تقرير غزة تنزف – عام 2024 الأكثر مأساوية في تاريخ الفلسطينيين

غزة تنزف – عام 2024 الأكثر مأساوية في تاريخ الفلسطينيين

في عام 2024، شهد قطاع غزة أحد أكثر الأعوام مأساوية في تاريخه الحديث، حيث استمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ أكتوبر 2023، متسببة في دمار شامل ومعاناة إنسانية لا تُحتمل. بلغ عدد الشهداء  أكثر من 45,541 شهيد منذ السابع من اكتوبر للعام 2023م، بينهم 18,000 طفل و10,500 امرأة، في حين تجاوز عدد الجرحى و 108,338 شخصاً خلفت الحرب أعدادًا كبيرة من المعاقين، بينهم أطفال فقدوا أطرافهم ونساء تعرضن لإصابات دائمة، مما فاقم الضغط على نظام صحي عاجز بسبب نقص الموارد والقصف المستمر للمرافق الطبية.

النزوح الجماعي في القطاع بلغ أرقامًا غير مسبوقة، حيث نزح نحو 2 مليون شخص عن منازلهم ليعيشوا في مدارس وملاجئ مؤقتة. يُعاني النازحون من ظروف إنسانية كارثية، حيث تفتقر تلك المخيمات إلى الماء والكهرباء، فيما يُضطر الكثيرون لاستخدام مياه غير صالحة للشرب، ما أدى إلى تفشي الأمراض المعدية. تُشير التقارير إلى أن أكثر من 60% من الأطفال النازحين يعانون من سوء التغذية، في حين تسود حالة من انعدام الأمان بين النساء اللواتي يُكافحن لتأمين الحد الأدنى من الطعام والرعاية لأسرهن.

دمرت الغارات الإسرائيلية 360,000 وحدة سكنية، منها 25,010 مدمرة كليًا، بينما تم استهداف أكثر من 450 مدرسة، ما أدى إلى حرمان أكثر من 300,000 طالب من حقهم في التعليم. تُركت العديد من العائلات تحت الأنقاض، فيما تواصل فرق الإنقاذ العمل وسط ظروف شديدة الخطورة لاستخراج الضحايا من بين الركام.

تُظهر شهادات الناجين قصصًا مفجعة عن فقدان الأحباء وتدمير الحياة اليومية. تقول أم ياسر، وهي أم لخمسة أطفال: "هربنا تحت القصف، وتركنا منزلنا وكل ما نملك. الآن نحن في مدرسة مكتظة، لا نملك شيئًا سوى ملابسنا التي كنا نرتديها عند الفرار". تضيف أم محمد، التي فقدت طفلين في غارة على منزلها: "لا يوجد مكان آمن، نعيش في رعب دائم".

البنية التحتية الأساسية تعرضت لتدمير شبه كامل. أكثر من 80% من شبكات المياه والصرف الصحي أصبحت غير صالحة للعمل، مما أدى إلى كارثة صحية محتملة مع انتشار الأمراض المنقولة بالمياه. الكهرباء شبه منقطعة، حيث تصل ساعات الانقطاع إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا، ما يجعل الحياة اليومية شبه مستحيلة.

اقتصاديًا، انكمش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع بنسبة 35.1%، مما أدى إلى شلل كامل في النشاط الاقتصادي. البطالة وصلت إلى مستويات قياسية بنسبة 49.9%، في حين ارتفع معدل الفقر إلى 58.4%، مع اعتماد أكثر من 70% من السكان على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة. رغم ذلك، تواجه المساعدات صعوبة بالغة في الوصول بسبب الحصار الإسرائيلي.

الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا. يعاني أكثر من نصف أطفال غزة من اضطرابات نفسية خطيرة نتيجة مشاهد العنف، بينما يفقد الكثيرون إمكانية الوصول إلى التعليم. تقول روان، فتاة تبلغ من العمر 11 عامًا فقدت عائلتها في قصف ليلي: "لم أعد أحلم، أريد فقط أن أعيش يومًا واحدًا دون سماع صوت القنابل".

النساء أيضًا تحملن عبئًا كبيرًا، حيث يواجهن تحديات متزايدة في تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرهن، إلى جانب تحملهن مسؤولية رعاية الأطفال وسط الفوضى. التقارير تُشير إلى ارتفاع حالات العنف المنزلي نتيجة الضغوط النفسية والاقتصادية التي تعيشها العائلات.

وسط هذه الكارثة الإنسانية، تطالب المنظمات الدولية بإدخال مساعدات عاجلة وتوفير ممرات آمنة للمدنيين. الأمم المتحدة تُقدر الحاجة إلى 1.2 مليار دولار لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكان غزة، إلا أن الحصار المستمر يعوق جهود الإغاثة.

المجتمع الدولي مطالب اليوم بالتحرك العاجل لوقف هذا النزيف الإنساني. ما يحدث في غزة يتطلب ليس فقط إنهاء الحرب، بل أيضًا التزامًا بإعادة إعمار القطاع وضمان حياة كريمة ومستقبل أفضل لسكانه.

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - فلسطين