في مخيمات غزة المكتظة: النساء يكافحن حياة بلا خصوصية

نساء في مخيمات النزوح

في خيام النازحين المكتظة بالعائلات المهجّرة من بيوتها بسبب استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة المستمرة منذ نحو خمسة عشر شهرًا، تواجه النساء تحديات يومية تفاقم معاناتهن في ظل حياة مجردة من الخصوصية. وسط العائلات الكبيرة والجيران الذين لا تفصل بينهم سوى أقمشة مهترئة وبعض ألواح الصفيح، تكافح النساء للحفاظ على خصوصيتهن وكرامتهن.

حياة بلا خصوصية

في مخيمات مكتظة مثل دير البلح، أصبحت الحمامات المؤقتة عبارة عن حفر في الرمل محاطة بقطع قماش متهالكة تُستخدم بشكل جماعي من قبل عشرات الأشخاص. مع النقص الحاد في مستلزمات النظافة، تضطر النساء إلى تقطيع الأقمشة أو الملابس القديمة لاستخدامها كبديل لمنتجات الدورة الشهرية.

الخصوصية ضاعت

تقول آلاء حمامي، وهي أم لثلاثة أطفال تعيش في خيمة مع 13 فردًا من عائلتها الممتدة: "حياتنا أصبحت بالكامل في ملابس الصلاة، حتى عندما نخرج للسوق. الكرامة لم تعد موجودة." وتشير إلى أنها كانت ترتدي شال الصلاة فقط أثناء أداء الفروض اليومية، لكنها الآن تضطر لارتدائه طوال الوقت بسبب وجود الرجال بشكل دائم في المخيم، حتى أثناء النوم، تحسبًا لأي هجوم مفاجئ يستوجب الهروب ليلاً.

من جانبها، تقول نادية أحمد، وهي أم لأبناء يعانون من إعاقات عقلية شديدة، إنها تواجه معاناة إضافية بسبب الظروف المأساوية التي تعيشها، حيث تعجز عن توفير مستلزماتهم الطبية والصحية في ظل انعدام المياه وتردي النظافة. وتضيف أن هذا الوضع أدى إلى ظهور أمراض جلدية تفاقم معاناتهم اليومية.

حياة بلا مقومات أساسية

تشير التقارير إلى أن أكثر من 90% من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون شخص، شُرّدوا بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر. يعيش مئات الآلاف في خيام متلاصقة، حيث تنعدم الأساسيات مثل الطعام والمياه النظيفة.

وفاء نصر الله، وهي أم لطفلين، تقول إنها لا تستطيع شراء الفوط الصحية بسبب ارتفاع أسعارها، مما يضطرها لاستخدام الأقمشة أو حتى حفاضات الأطفال كبديل. ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 690,000 امرأة وفتاة في غزة بحاجة إلى مستلزمات صحية، إلى جانب مياه نظيفة ومرافق صحية لائقة، لكن الحصار يجعل هذه الاحتياجات الأساسية بعيدة المنال.

كل شيء دُمّر

تُجمع الناشطات والمنظمات الحقوقية على أن النساء في غزة يتحملن النصيب الأكبر من المعاناة. تقول أمل سيام، مديرة مركز شؤون المرأة في غزة: "بعض النساء لم يغيرن ملابسهن لمدة 40 يومًا. هذه الظروف تزيد من خطر الأمراض الجلدية ومشاكل الصحة الإنجابية."

وتروي دواء حلّيس، وهي أم لثلاثة أطفال، كيف اضطرت إلى تمزيق ملابسها القديمة لتوفير بدائل صحية، قائلة: "كل شيء أصبح مكلفًا، حتى الحاجات الأساسية. نحن الآن نعيش فقط على الضروريات."

فقدان الهوية

تستعيد آلاء حمامي ذكريات الحياة قبل الحرب، حيث كانت تمتلك خزانة ملابس تضم كل ما تحلم به، وكانت تخرج يوميًا مع أطفالها إلى الحدائق أو حفلات الزفاف. أما الآن، فتقول: "فقدنا كل شيء. النساء اعتدن على العناية بأنفسهن، لكن الآن كل شيء انتهى."

مع استمرار حرب الابادة الاسرائيلية على قطاع غزة والتي راح ضحيتها أكثر من 45,581 والإصابات إلى 108,438، نصفهم من النساء والأطفال وفق بيانات وزارة الصحة في غزة، تبدو معاناة النساء جزءًا من مأساة إنسانية أوسع، حيث أصبحت الحياة في المخيمات انعكاسًا لحياة فقدت كل ملامحها الإنسانية.

تنزيل (5).webp


تنزيل (4).webp


تنزيل (1).webp


تنزيل (2).webp


تنزيل (1).webp
 

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة