أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمرًا مشروطًا يلزم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وسلطة الضرائب، والمدعي العام للدولة، بتقديم توضيحات حول تحويل مليارات الشواقل كضرائب للسلطة الفلسطينية دون مبرر قانوني. القرار جاء على خلفية التماسات قدمتها منظمات يمينية طالبت بوقف ما وصفته بـ"التحويلات غير الضرورية" التي تتم على حساب دافعي الضرائب الإسرائيليين.
وفقًا لاتفاق باريس لعام 1994، تقوم إسرائيل بجمع ضرائب الاستيراد على البضائع المتجهة إلى السلطة الفلسطينية، ثم تحويلها إلى خزينة السلطة بعد خصم نسبة تحدد بناءً على تصريحات المستوردين الفلسطينيين. ومع ذلك، كشفت بيانات رسمية لمصلحة الضرائب الإسرائيلية عن أن جزءًا كبيرًا من هذه البضائع لا يصل فعليًا إلى الأراضي الفلسطينية، بل يبقى في إسرائيل ويباع في السوق السوداء.
البيانات أظهرت أنه منذ عام 2019، استمرت إسرائيل في تحويل ضرائب على بضائع لم تغادر موانئها، حيث تم تحويل 700 مليون شيكل في عام 2020، و1.5 مليار شيكل في عام 2021.
تقدمت منظمات يمينية مثل "لافي" و"كوهالات" بعدة شكاوى للسلطات المعنية، وطالبت بإعادة النظر في آلية حساب الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية. كما دعت إلى محاسبة المستوردين الذين يقدمون بيانات كاذبة، لكن هذه المحاولات لم تسفر عن أي تغيير فعلي.
رغم تقارير مراقب الدولة، ودعوات بعض أعضاء الكنيست مثل أفيحاي بورون لمناقشة القضية في البرلمان، لم يتخذ سموتريتش، أحد أبرز قادة اليمين في الحكومة، أي إجراءات لوقف هذه التحويلات.
على إثر الجمود الحكومي، لجأت المنظمات إلى المحكمة العليا بثلاثة التماسات، طالبت فيها بتغيير طريقة حساب الضرائب، وفتح تحقيقات جنائية ضد المستوردين المتورطين، واسترداد الأموال التي تم تحويلها دون مبرر.
في جلسة عقدت سبتمبر الماضي، تساءل القضاة عن استمرار تحويل المليارات إلى السلطة الفلسطينية رغم عدم وصول البضائع إليها، مشيرين إلى وجود ثغرات قانونية وإدارية واضحة.
القاضي يوسف إلرون قال خلال الجلسة: "هل هناك مبرر لهذا النظام؟ ما الذي يحدث للبضائع التي تبقى في إسرائيل؟"
من جانبه، أشار المحامي أريئيل إرليخ، ممثل منظمة "كوهالات"، إلى أن المسألة ليست سياسية بل تتعلق بإنفاذ القانون، مضيفًا: "للوزير صلاحية وقف هذا الوضع، لكن الحكومة تعتبره أمرًا سياسيًا".
أشاد محامو المنظمات بقرار المحكمة العليا واعتبروه خطوة نحو إنهاء ما وصفوه بـ"الاحتيال الكبير". المحامي يوناتان يعقوبوفيتش، ممثل منظمة "لافي"، قال: "نحن نقترب من سد الفجوة التي تسمح بتحويل مئات الملايين من أموال دافعي الضرائب الإسرائيليين إلى السلطة الفلسطينية، التي تعتبر كيانًا معاديًا."
كما أضاف المحامي عساف تيشيلت، ممثل الالتماس الثاني: "خسارة إسرائيل لا تقتصر على الأموال المحولة للسلطة الفلسطينية، بل تشمل مئات الملايين الأخرى كضرائب قيمة مضافة كان يمكن أن تستفيد منها الخزينة العامة".
في ظل الأوضاع الاقتصادية المتوترة التي تمر بها إسرائيل بسبب تكاليف الحرب الأخيرة، تكتسب هذه القضية أهمية متزايدة. تأمل المنظمات الداعمة للالتماسات أن يؤدي تدخل المحكمة إلى تغيير جذري في السياسات المالية المتعلقة بالضرائب المحولة للسلطة الفلسطينية، مع ضمان الشفافية وحماية الأموال العامة.