في إطار الجهود الدولية لإعادة إعمار غزة، كشفت مصادر لصحيفة الشرق الأوسط عن خطة أميركية تحمل ملامح التنمية الحديثة على الطريقة الصينية، تشمل إقامة ناطحات سحاب، وتحويل أنفاق "حماس" إلى شبكة قطارات، بهدف تحديث البنية التحتية وتعزيز الاقتصاد المحلي.
إعمار غزة وفق نموذج حضري جديد
تتضمن الخطة إقامة عمارات شاهقة بارتفاع 50 طابقًا، بحيث يتم توفير شقق سكنية ملائمة لكل عائلة توافق على السكن الدائم فيها، وهو ما يرتبط عمليًا بالتنازل عن حق العودة إلى البلدات الأصلية التي هجرت منها العائلات الفلسطينية عام 1948. ووفقًا للمخطط، ستحصل الأسر على ملكية كاملة للمسكن بعد 25 عامًا من دفع رسوم رمزية.
إضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء مجموعة فنادق حديثة على طول الساحل، مع توفير فرص عمل للفلسطينيين في الزراعة، السياحة، والتكنولوجيا العالية (هايتك)، وهي القطاعات التي ستكون محور إعادة إعمار غزة.
تحويل أنفاق "حماس" إلى شبكة مواصلات
واحدة من أبرز النقاط في الخطة الأميركية هي إعادة توظيف أنفاق "حماس" وتحويلها إلى شبكة سكك حديدية تمتد إلى مصر، السعودية، الأردن، والضفة الغربية، ما يسهم في تحسين البنية التحتية لقطاع غزة وتعزيز الربط الإقليمي.
مراحل تنفيذ الإعمار واستثمار القطاع الخاص
يقدّر واضعو الخطة أن تنفيذ مشروع إعمار غزة سيستغرق بين 10 و15 عامًا، تسبقها مرحلة إخلاء الأنقاض ومعالجتها التي قد تستمر حتى 5 سنوات. وفي هذا السياق، ناقش ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مدى استعداد القطاع الخاص الإسرائيلي للدخول في شراكات عربية وفلسطينية ضمن المشروع.
الموقف الإسرائيلي ووقف إطلاق النار
عند سؤاله عن جاهزية إسرائيل لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار تمهيدًا للإعمار، أكد ويتكوف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ملتزم بتنفيذ الاتفاق، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى من الصفقة تسير بشكل جيد، وأنه من المتوقع أن تبدأ المفاوضات حول المرحلة الثانية يوم الاثنين المقبل.
كما كشف عن لقاء مرتقب بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، لمناقشة تطورات الاتفاق ومستقبل إعادة إعمار غزة.
التفاعل الإسرائيلي مع الخطة
خلال زيارته لإسرائيل، التقى ويتكوف بعدد من الوزراء الإسرائيليين، بما فيهم وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتيريش، الذي كان قد صوت ضد اتفاق تبادل الأسرى. وأوضح أن الرسالة الأميركية للحكومة الإسرائيلية ركزت على أن الأوضاع في غزة تشهد حالة من الهدوء، مما يستوجب التركيز على تنفيذ المرحلة الأولى بشكل صحيح، قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية.
مستقبل الاستيطان والتواجد العسكري الإسرائيلي في غزة
وفقًا للوزير الإسرائيلي السابق إيفي إيتام، فإن اتفاق وقف إطلاق النار يسير بشكل جيد، وأن حكومة اليمين بقيادة نتنياهو لن تنهار بسبب الخلافات الداخلية. وعند سؤاله عن إمكانية استئناف الحرب أو العودة للاستيطان في غزة، أكد أن الولايات المتحدة تدعم عمليات عسكرية محددة ضد "حماس"، ولكنها لا تدعم استئناف الاستيطان.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي سيظل جاهزًا لتنفيذ عمليات عسكرية دقيقة، قد تشمل إعادة احتلال محور نتساريم ومحور فيلادلفيا، لضمان منع "حماس" من استعادة السيطرة الكاملة على القطاع.
يبدو أن خطة إعمار غزة المطروحة تحمل أبعادًا اقتصادية وسياسية معقدة، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى فرض نموذج حضري جديد يشجع الفلسطينيين على الاستقرار في القطاع وفق شروط جديدة، بينما تبقى إسرائيل ملتزمة بضمان عدم عودة "حماس" للحكم، مع استمرار الجهود الدولية لتحقيق تسوية شاملة. في ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل غزة مرتبطًا بالتفاعلات السياسية الإقليمية والدولية، ومدى نجاح الأطراف المعنية في تحقيق توازن بين إعادة الإعمار والاستقرار الأمني.