احتجاز وتعذيب.. شهادات مروعة من الأسرى الفلسطينيين

سديه تيمان.. "غوانتانامو إسرائيل" يكشف الوجه المظلم للاحتلال

معتقلون.png

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، ظهرت أدلة وشهادات موثقة عن انتهاكات جسيمة بحق الأسرى الفلسطينيين في معسكر "سديه تيمان"، وهو واحد من أكبر مراكز الاحتجاز التي خصصتها سلطات الاحتلال لاحتجاز المدنيين الفلسطينيين.

تقارير حقوقية وشهادات الأسرى المحررين كشفت عن تعذيب ممنهج، إهمال طبي متعمد، واستخدام أساليب القمع النفسي والجسدي بحق المحتجزين، بما في ذلك كبار السن والمرضى والأطفال.

احتجاز غير قانوني وإذلال نفسي وجسدي

يتم احتجاز الأسرى في ساحات مكشوفة تشبه "الأقفاص الحديدية"، حيث يتم تقييد أيديهم وأرجلهم طوال الوقت، ويبقون معصوبي الأعين لساعات طويلة.

يقول الأسير المحرر (ع.س)، الذي قضى ثلاثة أشهر في المعتقل: "كنا نقضي أيامًا طويلة ونحن مقيدون في العراء، تحت الشمس الحارقة والبرد القارس. لم يكن لدينا سوى بطانية قذرة مليئة بالحشرات، ولم يُسمح لنا بتغيير ملابسنا لأكثر من 80 يومًا."

ويؤكد الأسير (م.ع)، الذي تم احتجازه لمدة 45 يومًا"في إحدى المرات، كنت بحاجة لاستخدام الحمام. توسلت للجندي لكنه ظل يضحك، ثم أجبرني على التبول على نفسي أمام الجميع."

غرفة الديسكو.. تعذيب بالصوت والحرمان من النوم

واحدة من أبشع وسائل التعذيب المستخدمة في "سديه تيمان" هي ما يعرف بـ "غرفة الديسكو"، حيث يتم إجبار المعتقلين على البقاء في غرفة مغلقة، تُشغَّل فيها موسيقى صاخبة لمدة 24 ساعة متواصلة، ما يؤدي إلى إرهاقهم نفسيًا وجسديًا.

يقول الأسير المحرر (ف.ح)"بقيتُ في غرفة الديسكو 12 يومًا متواصلًا، لم أستطع النوم بسبب الموسيقى الصاخبة، وكانت أذناي تنزفان دمًا. كانوا يجعلوننا نقف ساعات طويلة دون حركة، وإذا تحرك أحدنا، تعرض للضرب الشديد."

التحقيق تحت التعذيب.. صدمات كهربائية واعتداءات جسدية

شهادات الأسرى تؤكد أن التحقيقات في سديه تيمان تعتمد على أساليب وحشية، تشمل الصعق بالكهرباء، الضرب المبرح، والإهانة المستمرة.

يروي الأسير (ن.أ) تفاصيل تعرضه للتعذيب أثناء التحقيق: "في كل مرة كنت أنكر التهمة التي يحاولون إجبارنا على الاعتراف بها، كانوا يضربونني بالكابل الكهربائي على ظهري، كنت أصرخ من الألم، لكنهم لم يتوقفوا. بعد خمسة أيام، أصبحت غير قادر على المشي."

أما الأسير (م.أ)، فيتحدث عن استخدام الصدمات الكهربائية: "كانوا يربطونني إلى كرسي، ويضعون الأقطاب الكهربائية على يديّ وقدميّ. الصدمة كانت تجعل جسدي يرتجف بشكل لا إرادي. أخبروني أنهم لن يوقفوا التعذيب حتى أعترف، لكنني لم يكن لديّ ما أعترف به."

إجبار الأسرى على التعرية القسرية والاعتداءات الجنسية

تحدثت تقارير حقوقية عن جرائم جنسية ممنهجة داخل معسكر سديه تيمان، حيث يتم إجبار الأسرى على خلع ملابسهم بالكامل كوسيلة للإذلال والتعذيب النفسي.

يقول الأسير (خ.ع)"أجبروني على خلع ملابسي بالكامل أمام الجنود، ثم قاموا بصعقي بالكهرباء على مناطق حساسة. شعرتُ أنني فقدتُ إنسانيتي تمامًا في تلك اللحظة."

ويضيف الأسير (ع.ع)"قضيت ليلة كاملة عاريًا في العراء، تحت البرد القارس. كانوا يمرون بجانبي ويسخرون مني، وأحد الجنود قام بركلي على رأسي بقوة."

حرمان الأسرى من الطعام والرعاية الصحية

إلى جانب التعذيب الجسدي والنفسي، يتم حرمان الأسرى من الغذاء والرعاية الصحية، في ظل ظروف غير إنسانية.

يقول الأسير (ع.س)"لم نكن نحصل على الطعام سوى مرة واحدة يوميًا، وكانت وجبة مكونة من قطعة خبز صغيرة وخيارة، أو طعام فاسد. كنتُ أشعر بالجوع لدرجة أنني فقدت 15 كغم من وزني خلال شهرين."

أما الأسير (م.ح)، الذي يعاني من مرض مزمن، فيقول: "طلبت الدواء عدة مرات، لكنهم رفضوا إعطائي إياه. الألم كان لا يُحتمل، ومع ذلك، لم يسمحوا لي حتى برؤية طبيب."

وفاة أسرى تحت التعذيب.. وأرقام صادمة

وفقًا لتقارير حقوقية، استشهد 54 أسيرًا فلسطينيًا في سجون الاحتلال منذ بدء العدوان على غزة، بينهم عدد كبير داخل معسكر سديه تيمان، نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي المتعمد.

يؤكد أحد الأسرى المحررين: "رأيتُ بأم عيني أسيرًا يموت أمامي بعد أن تعرض للضرب المبرح. كان ينزف من فمه، لكنه لم يحصل على أي رعاية طبية حتى فارق الحياة."

المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية

في ظل هذه الانتهاكات المتزايدة، تطالب المنظمات الحقوقية الدولية بفتح تحقيق فوري ومستقل في الجرائم المرتكبة داخل معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، وعلى رأسها "سديه تيمان".

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان رسمي: "ما يحدث داخل معسكرات الاعتقال الإسرائيلية يشكل جريمة حرب، ويجب محاسبة المسؤولين عنها أمام المحكمة الجنائية الدولية."

خاتمة

تظل معاناة الأسرى الفلسطينيين في معسكر سديه تيمان واحدة من أكبر الجرائم الإنسانية التي يرتكبها الاحتلال، وسط تجاهل دولي مريب. ومع استمرار التعذيب المنهجي، يصبح التدخل الدولي الفوري أمرًا حتميًا لوقف هذه الجرائم وضمان محاسبة مرتكبيها.

هل سيبقى المجتمع الدولي صامتًا أمام هذه الجرائم، أم أن الوقت قد حان لمحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الأسرى الفلسطينيين؟

 

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة