شهدت محافظة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، تصعيدًا غير مسبوق في سياسات الاستيطان الإسرائيلية خلال عام 2024، في إطار محاولات الاحتلال تغيير الواقع الديمغرافي في المنطقة وفرض وقائع جديدة تخدم مصالح المستوطنين.
وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن سلطات الاحتلال كثفت عمليات هدم المنازل الفلسطينية، ووسعت نطاق مصادرة الأراضي، وأقامت المزيد من البؤر الاستيطانية، مما أدى إلى تهجير مئات الفلسطينيين قسرًا من منازلهم وأراضيهم.
هدم واسع النطاق ومصادرة للأراضي
ووثق المركز تنفيذ 175 عملية هدم في محافظة الخليل خلال عام 2024، استهدفت عشرات المنازل والمنشآت المدنية. وفي الوقت ذاته، صادرت سلطات الاحتلال 385 دونمًا من أراضي الخليل لتوسعة الطريق الالتفافي (60)، ما ألحق ضررًا كبيرًا بالسكان المحليين الذين يعتمدون على هذه الأراضي في الزراعة.
وفي أبرز الخطوات الاستيطانية، أعلنت سلطات الاحتلال عن مخططات لتوسعة مستوطنة "نيجهوت"، وشرعنة بؤر استيطانية قريبة، تشمل بناء 158 وحدة استيطانية جديدة. كما طرحت مخططات لتوسعة مستوطنة "تيلم" بمساحة 144 دونمًا من أراضي بلدة ترقوميا، ما أدى إلى تفاقم معاناة السكان المحليين.
انتشار البؤر الاستيطانية
شهد عام 2024 إقامة 14 بؤرة استيطانية جديدة في المناطق المصنفة (C) في الخليل، ليصل إجمالي عدد البؤر الاستيطانية في المحافظة إلى 47. وتنوعت هذه البؤر بين رعوية وزراعية، حيث استولى المستوطنون على أراضٍ فلسطينية وزرعوها، كما هو الحال في منطقة خلة طه جنوب مدينة دورا، حيث زرعت 400 دونم بالعنب بعد إقامة كرافانات وشق طرق.
وأشار المواطن عزات عودة، أحد سكان المنطقة، إلى أن المستوطنين منعوا الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، مضيفًا: "لقد أضاف المستوطنون كرافانات وزرعوا مساحات كبيرة بالعنب، بينما تُمنع العائلات الفلسطينية من الوصول إلى أراضيها."
تهجير قسري للسكان
أدت هذه السياسات إلى تهجير 450 فلسطينيًا من 10 تجمعات سكانية في محافظة الخليل. وفي قرية دير رازح، استولى المستوطنون على أراضٍ جبلية، وقاموا بشق طرق جديدة ومنعوا السكان من الوصول إلى ممتلكاتهم. كما تم تسجيل اعتداءات متكررة من المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين في المنطقة.
وأفاد المواطن أنور عمر من قرية دير رازح: "منعنا المستوطنون من الوصول إلى أراضينا، وحطموا بئر المياه الذي نعتمد عليه، وأغلقوا الطريق المؤدية إلى أراضينا الزراعية."
دعوة للمجتمع الدولي
يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان هذه الانتهاكات التي تشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي. ويطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على إسرائيل للتراجع عن سياسات الاستيطان وتهجير السكان. كما يدعو المركز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم.
يشير تصاعد الاستيطان في محافظة الخليل إلى سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى قضم الأراضي الفلسطينية وخلق حقائق جديدة على الأرض. ومع استمرار هذه الانتهاكات، تبقى الحاجة ملحة لتدخل دولي يحمي حقوق الفلسطينيين، ويوقف التوسع الاستيطاني الذي يهدد فرص السلام في المنطقة.