في ليلة تُعد الأشد برودة منذ عام 1990، يعيش سكان قطاع غزة مأساة إنسانية متزايدة، حيث يتفاقم الوضع سوءًا مع انعدام سبل التدفئة ونقص المواد الأساسية للحياة. ومع تواصل تداعيات الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، يواجه الفلسطينيون في القطاع صراعًا يوميًا من أجل البقاء، وسط ظروف قاسية تهدد حياتهم، وخاصة الأطفال.
وفيات بسبب البرد القارس
الدكتور سعيد صلاح، المدير الطبي لمستشفى أصدقاء المريض في غزة، أطلق نداء استغاثة مؤلم، قائلاً: "توفي ثلاثة أطفال نتيجة البرد الشديد، وهناك حالات أخرى خطيرة. نناشد الجهات المختصة بتوفير كرفانات ومخيمات ووقود لتأمين الدفء للناس وحماية الأطفال، خاصة مع قدوم منخفض جوي جديد. الوضع مأساوي، والناس بحاجة ماسة للمساعدة، فلا يمكن ترك الأطفال عرضة لموجات البرد القارس دون مأوى دافئ."
وأشار الطبيب إلى أن الطواقم الطبية تكافح لإنقاذ الأرواح وسط نقص حاد في الموارد الطبية والتجهيزات، ما يزيد من صعوبة التعامل مع الحالات الحرجة الناجمة عن الانخفاض الحاد في درجات الحرارة.
المدير الطبي لمستشفى أصدقاء المريض في غزة الطبيب سعيد صلاح: توفي 3 أطفال نتيجة البرد الشديد وهناك حالات أخرى خطيرة، ونناشد الجهات المختصة بتوفير كرفانات ومخيمات ووقود لتأمين الدفء للناس وحماية الأطفال، خاصة مع قدوم منخفض جوي جديد. pic.twitter.com/JR3f14dHu7
— وكالة قدس نت للأنباء (@qudsnet) February 24, 2025
14 شهرًا من المعاناة والحرمان
منذ أكثر بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة ورغم دخول وقف إطلاق النار لا زال سكان قطاع غزة يعيشون في ظل ظروف إنسانية كارثية، حيث دُمرت آلاف المنازل، واضطر عشرات الآلاف للعيش في خيام أو مساكن مؤقتة تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
مراسل وكالة قدس نت شمال قطاع غزة تابع أوضاع المواطنين ويقول أبو أحمد، أحد النازحين الذين فقدوا منزله، "لم يعد لدينا ما نحتمي به من هذا البرد القارس. الخيام أصبحت مهترئة، والأغطية بالكاد تحمينا، ولا يوجد لدينا وقود أو خشب كافٍ لإشعال النار. أطفالي يرتجفون من البرد طوال الليل، ولا أملك شيئًا لأوفر لهم الدفء."
أما أم محمود، التي تعيش مع أطفالها الخمسة في خيمة قرب أحد مراكز الإيواء وسط مدينة غزة ، فتقول بحسرة: "في الليل، ننام ونحن نرتجف، نحاول أن نتدثر بما لدينا من بطانيات رقيقة، لكن البرد يتسلل إلينا من كل مكان. لم أشعر بهذا البرد القارس منذ سنوات، لكنه الآن أكثر قسوة لأننا بلا مأوى حقيقي يحمي أطفالنا."
نقص حاد في وسائل التدفئة والمساعدات
ويعاني قطاع غزة من أوضاع مأساوية وكارثية وفقًا لجميع البيانات الحكومة ومؤسسات الإغاثة، فإن الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوءًا مع استمرار العجز في توفير المواد الأساسية للتدفئة، مثل الغاز والسولار والبطانيات، الملابس الشتوية، وحتى أبسط مستلزمات التدفئة كالحطب والوقود.
يقول أحد العاملين في مخيمات النازحين تاتينا حالات كل دقيقة تطلب وسائل للتدفئة لكن ما لدينا من مساعدات لا يكفي لتغطية احتياجات العائلات المتضررة. الناس بحاجة جميع الوسائل اقلها الملابس الشتوية، البطانيات، والكرفانات، لكن حجم الاحتياجات يفوق بكثير ما يمكن توفيره حاليًا. نحن نحاول تقديم المساعدة قدر المستطاع، لكننا بحاجة إلى استجابة دولية عاجلة."
مناشدة عاجلة لإنقاذ العائلات
وسط هذه الظروف القاسية، يطلق سكان غزة وفرق الإغاثة نداءً عاجلاً إلى الجهات المختصة، والمنظمات الإنسانية، والدول الصديقة، للمساعدة في توفير المأوى الدافئ والتدفئة الضرورية لإنقاذ الأرواح، خصوصًا مع دخول منخفض جوي جديد يزيد من حدة الأزمة.
في الوقت الذي تزداد فيه المأساة، يترقب آلاف الفلسطينيين في غزة أي بصيص أمل يمكن أن يخفف عنهم وطأة هذا الشتاء القاسي. فهل تتحرك الجهات الدولية لإنقاذ حياة الأطفال والعائلات المنكوبة قبل فوات الأوان؟