مبادرة الحزام والطريق الصينية مقابل الممر الاقتصادي الهندي-الشرق أوسطي-الأوروبي: صراع المشاريع الاقتصادية في الشرق الأوسط ودور قطاع غزة في المعادلة

يشهد الشرق الأوسط تحولات استراتيجية عميقة تعكس تصاعد التنافس الدولي بين الولايات المتحدة والصين، إذ تسعى واشنطن عبر مشروع الممر الاقتصادي الهندي-الشرق أوسطي-الأوروبي (IMEC) إلى خلق مسارات تجارية جديدة تربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط، مما يقلل من الاعتماد على الطرق التقليدية مثل قناة السويس. في المقابل، تعمل الصين على تعزيز مبادرة الحزام والطريق (BRI)، التي تهدف إلى توسيع نفوذها الاقتصادي والتجاري عبر بنية تحتية تربط آسيا بأفريقيا وأوروبا.

لا يقتصر الصراع على الأبعاد الاقتصادية فقط، بل يتداخل مع التحولات السياسية في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بمستقبل غزة، حيث ظهرت تقارير تربط المشروعين بخطط تهجير سكان القطاع ضمن رؤية جيوسياسية أوسع.

IMEC: الخلفية والأهداف

الإعلان والتأسيس

تم الإعلان عن مشروع IMEC خلال قمة مجموعة العشرين في نيودلهي عام 2023، بمشاركة الولايات المتحدة، الهند، السعودية، الإمارات، إسرائيل، والاتحاد الأوروبي. يهدف المشروع إلى إنشاء ممر اقتصادي يعزز التكامل بين آسيا والشرق الأوسط وأوروبا عبر بنية تحتية حديثة تشمل سكك حديدية وموانئ وخطوط طاقة.

أهداف المشروع

تقليل النفوذ الصيني في المنطقة من خلال تقديم بديل لمبادرة "الحزام والطريق".

تحويل إسرائيل إلى مركز لوجستي عالمي عبر ربطها تجاريًا بالهند وأوروبا.

تقليل الاعتماد على قناة السويس كطريق رئيسي للتجارة العالمية.

دعم مشاريع الطاقة البديلة والهيدروجين الأخضر.

تعزيز النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط من خلال التحالفات الاقتصادية.

مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI): الخلفية والأهداف

الإطلاق والتوسع

أطلقت الصين مبادرة الحزام والطريق في عام 2013 كمشروع عالمي يهدف إلى تعزيز الربط التجاري والاقتصادي بين آسيا وأوروبا وأفريقيا. تتضمن المبادرة استثمارات ضخمة في البنية التحتية تشمل الطرق البرية، السكك الحديدية، والموانئ.

الأهداف الاستراتيجية

نشاء شبكة عالمية من البنية التحتية والمواصلات لتعزيز التجارة.

زيادة نفوذ الصين الاقتصادي والسياسي عبر الاستثمار في دول رئيسية.

تعزيز الاعتماد الاقتصادي المتبادل مع دول الشرق الأوسط كمصدر للطاقة والأسواق التجارية.

تقليل النفوذ الأمريكي في آسيا والشرق الأوسط من خلال الاستثمارات طويلة الأجل.

الدول المشمولة في الشرق الأوسط ضمن BRI

إيران: وقعت اتفاقية استراتيجية مع الصين لمدة 25 عامًا تشمل استثمارات بقيمة 400 مليار دولار.

السعودية والإمارات: استثمارات كبيرة في التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية، خاصة في الموانئ.

العراق: الصين أكبر شريك تجاري، باستثمارات تفوق 10 مليارات دولار في مشاريع إعادة الإعمار.

مصر: مشاريع عملاقة في قناة السويس والبنية التحتية.

تركيا: نقطة ربط رئيسية بين آسيا وأوروبا ضمن المشروع.

IMEC والحزام والطريق: التأثير على قناة السويس

تهديد مباشر للقناة

يعد المشروعان تهديدًا مباشرًا لقناة السويس التي تعتمد عليها مصر كمصدر رئيسي للدخل.

يقلل زمن الشحن بين الهند وأوروبا بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالمسار التقليدي عبر قناة السويس.

