شهد شهر يناير 2025 تصاعدًا ملحوظًا في الانتهاكات الرقمية ضد المحتوى الفلسطيني، حيث وثق مركز صدى سوشال أكثر من 350 انتهاكًا رقميًا ضد الحسابات الفلسطينية، بالإضافة إلى 470 حالة تتعلق بالأمن الرقمي. هذه الانتهاكات تعكس استمرار القيود المفروضة على الخطاب الفلسطيني في الفضاء الإلكتروني، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي الكبرى.
تصاعد الانتهاكات الرقمية ضد الفلسطينيين
فيما يتعلق بتوزيع الانتهاكات، سجلت منصات شركة ميتا، بما فيها فيسبوك، إنستغرام، واتساب، ثريدز وماسنجر، النسبة الأكبر من الانتهاكات بواقع 43%، تليها منصة تيك توك بنسبة 35%، ومنصة إكس بنسبة 15%، بينما كانت نسبة الانتهاكات على يوتيوب 7%. كما تم حذف مئات المنشورات الإخبارية الفلسطينية، فيما تعرض الصحفيون الفلسطينيون لأكبر نسبة من القيود الرقمية، حيث بلغت الانتهاكات ضدهم نحو 40% من إجمالي الحالات، بما في ذلك حذف محتواهم وتصاعد حملات التحريض ضدهم.
التحريض الإسرائيلي على منصات التواصل الاجتماعي
فيما يتعلق بالتحريض الإسرائيلي، وثق صدى سوشال 292 منشورًا تحريضيًا خلال يناير 2025، دون احتساب عدد مرات إعادة النشر أو المشاركة. تركزت هذه المنشورات في التحريض ضد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والدعوات لتوسيع العمليات العسكرية في الضفة الغربية، إلى جانب التحريض على تصعيد الاستيطان واستهداف المناصرين الدوليين للقضية الفلسطينية عبر حملات تضليل وتشويه.
تواطؤ الشركات التقنية مع الاحتلال الإسرائيلي
كشف صدى سوشال عن تعاون وثيق بين شركة جوجل وجيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث منحت جوجل إسرائيل وصولًا إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي "جيميني" خلال الأسابيع الأولى من العدوان على غزة. كما قامت الشركة بطرد 50 موظفًا بسبب احتجاجهم على هذا التعاون ضمن مشروع "نيمبوس". طالب صدى سوشال بتوضيح رسمي من جوجل حول طبيعة تعاونها مع جيش الاحتلال، كما دعا الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى فتح تحقيق دولي شفاف حول دور الشركات التكنولوجية في انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين.
تيك توك تحت المجهر بعد تصنيف "Free Palestine" كخطاب كراهية
استمرت منصة تيك توك في فرض رقابة غير مبررة على المحتوى الفلسطيني، حيث قامت بحظر عبارة "Free Palestine" في التعليقات، وتصنيفها على أنها "خطاب كراهية". أدان صدى سوشال هذا الإجراء واعتبره انتهاكًا لحرية التعبير، مطالبًا تيك توك بالتراجع عن هذا التصنيف وإعادة المحتوى المحذوف فورًا. في المقابل، ردت إدارة تيك توك بأن سياساتها لم تتغير، وأن بعض الأخطاء قد تكون ناتجة عن النظام الآلي، مؤكدة أنها ستتابع الشكاوى لضمان عدم تكرار الحظر التعسفي.
ميتا وتغييرات جديدة في سياسات المحتوى
أعلن مارك زوكربيرغ عن تغييرات جديدة في سياسات شركة ميتا، تهدف إلى تعزيز الشفافية والشمولية في إدارة المحتوى الرقمي. أبرز هذه التغييرات تتعلق باستبدال برنامج تدقيق الحقائق الخارجي بنظام "ملاحظات المجتمع"، المشابه للنظام المستخدم على منصة إكس. من المتوقع أن يقلل هذا التغيير من تحيز الجهات الخارجية ضد المحتوى الفلسطيني، لكنه يثير مخاوف بشأن إمكانية استغلاله لنشر معلومات مضللة وتوجيه الرأي العام من خلال "لوبيات التصويت".
اختراقات إسرائيلية تستهدف الصحفيين الفلسطينيين عبر واتساب
كشف صدى سوشال عن هجمات تجسسية استهدفت 100 صحفي وناشط فلسطيني عبر برنامج "جرافيت"، الذي طورته شركة "باراجون سوليوشنز" الإسرائيلية. هذا الهجوم لم يتطلب من المستهدفين النقر على أي روابط، مما يجعله تهديدًا خطيرًا للأمن الرقمي الفلسطيني. سبق أن حذر صدى سوشال في مايو 2024 من استغلال بيانات واتساب لتطوير نظام الذكاء الاصطناعي الإسرائيلي "لافندر"، الذي يتم استخدامه لاستهداف الفلسطينيين بالصواريخ. أعلنت واتساب أنها أرسلت تنبيهات للمستخدمين المتأثرين، وأصدرت "أمر وقف" لشركة باراجون، وأكدت أنها تبحث في خياراتها القانونية لمحاسبة الشركة الإسرائيلية المتورطة في هذه الاختراقات.
دعوات لمساءلة الشركات التكنولوجية بشأن الانتهاكات الرقمية
يشدد صدى سوشال على أهمية الضغط الدولي لمحاسبة الشركات التكنولوجية التي تتواطأ مع الاحتلال الإسرائيلي في تقييد المحتوى الفلسطيني واختراق خصوصية النشطاء. كما دعا إلى تعزيز الشفافية والمساءلة من خلال فتح تحقيقات دولية مستقلة، وتطبيق القوانين الدولية في الفضاء الرقمي لحماية حقوق الأفراد والجماعات من الاستغلال والانتهاكات الرقمية. أكد المركز أن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية عليها دور محوري في ضمان احترام حقوق الإنسان على جميع المنصات الرقمية، بما يضمن عدم تحول التكنولوجيا إلى أداة للقمع السياسي وانتهاك الحريات الأساسية.