في خطوة تصعيدية جديدة، تسعى إسرائيل إلى شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال إخلاء مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية وفرض قيود على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في مسعى واضح لإنهاء دور المخيمات كرمز لحق العودة الفلسطيني.
إخلاء مخيمات شمال الضفة وفرض السيطرة العسكرية
أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن الاحتلال قام بإجلاء 40 ألف فلسطيني من مخيمات جنين، طولكرم، نور شمس، والفارعة، زاعمًا أنها أصبحت "خالية من السكان"، فيما أوقف الجيش الإسرائيلي أنشطة "الأونروا" داخل هذه المخيمات.
وقال كاتس في بيان رسمي: "أصدرت تعليماتي للجيش الإسرائيلي بالاستعداد للبقاء في المخيمات التي تم إخلاؤها حتى العام المقبل، ومنع عودة السكان إليها لمنع نمو الإرهاب من جديد".
استهداف مخيمات اللاجئين.. خطوة ممنهجة لإنهاء "الأونروا"
منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، بالتزامن مع وقف إطلاق النار في غزة، ركز الاحتلال على إخلاء أربعة مخيمات رئيسية: مخيم جنين مخيم طولكرم مخيم نور شمس مخيم الفارعة
وجاء هذا التصعيد متزامنًا مع إعلان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن إرسال دبابات إلى شمال الضفة لأول مرة، حيث أشار إلى مخيم الفارعة بالاسم في خطابه الأخير، مؤكدًا: "نحن نقاتل بكل الوسائل وفي كل مكان".
الأونروا: المخيمات أصبحت غير صالحة للسكن بعد أسابيع من العنف
حذّرت وكالة "الأونروا" في تقرير حديث لها من أن المخيمات الفلسطينية في شمال الضفة الغربية أصبحت شبه غير صالحة للسكن بعد أسابيع من العنف والدمار المستمرين، حيث اضطر عشرات الآلاف من سكانها للنزوح.
وأوضحت الوكالة أن العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين منذ 21 يناير 2025 تُعد الأطول منذ الانتفاضة الثانية، مما أدى إلى تشريد الآلاف من سكان المخيمات، خاصة في جنين، نور شمس، طولكرم، والفارعة.
القوات الإسرائيلية تقتحم مرافق الأونروا وتستخدمها كمواقع احتجاز
لم يقتصر التصعيد الإسرائيلي على استهداف السكان والمنازل، بل امتد ليشمل مرافق "الأونروا" نفسها. وفي 12 فبراير 2025، اقتحمت القوات الإسرائيلية بالقوة المركز الصحي التابع للأونروا في مخيم العروب، جنوب الضفة الغربية، واستخدمته كموقع احتجاز مؤقت. واعتقلت قوات الاحتلال عشرات الفلسطينيين من سكان المخيم، وقامت باستجوابهم داخل المركز الصحي دون أي تصريح رسمي من الوكالة الدولية.
40 ألف لاجئ فلسطيني مشردون.. والأزمة الإنسانية تتفاقم
وفقًا لوكالة الأونروا، فقد تسببت العمليات العسكرية في تهجير أكثر من 40,000 لاجئ فلسطيني من المخيمات الأربعة، فيما تواصل قوات الاحتلال عرقلة أي جهود إغاثية لإعادتهم إلى منازلهم.
وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) أن: مخيم جنين يكاد يكون خاليًا بالكامل من سكانه. ومخيم نور شمس شهد تهجيرًا كاملًا تقريبًا. بالاضفة إلى آلاف السكان نزحوا من مخيمي طولكرم والفارعة، في ظل استمرار العمليات العسكرية.
العائلات النازحة تواجه أوضاعًا مأساوية في ظل ارتفاع الإيجارات ونقص مراكز الإيواء
وأوضح تقرير "أوتشا" أن معظم الأسر النازحة تواجه صعوبات متزايدة في العثور على مأوى، حيث: لجأت العديد من الأسر المهجّرة من مخيم الفارعة إلى مدن جنين، طوباس، ونابلس. تقيم بعض الأسر في مساكن مستأجرة، لكن ارتفاع الأسعار يفاقم معاناتهم. 100 أسرة تعيش حاليًا في ستة مراكز إيواء بطولكرم.65 أسرة في مركزَيْ إيواء عامَّين في جنين، بينما تعمل الجهات الإغاثية على تجهيز مدرستين لاستيعاب المزيد من النازحين.
مخطط إسرائيلي لإنهاء "الأونروا" وطمس قضية اللاجئين
لطالما اعتبرت إسرائيل أن إزالة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ووقف عمل "الأونروا" هما خطوتان ضروريتان لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين.
ويرى محللون أن هذه السياسة تهدف إلى طمس الهوية الوطنية الفلسطينية وإنهاء المطالبات بحق العودة، في ظل تصعيد ممنهج ضد اللاجئين الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة.
دعوات دولية للتحرك العاجل
مع استمرار عمليات التهجير القسري واستهداف مخيمات اللاجئين، تتزايد المطالبات الدولية بوقف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، وسط تحذيرات من أن إجراءات إسرائيل تهدد بإحداث أزمة إنسانية طويلة الأمد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.