الحزام والطريق، من خلال مشاريع البنية التحتية في الدول المحيطة بالقناة، قد يحول جزءًا من التجارة بعيدًا عن الممر المصري.

زيادة استخدام الموانئ الإسرائيلية كمحاور نقل بديلة.

دعم مشاريع سكك الحديد في الخليج التي قد تقلل الاعتماد على النقل البحري عبر السويس.

رد الفعل المصري والاستراتيجيات المقابلة

تعزيز التعاون مع الصين لدعم مشاريع قناة السويس ضمن مبادرة الحزام والطريق.

تطوير موانئ البحر الأحمر لمنافسة المشاريع البديلة.

التحالف مع الهند لتعزيز استثمارات البنية التحتية المشتركة.

استغلال غزة كمنطقة اقتصادية بديلة لتقليل الأثر السلبي لـ IMEC على القناة.

غزة بين الاقتصاد والسياسة: هل تكون ورقة في معادلة IMEC وBRI؟

لماذا تُعد غزة عاملاً محوريًا؟

يبرز دور غزة في المعادلة الاقتصادية بسبب موقعها الجغرافي على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، مما يجعلها نقطة استراتيجية يمكن استخدامها لتطوير مشاريع لوجستية تخدم حركة التجارة. لكن الوضع الأمني غير المستقر والمقاومة الفلسطينية يمثلان تحديًا رئيسيًا أمام دمجها في مشاريع اقتصادية كبرى.

مشروع تهجير سكان غزة وتأثيره على المبادرتين

خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ظهرت مقترحات تهدف إلى تهجير سكان غزة كجزء من "صفقة القرن"، حيث تم الحديث عن نقل السكان إلى مناطق بديلة مثل سيناء أو إعادة توطينهم في أماكن أخرى.

إذا تم تنفيذ التهجير، فقد تصبح غزة منطقة اقتصادية ضمن IMEC أو الحزام والطريق، ما يفتح المجال لتوظيفها كحلقة وصل في التجارة العالمية.

في حال استمر الصراع، قد تبقى غزة عائقًا أمام تنفيذ أي من المبادرتين بسبب عدم الاستقرار السياسي.

إسرائيل قد تستفيد من تحويل غزة إلى منطقة اقتصادية دولية ضمن IMEC لتعزيز تجارتها مع الخليج وأوروبا.

التوقعات المستقبلية والصراعات القادمة

استمرار الضغوط على مصر لتعويض الخسائر الاقتصادية الناتجة عن IMEC وBRI.

تصاعد التوترات في غزة نتيجة ارتباط المشروعين بمخططات التهجير وإعادة التوطين.

زيادة التحالفات الاقتصادية بين إسرائيل ودول الخليج على حساب الدور المصري التقليدي في التجارة الإقليمية.

تعزيز النفوذ الهندي والصيني في الشرق الأوسط من خلال بوابة التجارة الجديدة.

احتمالية اندلاع صراعات دبلوماسية حول سيطرة إسرائيل على الممرات التجارية.

الخلاصة

MEC والحزام والطريق ليسا مجرد مشاريع اقتصادية، بل هما جزء من إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط.

غزة تُعد نقطة رئيسية في الصراع الجيوسياسي، وقد تكون محورًا لأي ترتيبات اقتصادية مستقبلية.

مشروع تهجير سكان غزة قد يكون مرتبطًا بخطط تحويل القطاع إلى منطقة اقتصادية ضمن IMEC أو BRI.

مصر تواجه تحديات حقيقية في الحفاظ على أهمية قناة السويس وسط مشاريع جديدة تهدد دورها كعقدة تجارية رئيسية.

إسرائيل تسعى للعب دور محوري في التحولات الاقتصادية المستقبلية بالمنطقة.

يبقى الشرق الأوسط ساحة مفتوحة للصراعات الاقتصادية والسياسية، وستظل IMEC وقناة السويس وغزة والحزام والطريق في قلب هذه التحولات، سواء عبر استبعادها أو عبر دمجها في المشاريع المستقبلية وفق الحسابات الجيوسياسية الجديدة.

 

 

المصدر: خاص وكالة قدس نت للأنباء - القدس المحتلة