المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان .. وجّه قادة المستوطنين الأسبوع الماضي رسالة للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينيت) طالبوا فيها بتغيير جذري للطريقة الأمنية التي يتم التعامل بها مع الفلسطينيين في الضفة الغربية. من بين مطالبهم القضاء على ما أسموه "البنية التحتية للإرهاب" من خلال نقل السكان (تهجير) في المناطق التي تؤيد "الإرهاب" وبعد إخلاء هذه المناطق كما حدث في غزة دخولها وتطهيرها. وإلى جانب ذلك، طالب هؤلاء "القادة" حكومتهم بتغيير خطوط السير والشوارع في الضفة ونشر المزيد من الحواجز وعدم ترك الأمن بيد السلطة الفلسطينية (!!!) التي تحولت إلى جيش حقيقي (!!!)، حسب تعبيرهم.
وفي السياق عاد بن غفير الأسبوع الماضي للتحريض على الفلسطينيين وقال في منشور له على منصة التواصل (X): إن حق المستوطنين في الحياة له الأولوية على حرية تنقل الفلسطينيين، في توضيح لموقف عنصري كان قد عبر عنه أكثر من مرة، يؤكد فيه أن حق المستوطنين في الحركة على الطرق له الأولوية على حرية تنقل الفلسطينيين.
قادة المستوطنين، كما حكومتهم، يتملكهم شيطان إغلاق العلاقة مع الفلسطينيين على دائرة أمنية. أما التغيير الجذري للطريقة الأمنية في التعامل مع المواطنين الفلسطينيين، الذي يطالبون به حكومتهم، فيتكامل في وحشيته مع الممارسات الإجرامية التي تقوم بها منظمات الإرهاب اليهودي العاملة في المستوطنات والبؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية ضد الفلسطينيين في عديد المواقع في المناطق المصنفة (ج). فهم لا يكتفون بالحواجز والسدود والسواتر والمكعبات الإسمنتية التي تنتشر في طول الضفة الغربية وعرضها وتفاقم معاناة الفلسطينيين اليومية، بل يطالبون بالمزيد منها للوصول إلى نفس الهدف، وهو التأثير على نمط حياة الفلسطينيين ودفعهم، في الحد الأدنى، إلى هجرة داخلية تترك الريف وحيداً في مواجهة غول الاستيطان.
نذكر هنا أن حركة المستوطنين على الطرق في الضفة الغربية أصبحت على امتداد العامين الماضيين أكثر انسيابية، خاصة بعد أن شقت سلطات الاحتلال ثمانية طرق التفافية حررت المستوطنين من المرور في مناطق التجمعات الفلسطينية. أخطر تلك الطرق الالتفافية هي طريق حوارة الالتفافي (مفترق زعترة) وطريق العروب الالتفافي ونفق قلنديا وطريق اللبن الغربية الالتفافي وطريق النبي إلياس الالتفافي وطريق الطوق الشرقي في القدس، وطريق 60 الالتفافي، وطريق غوش عصيون الشرقية. لهذه الطرق خصصت دولة الاحتلال مئات ملايين الدولارات لتسهيل وتأمين حركة المستوطنين بين المستوطنات وبينها وبين الداخل الإسرائيلي كذلك.
وفي مقابل ذلك شوشت تدابير الاحتلال على حياة الفلسطينيين بالحواجز العسكرية والسدود والسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية وكاميرات الرقابة، التي تحصي عليهم أنفاسهم. هنا وثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) مطلع عام 2023 انتشار 565 عائقاً أمام الحركة والتنقل في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وشملت تلك العوائق 49 حاجزاً يرابط عليها بصورة دائمة جنود إسرائيليون أو شركات أمنية خاصة، ونحو 139 حاجزاً يتمركز عليها الجنود أو الشركات الأمنية بين الحين والآخر، ونحو 304 متاريس طرق وسواتر ترابية وبوابات طرق، و73 جداراً ترابياً وخندقاً وعائقاً تنتشر على الطرق.
منذ السابع من أكتوبر العام الماضي شددت إسرائيل القيود المفروضة على حرية الحركة للفلسطينيين، واستخدمت منظومة الحواجز القائمة من أجل إحكام المُراقبة وتشديد القيود على الحركة، كما نصبت عشرات الحواجز الجديدة، وأغلقت منافذ عشرات البلدات الفلسطينية إلى الشوارع الرئيسية. منظومة الحواجز والقيود هذه فرضت على الفلسطينيين نظام حياة قاسياً وشوشت على مجالات حياتهم وألحقت بهم أضراراً اقتصادية فادحة ومنعتهم من الوصول إلى مؤسساتهم بسهولة ويسر وشوشت العلاقات العائلية والاجتماعية وجعلت الفلسطينيين يعيشون في قلق دائم ويقفون في طابور الانتظار على الحواجز لساعات يتعرضون فيها لمختلف أشكال الإهانات من جنود الاحتلال ويضطر بعضهم للعودة أدراجهم أحياناً وقد يتعرض قسم منهم للاعتقال التعسفي.
وفي العام 2024 ارتفع عدد الحواجز والعوائق في وجه حركة الفلسطينيين. وفق إحصائيات صادرة عن هيئات فلسطينية تعنى بشؤون الاستيطان، ومنها المكتب الوطني، فبلغت حواجز الاحتلال نحو 710 حواجز ثابتة وبوابة عسكرية في الضفة الغربية، منها 145 بوابة تم وضعها بعد السابع من أكتوبر 2023، وذلك بغرض تمزيق وعزل المناطق عن بعضها بعضاً وفرض المزيد من الرقابة العسكرية والسيطرة لحفظ أمن الاحتلال والمستوطنين.