على مسرح أكاديمية عمّان، اجتمع الحاضرون مساء السبت في أمسية موسيقية استثنائية حملت عنوان "غزة الشعب الصامد"، حيث ترددت أصداء الأغاني الوطنية، في حدث نظمه مسرح البلد بالتعاون مع معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، بمشاركة الفنان اللبناني الفلسطيني الهوى، أحمد قعبور.
افتتاحية ثورية تحيي ذاكرة النضال
بدأ الحفل بأغنية "يا ثوار الأرض"، التي اشتهرت بصوت المطربة جوليا بطرس، وهي من كلمات الشاعر علي فودة، الذي استشهد خلال الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982. ومع توالي الأغنيات، تفاعل الجمهور بحماس مع "نزلنا ع الشوارع"، الأغنية التي ارتبطت بانتفاضة الحجارة عام 1987، بأداء مميز من فرقة وجوقة معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، بقيادة الفنان تامر الساحوري.
الساحوري أكد أن هذا العرض لم يكن مجرد فعالية فنية، بل رسالة صمود ودعم لغزة، مشيرًا إلى أن ريع الحفل سيخصص لإعادة إعمار مقر المعهد الموسيقي في غزة، الذي تعرض للدمار، ولتمويل برامج دعم الطلبة هناك.
إرث موسيقي فلسطيني يتجدد
تنوعت قائمة الأغنيات التي قُدمت خلال الأمسية، حيث قدمت الفرقة رائعة الراحلة ريم بنا "أحكي للعالم"، تلاها استحضار ذاكرة فلسطين الموسيقية، عبر مختارات خالدة للراحل حسين نازك، ومنها أعمال فرقة العاشقين والفنان أبو عرب، مثل "والله لأزرعك بالدار"، "ع الروزنا"، و"يمّا".
قعبور يشعل المسرح برسائل وطنية
وسط تصفيق حار، اعتلى الفنان أحمد قعبور المسرح، ليستهل فقرته بأغنيته الشهيرة "يا رايح صوب بلادي"، التي كتبها في عام 1983، عقب الاجتياح الإسرائيلي لبيروت. وأثناء أدائه، كاد صوت قعبور أن يختنق تأثرًا، وهو يمسح دموعه بالكوفية الفلسطينية، موجها تحية إلى غزة الصامدة وكل المدن الفلسطينية.
تفاعل الجمهور بلغ ذروته مع أغنيته الخالدة "يا نبض الضفة"، التي صدح معها الجميع "يا نبض الضفة لا تهدأ، أعلنها ثورة". واستذكر قعبور حكاية الشهيدة لينا النابلسي، التي استشهدت عام 1976، مؤكدًا أن الأغنية كانت رسالة لإحياء ذكراها وذكرى جميع الشهداء الفلسطينيين.
تناغم موسيقي يجمع فلسطين والعالم العربي
استمرت الأمسية بتقديم أغنيات فلسطينية وعربية خالدة، منها "ضد" لجورج قرمز، و"يا فلسطينية" للشيخ إمام، و"هات السكة" لمصطفى الكرد، بالإضافة إلى "عنيد أنا" للفنان بشار شموط.
وفي مشهد مهيب، تفاعل الحضور مع "علّي الكوفية" للنجم محمد عساف، والتي أشعلت القاعة حماسةً، تلاها أداء الأغنية الثورية "سلام لغزة" للفنان سهيل خوري، التي أصبحت رمزًا عالميًا للصمود الفلسطيني.
ختام مؤثر بنشيد "موطني" ورسالة وحدة وطنية
قبيل إسدال الستار، عاد قعبور ليقدم رائعته "أناديكم"، التي غناها الحضور وقوفًا، تحية للصامدين في فلسطين. وفي لحظة عفوية، علت أصوات الجمهور مرددة نشيد "موطني"، في مشهد عكس وحدة المشاعر والهوية الفلسطينية.
واختتم قعبور الأمسية بكلمات حملت عتاب المحب، قائلًا: "لا أحب الحديث في السياسة، لكن في ظل الإبادة في غزة وخنق الضفة، من المعيب ألا يكون هناك الحد الأدنى من الوحدة الوطنية الفلسطينية".
"غزة الشعب الصامد": موسيقى تروي قصة نضال لا تنتهي
تجاوز هذا الحفل كونه مجرد عرض موسيقي، ليصبح رسالة وفاء لغزة وأهلها، ورسالة تحدٍ تؤكد أن الفن المقاوم يظل حاضرًا، ينقل صوت فلسطين إلى العالم، ويبعث الأمل في قلوب الصامدين رغم الدمار والتحديات.