المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: الاحتلال الإسرائيلي يواصل جرائمه في غزة وسط تفاقم الكارثة الإنسانية

قطاع غزة تدمير.jpg

يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بأشد العبارات، استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم القتل والقصف في قطاع غزة، مع مواصلتها إغلاق المعابر واستخدام التجويع كأداة حرب، وسط تصاعد التهديد باستئناف الهجوم العسكري الواسع على القطاع، في إصرار على مواصلة جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.

تأتي هذه التطورات مع استمرار تنصل إسرائيل من جانب واحد من اتفاق وقف إطلاق النار، ورفضها بدء مفاوضات المرحلة الثانية منه، ما يعني تآكل الاتفاق تدريجيًّا، مع تهديدها بتنفيذ ما أطلقت عليه “خطة الجحيم”، التي تشمل تهجير سكان شمال القطاع إلى جنوبه مجددًا، وقطع الكهرباء، واستئناف حرب الإبادة بالكامل.

وفي أحدث جرائم القتل، أطلقت قوات الاحتلال المتمركزة خارج الشريط الحدودي مع مصر جنوب مدينة رفح، عند حوالي الساعة 07:30 صباح السبت 8 مارس 2025، نيران أسلحتها الرشاشة تجاه منازل السكان في حي السلام جنوب مدينة رفح، ما أدى إلى مقتل المواطن عبد المنعم علي حمدان قشطة (53 عامًا) داخل منزله، على بعد حوالي 600 متر من الشريط الحدودي المذكور.

كما قصفت طائرة مسيرة إسرائيلية، عند حوالي الساعة 07:00 صباح اليوم نفسه، مجموعة من السكان في بلدة الشوكة شرق مدينة رفح، ما أدى إلى مقتل الشابين محمود حسين فرحان الهسي (37 عامًا) ومهدي عبد الله نادي جرغون (39 عامًا).

ويأتي تكرار القتل والاستهدافات من الاحتلال الإسرائيلي في رفح، في وقت تشهد كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث تعرضت لمسح ممنهج على مدار الأشهر الماضية، ما صعّب عودة السكان إليها بعد وقف إطلاق النار الهش. كما أن استمرار تمركز قوات الاحتلال بعمق نحو كيلو متر من الحدود مع مصر جنوبًا، وكذلك الحدود شرقًا، مع إطلاق النار من قوات الاحتلال تجاه كل من يحاول تفقد منزله، ووصول إطلاق النار إلى عمق المدينة، يجعل عودة السكان إليها شبه مستحيلة. هذا المشهد الكارثي يعكس سياسة التطهير والتهجير القسري، مع غياب أي تحرك دولي فاعل لوقف هذه الجريمة بحق سكان رفح وحقهم في العيش بأمان في مدينتهم.

وصباح اليوم أيضاً، أصيب خمسة مواطنين بجروح بعدما ألقت طائرة “كواد كابتر” إسرائيلية قذيفة على كراج لآليات تعمل على فتح الشوارع في بيت حانون شمال غزة. كما أصيب ظهرًا طفل وطفلة بإطلاق نار من قوات الاحتلال تجاه عبسان الكبيرة شرقي خانيونس.

وفي يوم الجمعة 7 مارس 2025، عند حوالي الساعة 14:30، أطلقت طائرة إسرائيلية مسيّرة صاروخًا تجاه مواطنين في شارع المنصورة شرق حي الشجاعية شرقي غزة، ما أدى إلى مقتلهما، وهما: علاء عماد اسليم ومحمد صبحي اسليم.

وفي مساء الخميس 6 مارس 2025، قصفت طائرة إسرائيلية مسيّرة مجموعة من المواطنين شرق حي الشجاعية، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم، وهما محمد العرعير وابن شقيقه نبيل العرعير، وإصابة ثالث بجروح. وفي حادثٍ آخر بعد ذلك بساعة تقريبًا، قتلت قوات الاحتلال المواطن هيثم عبد الكريم أبو شنب في الحي نفسه، أثناء بحثه بين أنقاض منزله المدمر عن ملابس، بعد أن استهدفته بصاروخ من طائرة مسيّرة.

وفي يوم الثلاثاء 4 مارس 2025، عند حوالي الساعة 15:00، أطلقت طائرة مسيرة إسرائيلية أعيرة نارية تجاه مجموعة من المواطنين في شارع المصريين شرق مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل الشاب أحمد عيد عبد العزيز المصري (19 عامًا) جراء إصابته بعيار ناري في الصدر.

وفي وقت متزامن، فتحت آليات الاحتلال المتمركزة قبالة منطقة الفرطة شرق بيت حانون نيران أسلحتها الرشاشة تجاه عدد من الخيام العشوائية التي أقامها المواطنون قرب منازلهم المدمرة، ما أدى إلى مقتل المواطنة حنين علي سلامة الكفارنة (23 عامًا) جراء إصابتها بعيار ناري في الصدر، كما أصيب ثلاثة مواطنين آخرين، بينهم طفلان، بأعيرة نارية.

ومنذ وقف إطلاق النار، وثق باحثو المركز العديد من الغارات وعشرات حوادث إطلاق النار من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي لا تزال تتمركز داخل قطاع غزة، سواء على الحدود الفلسطينية – المصرية جنوب رفح، أو على طول الشريط الحدودي شرقي قطاع غزة.

ولا تزال قوات الاحتلال الإسرائيلي تغلق معابر غزة وتمنع دخول جميع البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة منذ 2 مارس 2025، بالتزامن مع انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار. وقد أدى هذا القرار إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها2.3  مليون إنسان في قطاع غزة، حيث لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع رغم وقف إطلاق النار، بسبب تداعيات حرب الإبادة الجماعية، وتدمير إسرائيل لأكثر من 70%  من مباني القطاع، بالإضافة إلى الافتقار للخدمات الإنسانية في أماكن الإيواء المؤقتة.

وإذ يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان جرائم قتل المدنيين، فإنه يطالب المجتمع الدولي بضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على استمرارية وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما يضمن حماية فعالة للمدنيين، والحد من الآثار المدمرة لجريمة الإبادة الجماعية التي يتعرضون لها.

ويذكّر بأن قرار إسرائيل إغلاق المعابر ومنع إدخال المساعدات يمثل خرقًا فجًّا وواضحًا للقرار الصادر عن محكمة العدل الدولية في 28 مارس 2024، والذي أمر بالإجماع باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية والفاعلة لضمان دخول إمدادات الغذاء الأساسية لسكان قطاع غزة دون تأخير.

ويطالب المركز بإلزام دولة الاحتلال بتنفيذ قرارات المحكمة الدولية ورفع الحصار، والتراجع عن قرار إغلاق المعابر، وتسهيل دخول المساعدات والأجهزة والمعدات والبضائع الضرورية لتأمين احتياجات سكان قطاع غزة، الذين عانوا من التجويع ونقص الخدمات الأساسية طوال الأشهر الماضية، وهم بحاجة إلى إيواء مناسب وعاجل.

ويدعو المجتمع الدولي إلى الالتزام الكامل بأحكام القانون الجنائي الدولي ومبادئ العدالة الدولية، والعمل بحسم على محاسبة دولة الاحتلال وقادتها والمسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني، وتقديمهم إلى العدالة أمام المحاكم الدولية والوطنية المختصة، محذرًا من أن التقاعس عن اتخاذ هذه الإجراءات يكرس الإفلات من العقاب ويضعف سيادة القانون على الصعيد العالمي.

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - قطاع غزة