وبعد التحقق، تبين أنه لم يكن ينتمي لأي تنظيم مسلح. مع ذلك، هنأ قائد الكتيبة الجنود قائلًا: "قتلنا إرهابيًا، وغدًا سنقتل عشرة آخرين".

تدمير المنازل وتحويل المنطقة إلى أطلال

أوضح التحقيق أن ممر نتساريم الذي يبلغ عرضه سبعة كيلومترات، تم تفريغه بالكامل من السكان وتدمير منازلهم. ووصف أحد القادة المنطقة بأنها "ميدان مفتوح للقتل"، حيث يمنع دخول أي فلسطيني تحت طائلة إطلاق النار الفوري".

قرارات ميدانية بلا قيود

أظهرت الشهادات أن القادة الميدانيين حصلوا على صلاحيات غير محدودة، حيث يمكنهم إصدار أوامر بشن غارات جوية أو تدمير مدن بأكملها دون الرجوع إلى القيادة العليا. وأكد ضابط رفيع أن هذه السلطات الواسعة حولت الجيش إلى "ميليشيا مستقلة بدون قيود قانونية أو أخلاقية".

معضلات أخلاقية وصدمات نفسية

كشف الجنود عن صراعات داخلية حادة بين الامتثال للأوامر العسكرية والالتزام بالقيم الإنسانية. تحدث أحد الجنود عن حادثة أطلقوا خلالها النار على أربعة مدنيين غير مسلحين، مضيفًا: "لم يكن هناك أي تهديد منهم، ومع ذلك أطلقنا مئات الرصاصات عليهم بناءً على أوامر القيادة".

"الجيش الأكثر أخلاقية"؟

أكد أحد قادة الاحتياط أن الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي هو "الأكثر أخلاقية في العالم" مجرد تبرير يهدف إلى التغطية على الجرائم التي تُرتكب. وقال: "الواقع في غزة يعكس انعدامًا تامًا للإنسانية. نحن كجنود وقادة نشارك في هذه الفظائع، وحان الوقت للجمهور الإسرائيلي أن يواجه الحقيقة".

ردود فعل داخل الجيش والمجتمع

تثير هذه الشهادات أسئلة حول شرعية العمليات العسكرية في غزة، ومدى احترامها للقوانين الدولية والإنسانية. كما تعكس تناقضًا صارخًا بين الصورة التي يسعى الجيش الإسرائيلي لترويجها عالميًا والواقع الذي يكشفه الجنود على الأرض.

يأتي هذا التحقيق في وقت تتزايد فيه الانتقادات الدولية للعمليات العسكرية الإسرائيلية، وسط دعوات متزايدة لإجراء تحقيقات شاملة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

المصدر: ترجمة خاصة وكالة قدس نت - القدس المحتلة